في تساؤل جديد ورغبة من المظلومين والمقهورين في مصر، وهذه المرة ليست من رجل أعمال يملك المليارات، بل من مدرسين فقراء يعملون بالحصة طالبوا معاملة بالمثل من قائد الانقلاب العسكري الذي تدخل لاستغاثة رجل الأعمال وصاحب محلات بلبن، والتي استجاب له السيسي رغم الإشاعات الكثيرة التي طالت نشاطه، ليستغيث مدرسو الحصة في المدارس الحكومية بنفس استغاثته.

لكن استغاثة الفقراء والمدرسين لا تلقى صدى عند عبدالفتاح السيسي والذي تعامل معها بالمثل الشعبي "ودن من طين وودن من عجين" ليوثق كلمته المشهورة "هتدفع هوريك اللي عمرك ماشفته" لكن هؤلاء المدرسين الفقراء لن يدفعوا بل يطالبوا بحقوقهم فقط.

 

على غرار  بـ لبن

ودشن العديد من المدرسين على فيسبوك لوجو يشبه شعار "بـ لبن"، كُتب عليه "بالحصة"، مطالبين بتنفيذ الوعود السابقة من مجلس الوزراء ووزارة التربية والتعليم بشأن عقد مسابقة مخصصة لمن عملوا بالحصة على مدار السنوات الماضية، مؤكدين أن تجاهلهم المستمر يهدد مستقبلهم الوظيفي.

كما أكدوا رفضهم القاطع لتكرار سيناريو المسابقات السابقة التي أعلنت عنها الحكومة لسد العجز في المدارس، فرغم تقدم المعلمين بالحصة لها واجتيازهم الاختبارات، لم يعيَّن أي منهم، ومع تجاوز الكثير منهم سن الأربعين انتهت فرصهم في المشاركة بأي مسابقات جديدة نظرًا لشروط السن، حيث تشترط المسابقة ألا يتجاوز سن المتقدم 35 عامًا.

كما سخر أحد المعلمين قائلاً: "السادة المعلمون بالحصة وعلي رأسهم ابلة قشطوطة واستاذ بمبوظة ومستر سالانكاتيه وميس بستاشيو وتحت إشراف السيدة الفاضلة ام علي بالمكسرات وكيل الوزارة، يناشدون السيد وزير الحلو والسادة المسئولين والحكومة بحل مشكلة المدرسين بالحصة علي غرار حل مشكلة اخوانهم بمحلات بلبن فحلوتهم لا تقل حلاوة عن المدلعة.. والله الموفق والمستعان!".

 

تفاصيل الحكاية

وحسب خطاب رسمي صادر عن وزارة التربية والتعليم قبل انطلاق العام الدراسي الحالي، فإن عدد المعلمين المستعان بهم بنظام الحصة يقدر بـ50 ألف معلم، يتقاضى كل منهم 50 جنيهًا للحصة، بحد أقصى 20 حصة أسبوعيًا.

ويتسلَّم معلم الحصة عمله بموجب خطاب توجيهي للمدرسة التي يتم توزيعه عليها، اطلعت المنصة على عدد منها، وذلك بعد موافقة إدارة الأمن التابعة للإدارة التعليمية.

ويشترط الخطاب عدم وجود أقارب له في المدرسة التي يعمل بها، وعدم السماح له بالمشاركة في الامتحانات نهائيًا. ويوقِّع المعلم على إقرار رسمي ينص صراحة على عدم أحقيته بالمطالبة بالتعيين الرسمي.

ولحل أزمتهم، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في 9 أكتوبر الماضي الموافقة على مقترح بجواز الإعلان عن مسابقات لشغل وظائف معلم مساعد بوزارة التربية والتعليم لمن سبق لهم التدريس بالمدارس الحكومية، على أن تُعقد المسابقة في يناير 2025، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

وقتها، اعتبر نائب وزير التربية والتعليم أيمن بهاء الدين على فيسبوك أن إعلان رئيس الوزراء يسمح بإصدار إعلان خاص للتعيين في الوزارة للمعلمين المتعاقدين بالحصة من خلال مسابقة مختلفة عن الإعلان العام لمسابقة الـ30 ألف معلم السنوية.

وقال "المعلم المتعاقد حاليًا بالحصة بالمدارس الحكومية وملتزم بعمله ويقدم فيه أداءً جيدًا ستكون له فرصة خاصة للتعيين منفصلة عن الإعلان العام وذلك تقديرًا لجهودهم واعترافًا بالخبرة التي يكتسبونها من عملهم الفعلي بالتدريس".

