نفّذت السلطات السعودية، يوم الإثنين، حكم الإعدام بحق مواطنين اثنين بعد إدانتهما بتهم تتعلق بما وصفته بـ"الجرائم الإرهابية"، ليرتفع بذلك عدد الإعدامات المنفذة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة إلى 17 حالة، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).
ووفقًا للتفاصيل الصادرة عن الوكالة، جرت عملية الإعدام في مدينة مكة المكرمة، وشملت مواطنين سعوديين أدينا بـ"الانضمام إلى تنظيم إرهابي، ومحاولة قتل رجال أمن من خلال إطلاق النار عليهم، بالإضافة إلى تصنيع وحيازة مواد متفجرة".
وتأتي هذه الإعدامات في سياق حملة متسارعة تنتهجها المملكة في تنفيذ أحكام الإعدام، وسط تصاعد لافت في الأرقام، إذ بلغ عدد الأشخاص الذين نُفذ فيهم الحكم خلال عام 2025 حتى تاريخه 239 شخصًا، ما يشير إلى احتمالية تجاوز عدد الإعدامات المسجلة في عام 2024، والذي وصل إلى 338 إعدامًا، في سابقة تُعدّ الأعلى خلال السنوات الأخيرة.
واللافت أن غالبية من نُفذ فيهم حكم الإعدام خلال الأيام الماضية هم من الأجانب الذين أُدينوا في قضايا تهريب المخدرات، ما يسلط الضوء على تشديد المملكة لعقوباتها المرتبطة بالجرائم الكبرى، رغم الانتقادات الدولية المتواصلة التي تطالبها بتقليص تطبيق عقوبة الإعدام واعتماد آليات قضائية أكثر شفافية وتدرجًا في العقوبة.
جاء ذلك بعدما أوردت مساء الأحد أن السلطات أعدمت في منطقة نجران (جنوب) صوماليا وخمسة إثيوبيين "لإدانتهم بتهريب الحشيش المخدر إلى المملكة".
وكانت المملكة أعدمت السبت ثمانية أشخاص في يوم واحد، بينهم سبعة أجانب مدانين بتهريب مخدر الحشيش أعدموا في منطقة نجران أيضا.
ولم تنفذ المملكة هذا العدد الكبير من الإعدامات في فترة وجيزة منذ مارس 2022 حين أعدمت 81 شخصا بتهم مرتبطة بالإرهاب في يوم واحد في واقعة أثارت تنديدا دوليا كبيرا.
ومنذ مطلع العام 2025، أعدمت السعودية 161 شخصا في قضايا متعلقة بالمخدرات، ما يشكّل غالبية أحكام الإعدام البالغة 239، وفق تعداد لوكالة فرانس برس استنادا الى بيانات رسمية.
وأعدمت السعودية خلال العام الجاري 136 أجنبيا بينهم 125 شخصا في قضايا مرتبطة بالمخدرات.
وشكّلت الإعدامات المرتبطة بتهريب الحشيش 13 من الإعدامات الـ17 الأخيرة.
وتقول جيد بسيوني، مسؤولة قسم عقوبة الإعدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمنظمة "ريبريف" المناهضة للإعدام ومقرها لندن، إن "عام 2025 شهد ارتفاعا ملحوظا في عمليات الإعدام المتعلقة بجرائم المخدرات المرتبطة بالحشيش".
وأضافت لفرانس برس بالإنكليزية "هذا أمر مثير للقلق بشكل خاص في ظل التوجه العالمي نحو إلغاء تجريم حيازة الحشيش وتعاطيه".
وأفاد خبراء وكالة فرانس برس بأن الارتفاع اللافت في عدد الإعدامات مرتبط بإطلاق السلطات السعودية "حربا على المخدرات" في العام 2023، في سياق التصدي لاستخدام متنام للكبتاغون، وهو نوع من الميثامفيتامين، في المملكة التي تُعد من أكبر أسواق هذه المادة في الشرق الأوسط، بحسب الأمم المتحدة.
وشهدت الحملة التي تضمنت نشر الشرطة نقاط تفتيش على الطرق السريعة وداخل الأحياء في أرجاء البلاد، توقيفات كثيرة. وأُعلن مذاك عن مصادرة ملايين الحبوب المخدرة واعتقال عشرات المهربين والمروّجين.
ولم ترد السلطات على أسئلة فرانس برس الشهر الماضي حول أسباب تسارع تنفيذ عمليات الإعدام في قضايا المخدرات خصوصا.
واستأنفت السعودية أواخر 2022 تطبيق أحكام الإعدام في حق مُدانين بجرائم مخدرات، بعد تعليق تنفيذ هذه العقوبة في قضايا كهذه لنحو ثلاث سنوات. فأعدمت 19 شخصا في 2022 وشخصين في
2023 و117 في 2024، وفق تعداد فرانس برس.
وتقول منظمات تدافع عن حقوق الإنسان إنّ هذه الإعدامات تقوّض مساعي السعودية لتحسين صورتها عبر إدخال إصلاحات اجتماعية واقتصادية ضمن "رؤية 2030".
لكنّ السلطات السعودية تؤكد أنها تنفذ أحكام الإعدام بعد استنفاد المتهمين جميع درجات التقاضي، مشددة على أنّها حريصة على "استتباب الأمن وتحقيق العدل"، إضافة الى حرصها على "محاربة المخدرات بأنواعها".