يعتبر ياسر أبو شباب، أحد خريجي مدرسة إبراهيم العرجاني وكلاهما من قبيلة الترابين ويُتهمان بخدمة أجندات استخباراتية في إطار تطبيع أمني واقتصادي مع الاحتلال، تحت ستار دعم السكان.
وعلى خطى العرجاني تحول أبو شباب من تاجر مخدرات ومعتقل سابقًا، إلى “قائد ميداني” يحظى بحماية إسرائيلية ويعمل على تنفيذ مشروع صهيوني بثياب عربية، يُجسّد أبو شباب النموذج الأخطر لمرحلة ما بعد الحرب: خلق نخبة مرتزقة تتحكم بالمساعدات والسيادة والقرار داخل غزة.
لم يعد من شئ يخفى فى القصة ، فقد تكفل كيان الاحتلال رسميا بفضح جماعة المدعو "ياسر أبو شباب"، وهى عصابة من مئات المسلحين تعمل فى مناطق سيطرة الاحتلال جنوب شرق "غزة" ، تحدث عنها فى البداية "أفيجدور ليبرمان" رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير الجيش "الإسرائيلى" الأسبق ، ونعى على حكومة "بنيامين نتنياهو" إقدامها على خطأ فاحش ، قصد به دعمها وتجنيدها وتسليحها لجماعة "أبو شباب" ، وقال أنها ـ أى المجموعة ـ تضم عناصر من "داعش" والسلفية الجهادية ، وأن تسليحها قد يرتد خطرا على "إسرائيل" فى المستقبل.
بعدها لم يكذب "نتنياهو" خبرا ، وأعلن بفخر أنه نجح بالفعل فى تجنيد ما أسماه "حمولت" باللغة العبرية ، أى مجموعات قبلية مساندة وحامية لجنود جيش الاحتلال ، ونعى على "ليبرمان" كشفه لواحد من أسرار الأمن القومى "الإسرائيلى" ، ثم راحت الأغطية تتكشف سريعا ، وظهر "أبو شباب" بنفسه على مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل إعلام أمريكية و"إسرائيلية" ، وادعى أنه ليس عميلا لكيان الاحتلال ، وأن جماعته التى أسماها "القوة الشعبية الفلسطينية" لا تتبع السلطة فى "رام الله" ، وأنها تعادى حركة "حماس" وتدير مظاهرات ضدها .
وزعم أنها تحمى قوافل المساعدات ، وتعطى أهل الجماعة منها ، وتمنع المنظمات الخيرية الفلسطينية التابعة لحركة "حماس" من استلام المساعدات ، ولم يخف "أبو شباب" رغم جهالته وأميته الظاهرة فى طريقة حديثة ، أنه يسعى لحكم ما تيسر من أراضى غزة بديلا عن "حماس" ، ونفى عمله لصالح مخابرات دول عربية معادية للمقاومة الفلسطينية ، وإن اعترف بحدوث مواجهات مسلحة مع "حماس" ، قتل فيها العشرات من أنصاره ومسلحيه ، بينهم شقيق "ياسر" نفسه .
ورغم ما هو ظاهر على السطح من خلافات شخصية بين "نتنياهو" و"رونين بار" رئيس جهاز "الشاباك" المنصرف ، كشفت صحيفة "معاريف" مؤخرا ، أن جهاز "الشاباك" وبإيعاز مباشر من "بار" ، كان المسئول عن إنشاء وتجنيد ما يعرف بعصابة "أبو شباب" ، وذكرت الصحيفة "الإسرائيلية" أن "بار" اقترح على "نتنياهو" تنفيذ خطة تجريبية ، تبدأ بتجنيد مجموعة من الأشخاص المحليين من "غزة" ، معظمهم متورطون فى قضايا مخدرات وتهريب وسرقات.
واعترفت "معاريف" بعد غيرها من وسائل الإعلام "الإسرائيلية" ، أن كيان الاحتلال تولى تسليح مجموعة "أبو شباب" ، وزودهم ببنادق ورشاشات حديثة من مخازن أسلحة غنمها جيش الاحتلال فى معاركه مع "حماس" و"حزب الله" ، وأن الهدف من الخطة اختبار فكرة فرض نفوذ بديل عن "حماس" فى منطقة محددة شرق مدينة "رفح" ، وبحسب "معاريف" ، فإن الأجهزة الأمنية "الإسرائيلية" لا تتوقع الكثير من النتائج من تشكيل "أبو شباب" ، ولا ترى فيه حتى الآن بديلا واقعيا لحركة "حماس" فى "غزة".
