بعد نحو عامين من إعداد مشروع قانون إنشاء قاعدة بيانات الرقم القومي للعقارات، انتهى مجلس النواب من مناقشة جميع مواد المشروع في جلسة واحدة، ليعلن عن إرجاء الموافقة النهائية بسبب عدم اكتمال نصاب التصويت. القانون الذي أثار العديد من التساؤلات والجدل، يهدف إلى إنشاء رقم قومي موحد لكل عقار مما سيُسهم في حوكمة الملف العقاري وتحسين شفافية التعاملات القانونية، لكنه يثير في الوقت نفسه قضايا تتعلق بالأمن القومي والاستثناءات التي تم تضمينها في نصوصه.

 

تفاصيل القانون

   يشمل مشروع القانون إنشاء رقم قومي موحد لكل عقار في مصر، سواء كان مسجلاً أو غير مسجل، ويربطه بكافة البيانات القانونية والفنية والإدارية الخاصة بالعقار.

ويُعد الرقم القومي مرجعًا رئيسيًا في التعاملات العقارية المختلفة، حيث يُلزم جميع الجهات في الدولة باستخدامه في أي تعاملات رسمية تتعلق بالعقارات، من تسجيل أو تقديم خدمات أساسية.

كما يُشرف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بالتنسيق مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، على إنشاء وتحديث هذه البيانات بشكل دوري.

ويشمل القانون أيضًا تشكيل لجنة برئاسة رئيس حكومة عبدالفتاح السيسي لدراسة وتطوير وسائل الربط بين الرقم القومي للعقار والحدود الإدارية للمحافظات.

كما سيتم إصدار بطاقات تعريف أو لوحات يتم ربطها بالعقار للتمكين من تحديد الهوية بشكل فعال.

 

الاستثناءات الأمنية

   تطرأ أبرز النقاط المثيرة للجدل في القانون عند استثناء العقارات ذات الأهمية الاستراتيجية والعسكرية من تطبيق أحكامه، ويُعفى من هذا القانون العقارات التي تقع تحت مسؤولية رئاسة الجمهورية، ووزارتي الدفاع والداخلية، وجهاز المخابرات العامة، وكذلك أي عقار يصنف ضمن الجهات السيادية.

هذا الاستثناء يثير تساؤلات حول مدى تأثير هذه الفئة من العقارات على الشفافية المنشودة في قاعدة بيانات الرقم القومي، خاصةً في ضوء عدم تحديد معايير واضحة حول "الأهمية الاستراتيجية" أو "الاحتياجات الأمنية" لهذه العقارات.

 

الهدف من القانون

   وفقًا لوزير الإسكان شريف الشربيني، يهدف القانون إلى خلق قاعدة بيانات دقيقة وشاملة للعقارات، تساهم في حماية المواطنين من عمليات النصب العقاري، وتعظيم الاستفادة من السوق العقاري المصري.

كما يسعى القانون لتوفير منصة رقمية متكاملة لتسهيل عمليات البيع والشراء عبر الإنترنت، وهو جزء من استراتيجية التحول الرقمي المقررة ضمن رؤية مصر 2030.

وفي هذا الإطار، يهدف القانون أيضًا إلى تصدير الملف العقاري للخارج لجذب مزيد من الاستثمارات، وتحقيق موارد إضافية بالعملة الأجنبية.

 

المخاوف من الرسوم الجديدة

   ومع ذلك، فإن الغرض الفعلي من القانون، بحسب مصادر نيابية، يبدو أنه يتجاوز النوايا المعلنة، حيث يهدف إلى فرض المزيد من الرسوم والضرائب على العقارات، ومنها ضريبة التصرفات العقارية التي تفرض على معاملات البيع.

كما يُتوقع أن تتوسع الحكومة في تحصيل هذه الضريبة، دون وضع حد أقصى على قيمة العقار، ويدور الجدل حول مدى تأثير هذه الرسوم على السوق العقاري، خصوصًا في ظل حالة الركود التي تشهدها بعض قطاعات الاقتصاد.

 

الرفض النيابي

   وعلى الرغم من الإشادة الحكومية بالمشروع، إلا أن بعض النواب انتقدوا القانون، حيث اعتبر رئيس حزب العدل، عبد المنعم إمام، أن القانون "مجرد لافتة جميلة" واصفًا إياه بأنه غير فعّال في معالجة القضايا الجوهرية، مؤكدًا أن مصر في حاجة إلى حلول حقيقية وليس مجرد إجراءات تنظيمية.