أمس الثلاثاء، كان يوافق الذكرى السنوية السابعة لعملية “حدّ السيف”، والتي أحبطت فيها كتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة “حماس”، بقيادة الشهيد نور الدين بركة، عملية استخبارية إسرائيلية نوعية.

 

ونفذت كتائب القسام العملية مساء يوم الأحد الحادي عشر من نوفمبر لعام 2018، حينما تسللت قوة إسرائيلية خاصة، تُعد من أكبر الفرق، لمدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، باستخدام مركبة مدنية، ليكتشف أمرها قوة أمنية تابعة للقسام.

 

ونشرت كتائب “القسام” وقتها، تفاصيل العملية، والتي أذهلت الجميع في القدرة العسكرية للكتائب في مواجهة، القدرات الأمنية الإسرائيلية.

 

ففي مساء الأحد الموافق 11/11/2018م تسللت قوةٌ إسرائيلية خاصة مستخدمةً مركبةً مدنية في المناطق الشرقية من خانيونس، حيث اكتشفتها قوةٌ أمنية تابعة للقسام، وقامت بتثبيت المركبة والتحقق منها، كما حضر إلى المكان القائد الميداني نور الدين بركة للوقوف على الحدث.

 

وعلى أثر انكشاف القوة بدأ مقاتلو “القسام”، بالتعامل مع القوة، ودار اشتباك مسلح، أدى إلى استشهاد القائد الميداني نور الدين محمد بركة والمقاوم محمد ماجد القرا.

 

وحاولت المركبة الفرار بعد أن تم إفشال عمليتها، وتدخل الطيران الإسرائيلي، بكافة أنواعه في محاولة لتشكيل غطاءٍ ناريٍ للقوة الهاربة، حيث نفذ عشرات الغارات.

 

واستمرت عناصر “القسام” بمطاردة القوة الإسرائيلية، والتعامل معها حتى السياج الفاصل رغم الغطاء الناري الجوي الكثيف، وأوقعت في صفوفها خسائر فادحةً حيث اعترف الاحتلال بمقتل ضابطٍ كبير وإصابة آخر من عديد هذه القوة الخائبة.

 

وهبطت طائرةٌ مروحيةٌ عسكرية صهيونية قرب السياج وقامت تحت الغطاء الناري المكثف، بانتزاع القوة الهاربة وخسائرها الفادحة.

 

واستهدف عناصر “القسام الطائرة من مسافةٍ قريبة، فيما أغارت الطائرات الحربية على المركبة الخاصة بالقوة المتسللة في محاولة منها للتخلص من آثار الجريمة والتغطية على الفشل الكبير الذي منيت به القوة.

 

وارتقى مع القيادي بركة، أثناء عمليات المطاردة والاشتباك المباشر، علاء الدين فوزي فسيفس ومحمود عطا الله مصبح ومصطفى حسن أبو عودة وعمر ناجي أبو خاطر إضافة إلى الشهيد المجاهد خالد محمد قويدر من ألوية الناصر صلاح الدين.

 

وضمت القوة الإسرائيلية 15 عنصرًا والذين تسللوا عبر السياج الحدودي تحت ستار الضباب.

 

وهرب الاحتلال المعدات الخاصة بالعملية والإمدادات اللوجستية للقوة الخاصة عبر معبر كرم أبو سالم جنوبي القطاع، حسبما كشفت كتائب “القسام”.

 

كما استخدمت القوة المتسللة هويات شخصية مزورة بأسماء أسر حقيقية من قطاع غزة، وأوراقًا مزورة لجمعية خيرية، وكانت عضوة في هذه الوحدة، ترددت على القطاع تحت غطاء مؤسسة خيرية دولية.

 

الرد وتوازن القوى

 

وردت كتائب “القسام” على عملية القوة الإسرائيلية بجولة تصعيد قصيرة، أثبتت وعي المقاومة وحساباتها المتوازنة للأمور.

 

ففي 12 نوفمبر لعام 2018م استهدفت كتائب “القسام” حافلة للجنود الإسرائيليين، في منطقة أحراش مفلاسيم شرقي جباليا شمالي القطاع، بصاروخٍ موجهٍ من طراز “كورنيت” ما أسفر عن مقتل وإصابة من بداخلها، ونشر القسام شريطًا مصورًا يوثق لحظة استهداف الحافلة وانفجارها.

 

وشهد قطاع غزة بعدها جولة تصعيد قصفت خلالها كتائب “القسام” مستوطنات ومواقع الاحتلال العسكرية بالمئات من الصواريخ محلية الصنع.

 

وكشفت “القسام” لاحقًا أنها أدخلت للخدمة صواريخ جديدة تحمل رؤوسًا حربية ثقيلة استخدمتها خلال حد السيف في دك مدينة عسقلان المحتلة.

 

وأقرت المصادر الصهيونية أن بعض الصواريخ حققت إصابات مباشرة في المباني وأوقعت 3 قتلى وأكثر من 100 إصابة ووصفت الصواريخ بالمتطورة والدقة العالية.

 

انتكاسة عسكرية واستخباراتية

 

ومثلت عملية “حد السيف” نقطة تحول في إدارة الصراع بين المقاومة والاحتلال، حيث حصلت القسام على معلومات ومعطيات مختلفة في العملية، جسدت كنزًا استخباريًا حقيقيًا، وضربة غير مسبوقة لاستخبارات الاحتلال وقوات نخبته الخاصة والسرية.

 

وتركت “حد السيف” تأثيرًا كبيرًا في نخبة الجيش الإسرائيلي وقادته العسكرية والأمنية توِّجت بانتكاسة عسكرية واستخبارية في معركة “سيف القدس” عام 2021.

 

كما أثرّت بشكل كبير في السياسة الداخلية للكيان الإسرائيلي، حيث أجبرت في حينه وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان على تقديم استقالته بعد مرور يومين على العملية.

 

ومن أبرز ما تركته عملية حدّ السيف خلفها، المفاجأة التي شكّلت صدمة لأعلى مستوى لدى قادة الاحتلال، بعد سيطرة كتائب القسّام على أجهزة تقنية ومعدات تحتوي على أسرار كبيرة، حيث تمكّنت “القسام” من خلال الأجهزة والمعدات التي وقعت في حوزته معرفة أساليب عمل وحدات النخبة، ونشاطها الاستخباراتي في فلسطين والعديد من الساحات الأخرى.

 

واستمر صدى عملية “حد السيف”، لسنوات في أروقة الكيان الأمنية والعسكرية، ولاحق الفشل في تحقيق أهداف العملية قادة الاحتلال، حتى بعد مضي سنوات على العملية.

 

وتمر ذكرى “حد السيف” بالتزامن مع وقف حرب الإبادة في غزة، باتفاق أرغم الاحتلال على الرضوخ للمقاومة في تسلم أسراه وجثث قتلاه عبر صفقة تبادل، حيث فشل طوال عامين من الابادة من تحريرهم أو الوصول لأماكنهم، بالرغم من العمل الاستخباراتي والعسكري الكبير، وهو تحدي قادته كتائب “القسام” ضد قيادة الاحتلال، خاصة رئيس حكومة الاحتلال “بنيامين نتنياهو”، الذي راهن طوال الحرب، على جيشه في تحرير أسراه.

 

وتوجت صفقة “طوفان الأحرار” عملية “طوفان الأقصى”، التي لا يزال الاحتلال عاجزًا أمام التحقيق في فشله الاستخباراتي والعسكري في أحداث السابع من أكتوبر 2023.