ومع أنه لا توجد مؤشرات على قدرة الجماعة على التأثير أو فرض سيطرتها على الأرض بشكل حقيقى ، أو إقامة حكم "شبابستان " بدلا من حكم"حماسستان" أو"فتحستان" المرفوضين علنا من "نتنياهو" ، ومع بدء عمل ما تسميه واشنطن وتل أبيب "منظمة غزة الإنسانية" ، وهى المدارة من قبل ضباط "مارينز" سابقين ، عمل بعضهم فى حروب العراق وأفغانستان ، عادت جماعة "أبو شباب" للظهور إلى السطح علنا ، وبالذات فى المناطق الواقعة بين شرق "رفح" وجنوب شرقى "خان يونس" ، وهى مناطق واقعة تحت السيطرة العسكرية "الإسرائيلية" ، وتخلو من السكان الفلسطينيين بعد طردهم منها وتفجير منازلهم ، ولا يوجد فيها سوى بضع عشرات البدو من قبيلة "الترابين" التى ينتمى إليها "ياسر أبو شباب" .
وسبق لعائلة "أبو شباب" أن أصدرت بيانا للكافة ، أعلنت فيه تبرؤها منه ومن عمالته للعدو "الإسرائيلى" ، ورفعت حمايتها عنه وأهدرت دمه ، ويعتقد "الغزيون" بأغلبيتهم العظمى ، أن "أبو شباب" وجماعته مسئولون عن سرقة المساعدات ، والاستيلاء بالقوة على شاحناتها الداخلة إلى "غزة" عبر معبر "كرم أبو سالم" ، وما يتبقى من المساعدات بعد سرقات "أبو شباب" ، تضعه قوات "منظمة غزة" الأمريكية فى أربع نقاط محددة ، ثلاث منها فى غرب "رفح" الخالية جنوبا ، والرابعة عند خط "نتساريم" جنوب مدينة "غزة"
وقد شهدت النقاط الأربع مجازر مروعة لآلاف الفلسطينيين المجوعين الزاحفين لتلك النقاط ، التى تحولت إلى فخاخ موت ، راح ضحيتها حتى الآن نحو مئتى شهيد فلسطينى وآلاف الجرحى ، وهو ما يكشف ذلك التكامل الجارى على الأرض بين جماعة "أبو شباب" وجيش الاحتلال والقوات الأمريكية ، وسعى الشركاء الثلاثة لإكمال تنفيذ خطة دفع الفلسطينيين إلى الجنوب عند الحدود مع مصر ، وإرغامهم برباعية القصف والقتل والتجويع والإخلاء على الاندفاع إلى سيناء ، واتمام خطة تهجير ملايين الفلسطينيين .
ويقود أبو شباب حالياً مجموعة مسلحة من نحو 300 شخص من سكان غزة، بعضهم من السجناء المفرج عنهم من سجون "حماس". وتزعم الصحيفة الإسرائيلية أن نحو 30 عائلة داخل شرق رفح تؤيده وتوفر له قاعدة دعم محلية، وأنه ومجموعته يتمتعون بحماية نسبية، إذ إن وجود الجيش الإسرائيلي في المنطقة يقلل من احتمال تنفيذ غارات جوية، كما أن هذا الوجود يوفر غطاء ضد انتقام محتمل من "حماس".
جماعة لصوص
و قال عضو المكتب السياسي والمتحدث باسم "حماس" باسم نعيم إن المجموعة ليس لها تأثير كبير في غزة. وأضاف نعيم في تصريحات لصحيفة "نيوزويك" الأميركية أن "لأكثر من 20 شهراً فشلت إسرائيل في خلق بديل فلسطيني للمقاومة لتحقيق أهدافها في غزة، سواء من خلال خلق الفوضى أو إدارة قطاع غزة. والآن، تحاول مرة أخرى من خلال مجموعة من المجرمين والمتطرفين خلق بديل".
وأضاف "هذه المجموعة منبوذة بين الفلسطينيين، بعضهم عملاء وآخرون تجار مخدرات ولصوص، أو متطرفون مرتبطون بـ’داعش‘". وعدَّ نعيم أن "إسرائيل لن تنجح مرة أخرى" في استراتيجيتها، "لأنهم ينسون تعريف (الفيزيائي الألماني ألبرت) أينشتاين للجنون بأنه ’استخدام نفس المدخلات وتوقع نتائج مختلفة‘". وقال نعيم "هذه المجموعات لا تشكل تهديداً لأحد وهي منبوذة فلسطينياً، والشيء الوحيد الذي تستطيع فعله هو القتل واللصوصية".
كانت كتائب القسام قد نشرت مقطع فيديو لاستهداف مجموعة من عناصر عصابة أبو شباب خلال قيامهم بتمشيط منطقة شرق رفح من العبوات الناسفة والأنفاق تحت إشراف جيش الاحتلال الإسرائيلي، وقد أدى التفجير الذي نفذته القسام إلى مقتل 4 من أفراد العصابة.