تعتزم حكومة عبد الفتاح السيسي قيد أسهم شركتي "وطنية" لبيع وتوزيع المنتجات البترولية، و"صافي" لتعبئة المياه الطبيعية، في البورصة المصرية خلال شهر يوليو الجاري، تمهيدًا لطرح حصص أقلية من الشركتين التابعتين لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة، وفق ما كشفه مصدران مطلعان لوكالة بلومبرج.

ويأتي هذا التوجه في إطار سعي الحكومة لتسريع عمليات التخارج من أصول الدولة لصالح القطاع الخاص، بهدف تعزيز الثقة في التزامها باتفاقها مع صندوق النقد الدولي، قبل حلول مواعيد المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج الدعم المالي، واللتين من المرجح إنجازهما في الفترة ما بين سبتمبر وأكتوبر الأول المقبلين.

 

عروض سابقة رفضتها الحكومة
بحسب المعلومات المتوفرة، كانت الحكومة قد تلقت 11 عرضًا خلال الأشهر الأولى من العام الجاري من مستثمرين محليين وخليجيين (من الإمارات والسعودية وقطر) للاستحواذ على "وطنية" و"صافي". غير أن العروض قُوبلت بالرفض، إذ صرّح مصدر مسؤول بوزارة المالية في ذلك الوقت أن جميع العروض لم ترتقِ لتقييم الحكومة لقيمة الشركتين.

الرفض السابق لم يكن الأول من نوعه، فقد تراجعت شركة "أدنوك" الإماراتية العام الماضي عن صفقة استحواذ كانت تسعى من خلالها للسيطرة على شركة "وطنية"، مرجعة السبب إلى مشكلات تتعلق بعدم كفاية أوراق الملكية، وتضارب بشأن انتظام الشركة في سداد التزاماتها الضريبية، بالإضافة إلى غياب إعادة هيكلة جذرية تؤهلها للطرح الجاد.

 

طروحات بالجملة.. والمطارات على الطريق
تشكل خطط طرح "وطنية" و"صافي" جزءًا من برنامج واسع أعلنت عنه الحكومة في مارس 2023، يشمل طرح حصص في 40 شركة وبنكًا تغطي 18 قطاعًا اقتصاديًا، كإجراء ضمن ما يعرف بـ"وثيقة سياسة ملكية الدولة"، التي تهدف إلى تقليص الدور الحكومي المباشر في الاقتصاد وإفساح المجال أمام الاستثمار الخاص.

وفي منتصف يونيو الماضي، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أنه سيتم طرح أولى المطارات المصرية أمام القطاع الخاص للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري، ضمن ذات البرنامج. كما أكد في تصريحات سابقة في ديسمبر الماضي أن "جميع المطارات ستكون مفتوحة للقطاع الخاص"، وأن الحكومة منفتحة على استقبال أفكار المستثمرين لتعزيز أسطول الطيران المدني المصري.

 

التزامات أمام صندوق النقد.. وتأخير مكلف
تأخر الحكومة في تنفيذ تعهداتها بشأن برنامج الطروحات أثّر على مسار التمويل الدولي، ما دفع صندوق النقد إلى اتخاذ خطوة غير معتادة بدمج المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج دعم مصر، في إشارة واضحة إلى عدم الرضا عن وتيرة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، لاسيما فيما يتعلق بتوسيع دور القطاع الخاص وتقليص ملكية الدولة في السوق.

ويُنتظر أن يراقب صندوق النقد التطورات الجديدة في ملف الخصخصة عن كثب، باعتبارها أحد المؤشرات الأساسية على مدى التزام مصر ببنود الاتفاق الذي تم توقيعه في ديسمبر 2022 للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، والذي توسّع لاحقًا إلى 8 مليارات بعد مفاوضات إضافية أعقبت أزمة العملة وارتفاع الدين الخارجي.