مسابقة الـ30 ألف معلم التي أشار إليها بهاء الدين وأعلنت الحكومة عنها لسد العجز الذي تعانيه المدارس لم تمر هي الأخرى دون مشاكل، إذ فوجئ أعداد كبيرة من الناجحين في المسابقة باستبعادهم لأسباب "تمييزية صريحة وبالمخالفة لنصوص الدستور والقانون"، لتعلقها بالوزن الزائد والطول والحمل والولادة الحديثة، أو عدم اجتياز تدريبات للياقة الطبية والبدنية والذهنية وكشف الهيئة، التي عُقدت جميعها في مقر الأكاديمية العسكرية بالقاهرة وتحت إشرافها، وفق بيان سابق للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

كذلك مسابقة الـ36 ألف معلم، ففي العام الماضي، تقدمت عضوة مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي النائبة سناء السعيد بطلب إحاطة عن مصير المسابقة التي تقدم لها 420 ألف معلم ومعلمة وتم اختيار 48 ألفًا، ثم جاءت التصفية النهائية بـ36 ألفًا، تم تدريبهم واستيفاء أوراقهم وتسليمهم خطابات تفيد التوجه للمدارس واستلام العمل، ثم جرى فصلهم دون مبرر بعد القيام بالعمل لمدة 120 يومًا واستخراجهم للمستندات وقيامهم بالتدريبات المطلوبة.

 

الحصة بـ37 جنيهًا.. بلا استقرار وظيفي أو تأمينات

وحول مطالب المعلمين بالحصة، قالوا "نعمل منذ سنوات طويلة بلا استقرار وظيفي أو تأمين صحي أو ضمان اجتماعي، رغم تعهدات الوزارة لنا لا تزال أوضاعنا دون تغيير".

وأضافوا "نحن ضحايا إلغاء التكليف من كليات التربية، وضحايا مسابقات سابقة لم تحمِ حقوقنا، واليوم نعمل في تخصصاتنا بكفاءة بشهادة رؤسائنا، ونطالب الوزارة بتقنين أوضاعنا دون الدخول في مسابقات.

 

جديدة قد تُقصينا من المشهد"

وأشاروا إلى مطالبهم بإصدار قرارات عاجلة من القيادة السياسية لمنحهم عقودًا رسمية تضمن حقوقهم.

ومع تولي محمد عبد اللطيف منصب وزير التربية والتعليم، أقرت الحكومة زيادة في قيمة الحصة إلى 50 جنيهًا، لكن كشك أكد أن قيمة الحصة الفعلية لم تصل إلى 50 جنيهًا، وأن أقصى ما يتقاضاه معلم الحصة في أي إدارة لا يتجاوز 37 جنيهًا.

وردًا على مطالب المعلمين بالحصة، أكد نائب وزير التربية والتعليم أيمن بهاء الدين لـ المنصة أن العمل جارٍ على ملف مسابقات المعلمين وفقًا لتوجيهات الدولة، موضحًا أن معلمي الحصة يحق لهم التقدم لأي مسابقة.

وأوضح أن المسابقة الخاصة بمعلمي الحصة التي أعلن عنها رئيس الوزراء في أكتوبر الماضي ستُطرح قريبًا عقب انتهاء الفصل الدراسي الثاني، لإتاحة الوقت الكافي أمام المتقدمين لاستيفاء أوراقهم.

وحول مطالب تعديل شرط سِن المتقدمين للمسابقات، قال إن ذلك الشرط لا يمكن تجاوزه، حيث تحدده القوانين المنظمة وليس قرارًا وزاريًا، مضيفًا أن الحد الأقصى للسن في هذه المسابقة سيكون 40 عامًا، مرجحًا أن يزيد المطلوب لهذه المسابقة إلى نحو 50 ألف معلم.

ورغم القيود القانونية على شرط السن طمأن نائب الوزير معلمي الحصة ممن تجاوزوا الأربعين عامًا، مؤكدًا أنه لن يتم الاستغناء عنهم، وسيتم التجديد معهم كما هو معمول به حاليًا، في ظل العجز الكبير الذي تعاني منه المدارس، الذي يزيد عن 400 ألف معلم على مستوى الجمهورية.