تشهد لجان برلمان السيسي مناقشات واسعة بشأن سيناريوهات إصلاح القانون، وتتركز المناقشات على وضع جدول زمني لتحرير العلاقة الإيجارية يمتد من 5 إلى 10 سنوات، مع الأخذ في الاعتبار موقع العقار وحالته لتحديد حد أدنى مناسب للقيمة الإيجارية.

وملايين الأسر المصرية تنتظر تعديلات الإيجارات القديمة مع مهلة المحكمة التي تنتهي بعد 3 أشهر لعدد وحدات إسكان الإيجار القديم 3 ملايين وحدة، حسب آخر بيانات وزارة الإسكان عام 2017، فيما يؤكد مستأجرون أن عددها يتخطى الـ 10 ملايين وحدة.

وفي جلسة واحدة قبل نحو أسبوع من إبريل 2025 وافق برلمان السيسي نهائيًا على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، ورَوج وكيل لجنة حقوق الإنسان بالمجلس محمد عبد العزيز، لـ4 معلومات خاطئة ومضللة، أثناء تعليقه على نصوص القانون.

ومن بين ما قال إن برلمان السيسي "استجاب ... لآراء نقابة المحامين والصحفيين وكل المختصين بالقانون على ملاحظات قانون الإجراءات الجنائية" إلا أنه بحسب نقابة الصحفيين لم يستجب مجلس النواب، لكل ملاحظات نقابة الصحفيين حول قانون الإجراءات الجنائية كما نال القانون انتقادات من بعض القانونيين، ومنظمات المجتمع المدني، ولم يستجب لآرائهم أيضًا، في حين قالت نقابة المحامين إن المجلس استجاب لملاحظاتها.

 المحامي نجاد البرعي وعبر Negad El Borai قال: ".. اساسا قانون الايجارات اللي بنتناقش دا لقطه قبل الانتخابات . طبعا فيه ناس داخل المنظومة شايفين ان الوضع الحالي في الايجارات القديمه بيضيع علي الدوله فلوس سواء ضرائب دخل او ضرائب عقاريه او حتي استثمار الثروه العقاريه المملكه لجهات رسميه . وان الوضع ده لا يمكن يستمر ".

واستدرك أن "الجهات الأعلى صوتًا شايفه ان دي فرصه قبل الانتخابات البرلمانيه الناس تشوف حزب مستقبل وطن اللي ورط مصر كلها في قانون الاجراءات الجنائيه وهو بيدافع عن المواطن المصري الفقير اللي ممكن يتحبس ماشي لكن ما يخرجش من بيته اللي مأجره بعشره جنيه من خمسين سنه علشان دا ظلم ".

وأضاف، "ويشوف البرلمان اللي ضرب الرقم القياسي في انجاز قوانين تضحي بمصالح حتي اصحاب الحيوانات الاليفه وهو بيحمر عينه للحكومه وبيقول لها لا طبعا احنا بنحب المواطن المصري اللي كل تشريعاتنا ضد مصالح غالبيته لكن معلهش المره دي ".

واستدعى من الذاكرة سخرية كاتب صحفي سابق في عهد المخلوع مبارك وهو "أحمد رجب" وما كتبه في "الوزير جاي" واصفًا المشهد "..وهي بتدور حوالينا وزير بيقوم بزياره "مفاجئه" لكن معروفه لكل الناس اللي رايح يفاجئهم ؛ وازاي مدير المصلحه اجر له كومبارس يمثلوا دور المواطنين كومبارس يمثلوا دور الموظفين واهم حاجه علق يافطه كبير مكتوب عليها " ايها الموظف ..ان المواطن يدفع مرتبك بتمامه ..فهو سيدك البيه وانت خدامه".

وفي ورقة بحثية بعنوان "نظام الإيجار القديم والتحديات التشريعية والعمرانية في مصر"، أشارت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" إلى أن قضية الإيجار القديم، وقالت إنها تمثل واحدة من أكثر القضايا العقارية تعقيدًا في البلاد، نتيجة تراكمات وتداخلات قانونية تاريخية أدت إلى تشابك العلاقة بين الملاك والمستأجرين.

واستعرضت الورقة تأثيرات القانون الجديد المباشرة على العلاقة بين المالك والمستأجر، وعلى سوق العقارات بشكل عام، وانعكاسات هذه الإشكاليات على الاستقرار السكني للفئات المتوسطة ومحدودة الدخل، إلى جانب استعراض الأبعاد الاجتماعية والسياسية المرتبطة بالقضية، مثل خطر الإخلاء القسري، وأثر السياسات الحكومية على التحولات العمرانية في مصر.

وأشار إلى أن نظام الإيجار القديم خال من الركائز الأساسية التي أسهمت في توفير الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لنحو 1.6 مليون أسرة في مصر، من خلال تأمين سكن ميسور التكلفة لشرائح واسعة من السكان. في المقابل، يمثّل هذا النظام عبئًا اقتصاديًا على عدد كبير من الملاك، الذين يجدون صعوبة في تحقيق استفادة عادلة من ممتلكاتهم بسبب تجميد القيمة الإيجارية منذ عقود.

وأكدت أن ملف الإيجارات ظل القديمة عالقًا أمام القضاء لسنوات، دون تدخل تشريعي واضح يعالج اختلال التوازن بين أطراف العلاقة الإيجارية. وقد ساهم هذا الجمود في تعميق الفجوة بين القيمة الإيجارية القديمة وأسعار السوق الحالية، وأتاح الفرصة لظهور طرف ثالث ـ ممثّل في المستثمرين العقاريين ـ يسعى للسيطرة على هذه الوحدات، لا سيما تلك الواقعة في مناطق ذات قيمة عقارية مرتفعة.

ونبهت الفوضية إلى أنه "على الرغم من أن القضية التي قضت فيها المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية مادتين من قوانين الإيجار القديم كانت منظورة أمام القضاء منذ أكثر من 26 عامًا، فإن الحكم لم يصدر إلا بعد تصريحات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي تُشير إلى ضرورة حسم هذا الملف، تلاها تحرك ملحوظ من مجلس النواب المصري".

وأعربت المفوضية عن قلقها من ضيق المهلة الزمنية التي مُنحت للبرلمان لمعالجة هذه القضية، والتي قد لا تتيح المجال لإعداد تشريع متوازن يراعي مصالح طرفي العلاقة الإيجارية.

 

توصيات

واقترحت ورقة المفوضية "اعتماد آلية زيادات إيجارية تدريجية تراعي معدلات التضخم أو الدخل الفعلي للمستأجرين، مع إلغاء امتداد عقود الإيجار بالوراثة باستثناء الزوجة ولمدة انتقالية محددة".

ودعت إلى حصر الوحدات الشاغرة الخاضعة لنظام الإيجار القديم، وتحريرها تدريجياً وفق آليات عادلة، إلى جانب فرض قيود صارمة على الإخلاء أو إنهاء العقود في العقارات المشغولة دون توفير بدائل سكنية مناسبة.

وأكدت على مسؤولية الدولة في دعم المتضررين من الطرفين، عبر إنشاء صندوق لدعم القيمة الإيجارية وتقديم إعفاءات ضريبية للملاك، على أن يُموّل من الدولة وعوائد التصالح في مخالفات البناء.

كما دعت إلى حماية المباني التاريخية من الهدم أو الإخلاء، باعتبارها تراثًا عامًا، وفرض قيود على بيع أو نقل ملكية العقارات المؤجرة قديمًا خلال الفترة الانتقالية، للحيلولة دون المضاربة والاستحواذ من قبل شركات الاستثمار العقاري أو الهيئات الحكومية.