أعلنت وزارة العمل بحكومة عبدالفتاح السيسي، عن فتح باب التقديم لثلاث فرص عمل فقط، بالتعاون مع إحدى الشركات اللبنانية، للعمل في القطاع الزراعي في لبنان، براتب شهري لا يتجاوز 500 دولار أمريكي، وسط صدمة الكثير من الشباب العاطلين الذين تجاوزت أعدادهم الملايين، في مشهد يعكس عمق الأزمة الاقتصادية التي تعصف بسوق العمل المصري.
"500 دولار وسكن مشترك".. تفاصيل العروض الهزيلة
ووفقًا للبيان الرسمي، فإن الوظائف المتاحة تتعلق بأعمال الزراعة اليدوية، وتشمل حصاد المحاصيل، وبذر البذور يدويًا وعلى مراحل، ورش المبيدات، والعمل بالآلات الزراعية، وهي مهام مرهقة تتطلب مهارات بدنية عالية، في ظل ظروف مناخية صعبة.
كما حددت الوزارة الفئة العمرية المطلوبة ما بين 25 إلى 40 عامًا، بعقد عمل مدته 3 سنوات، مع اشتراط فترة اختبار مدتها 3 أشهر، مع وعود محتملة بزيادة الراتب في حال تجديد العقد.
المديرة العامة للتشغيل، هبة أحمد، صرحت بأن المزايا تشمل السكن المجاني، وتذاكر السفر، والمواصلات الداخلية على نفقة صاحب العمل، بالإضافة إلى التأمين الصحي وفقًا لقانون العمل اللبناني.
لبنان الباحث عن عمالة... ومصر المُصدّرة للعاطلين
المفارقة الصادمة أن هذه الوظائف تأتي في وقت يعاني فيه الاقتصاد اللبناني من أزمات متعددة، أهمها الانهيار المالي وسوء الخدمات العامة، مما يطرح تساؤلات حول جدوى إرسال عمالة مصرية إلى دولة تعاني هي الأخرى من اختناقات اقتصادية حادة.
لكن الأكثر إيلامًا أن هذه المبادرة جاءت من مصر، التي تشهد أزمة بطالة خانقة، وتسريحًا جماعيًا للعمال من المصانع الحكومية والخاصة، بل وحتى من المستشفيات، التي يجري بيعها حاليًا لمستثمرين تحت شعار "الشراكة مع القطاع الخاص"، مما يجعل الدولة في موقع المتخلي عن دوره التنموي في خلق فرص العمل.
نقابات تحذر: بيع المصانع وغياب الرؤية يعمّقان الأزمة
عدد من النقابات العمالية عبّر عن استيائه من نهج الحكومة الحالي، الذي يتمثل في تصفية المصانع، وخصخصة المرافق، وتسريح الموظفين. واعتبر البعض أن الحكومة تتصرف بمنطق التاجر لا الدولة، متسائلين: "لماذا لا تخلق الدولة مشروعات إنتاجية داخل البلاد توظف فيها هذه الأيدي العاملة بدلاً من تصديرها للعمل في ظروف غريبة وبيئات غير مستقرة؟"
"إهانة للكرامة العمالية"
ووصف نشطاء حقوقيون الإعلان الأخير بأنه "إهانة للكرامة العمالية المصرية"، معتبرين أن "الاحتفاء بثلاث وظائف زراعية خارج البلاد لا يعكس إنجازًا بقدر ما يكشف عن أزمة"، حيث تحولت وزارة العمل من مؤسسة لتنظيم سوق العمل الوطني إلى مجرد وسيط لتصدير الشباب في مقابل رواتب ضعيفة.
غياب استراتيجية وطنية للتشغيل
في ظل التراجع المستمر في النشاط الصناعي، وتقلص الاستثمار الحكومي في قطاعات منتجة، تبدو الحكومة وكأنها لا تمتلك خطة قومية لتشغيل الملايين من الشباب، مما يفتح الباب أمام موجة هجرة جديدة – شرعية أو غير شرعية – بحثًا عن فرص ضائعة في الداخل.