أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع مساء أمس الأربعاء ما وصفه بـ"بداية العصر الجديد لسوريا"، وذلك عقب القرار الأميركي المفاجئ برفع العقوبات الاقتصادية التي ظلت مفروضة لعقود.
واعتبر الشرع أن القرار "تاريخي وشجاع"، وأكد أن العمل الجاد لبناء سوريا الحديثة بدأ اليوم.

وقال الشرع إن "سوريا مرت بمرحلة مأساوية تحت حكم النظام الساقط"، في إشارة إلى النظام السابق، مضيفاً أن البلاد تحولت خلال تلك المرحلة إلى "بيئة طاردة لأهلها وجيرانها والعالم".
لكنه شدد في الوقت ذاته على أن هذه المرحلة قد طُويت، وأن البلاد تتجه نحو مرحلة من "الانفتاح والتعافي".
 

سوريا لا تقبل القسمة
   وفي موقف سياسي حازم، أكد الرئيس السوري الجديد أن "سوريا لن تكون ساحة لصراع النفوذ، ولن نسمح بتقسيمها"، معتبراً أن قوة سوريا تكمن في وحدتها الجغرافية والمجتمعية.
ووجّه الشرع رسالة صريحة إلى القوى الإقليمية والدولية، مفادها أن بلاده "تفتح أبوابها للاستثمار، لا للمحاور".

كما أشار إلى الانفتاح الدبلوماسي الذي تحقق خلال الأشهر الأخيرة، قائلاً إن "الدبلوماسية السورية فتحت أبواباً كانت مغلقة لسنوات"، وخصّ بالذكر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قائلاً إنه "وعدني حين زرت الرياض بالعمل على رفع العقوبات، وكان عند وعده".
وامتدح كذلك الموقف التركي والرئيس رجب طيب أردوغان، معتبراً أنه "تحمّل الكثير من أجل الشعب السوري، واستضاف ملايين اللاجئين".
 

شكر للدول العربية والغربية
   وأشاد الشرع بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قائلاً إنه "صبر مع الشعب السوري منذ لحظة التحرير"، كما شكر قادة الإمارات والبحرين وسلطنة عُمان والأردن ومصر، لافتاً إلى أن الدول العربية "كانت ركيزة في كسر العزلة المفروضة على سوريا".
كما أثنى على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أبدى استعداده للتعاون، وعلى ما وصفه بـ"الدور الإيجابي" للجاليات السورية حول العالم في الضغط لرفع العقوبات.

وقال الشرع: "فرحتنا ليست في رفع العقوبات فقط، بل في عودة الألفة إلى المنطقة"، مضيفاً أن الطريق نحو إعادة الإعمار لن يكون سهلاً، لكنه "ممكن وقابل للتحقق بفضل وحدة السوريين".
 

تفاؤل رسمي.. سوريا وجهة استثمارية واعدة
   توالت بعد الخطاب تصريحات متفائلة من كبار المسؤولين في الحكومة السورية الجديدة، حيث أشار وزير المالية محمد يسر برنية إلى أن البلاد "واعدة جداً للاستثمار في جميع القطاعات"، وكشف عن خطة شاملة لتحديث النظام الضريبي والمصرفي وقانون حماية الاستثمار، مشيراً إلى أن العمل جارٍ على إعادة النظر في العملة الوطنية وإصدار عملة جديدة قريباً.

في السياق ذاته، قال رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي مصعب بدوي إن العقوبات الأميركية كانت الأكثر قسوة لأنها استهدفت النظام البنكي، مضيفاً أن "رفعها سيؤثر مباشرة في تحسين حياة المواطن من خلال تطوير الخدمات الصحية والتعليمية".

أما وزير الصحة مصعب العلي، فركز على تداعيات العقوبات على القطاع الصحي، مؤكداً أن العديد من شركات الأدوية العالمية كانت ترفض التعامل مع سوريا بسبب تلك العقوبات. وأعلن عن خطة للنهوض بالصناعة الدوائية وتوسيع خدمات الرعاية الصحية عبر إنشاء سجل رقمي للمرضى وتوزيع المستوصفات في الأحياء البعيدة عن مراكز المدن لتخفيف الضغط على المستشفيات.

من جانبه، قال وزير التعليم العالي مروان الحلبي إن العقوبات خلّفت تدهوراً كبيراً في منظومة التعليم الجامعي والبحث العلمي، مشيراً إلى أن رفعها "يمثل اعترافاً دولياً بحق السوريين في التطور"، وأن الحكومة تعمل حالياً على إعادة بناء المؤسسات التعليمية وتحديث البرامج الأكاديمية.