وجّه عبد الفتاح السيسي، باستبدال الرسوم التي تتقاضاها الجهات والهيئات الحكومية المختلفة بضريبة إضافية موحدة تمثل نسبةً من صافي الربح، وفق بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، فيما وصفه خبراء بأنه قرار غير مدروس سيزيد قيم الضرائب على المستثمر وسيؤدي لهروب المستتثمرين من مصر لبيئة أقل تكلفة.

وتحصّل مصر ضريبة دخل على أرباح الشركات بواقع 22.5% حالياً، وبدأت في الموسم الضريبي لعام 2019 بجمع ضريبة المساهمة التكافلية بواقع 0.26% من إجمالي الإيرادات السنوية للشركات كجزء من قانون التأمين الصحي الشامل.

"حصيلة كبيرة من الضرائب"

تعتزم الحكومة المصرية زيادة حصيلة الضرائب المستهدفة على السلع والخدمات بنسبة 34.4% على أساس سنوي إلى 1.103 تريليون جنيه خلال العام المالي 2025-2026، مدفوعة بارتفاع متوقع في إيرادات ضريبة القيمة المضافة على السلع المحلية والمستوردة بنسبة 50.2% دفعة واحدة.

وتستهدف مصر، التي تشكل الضرائب أكثر من ثلثي إيرادات موازنتها، تحصيل نحو تريليوني جنيه من الضرائب خلال العام المالي الجاري الذي ينتهي في يونيو.

وارتفعت إيرادات الضرائب في مصر خلال النصف الأول من السنة المالية الجارية (2024/2025) بنسبة 38% على أساس سنوي، لتسجل 913.4 مليار جنيه.

يتزامن استبدال الرسوم بضريبة موحدة على ربحية الشركات، بالتزامن مع اعتزام وزارة المالية تحصيل ضرائب ورسوم من الجهات الاقتصادية والأجهزة السيادية، بما في ذلك هيئة المجتمعات العمرانية، بدءاً من العام المالي الجاري، ما سيسهم في تحقيق "حصيلة كبيرة من الضرائب".

قرار غير مدروس

قال أشرف العربي، رئيس مصلحة الضرائب الأسبق، إن أهم المشكلات التي تواجه المستثمرين هي تعدد الرسوم من الجهات المختلفة، وقرار اليوم يساهم في توحيد جهة تحصيل تلك الرسوم، لكن لا بد من أن تكون هناك دراسة اقتصادية جيدة للأمر.

أوضح العربي في تصريحاته ، لا بد من معرفة أثر ذلك على مناخ الاستثمار وهل هو مناسب أم لا، خاصة مقارنة بالأسواق المنافسة التي بعضها نسب الضرائب أقل بكثير من مصر، متوقعًا إجراء تعديل تشريعي من خلال البرلمان لإيضاح قيمة الرسوم أو نسبها من صافي الربح.

يرى العربي أن الأزمة ليست في تحصيل الرسوم من صافي الربح أو قبل ذلك، الأهم بالنسبة للمستثمر هو أن تكون هناك قيمة واضحة لتلك الرسوم وهل القيمة مناسبة للخدمات المقدمة.

خلق مشكلة ضريبية
قال خبير ضريبي، رفض ذكر اسمه، في تصريحات لـ "الشروق" إنه يتعين من حيث المبدأ التمييز بين الرسم وبين الضريبة، على اعتبار أن الرسم يعد من التكاليف واجبة الخصم عند تحديد الوعاء الخاضع للضريبة، بينما تحديدها نسبة من صافي الربح يجعلها استخدامًا للربح ومن ثم لا تعد من التكاليف واجبة الخصم.
أوضح أن هناك من الرسوم ما يتم تحصيلها بشكل دوري ومنها ما يتم تحصيلها مرة واحدة، وإذا أضفنا لذلك أن هذا الإجراء يؤدي إلى تحويل الرسم إلى ضريبة ومن ثم لا تعد من التكاليف واجبة الخصم، فقد يؤدي إلى خلق مشكلة ضريبية في التطبيق.

وذكر أنه بموجب القرار تتحول تلك الرسوم من تكاليف واجبة الخصم إلى استعمال لصافي الربح، موضحًا أن ذلك من الممكن أن يؤدي إلى زيادة الضريبة المستحقة نتيجة زيادة الوعاء الخاضع للضريبة بسبب عدم اعتبارها من التكاليف واجبة الخصم، مما يعني زيادة في معدل الضريبة، مما قد يؤثر على المستثمر الأجنبي في كيفية احتساب الضريبة من أرباحه في الخارج.

ستضيف أعباء إضافية على المواطنين

وأكد خبير الضريبي في تصريحاته، أنه يتعين البحث عن آلية لتعويض الصناديق الخاصة التي يتم تمويلها بهذه الرسوم، وإلا سيتم زيادة مواردها عن طريق زيادة قيمة الخدمات التي تقدمها، ما يؤكد ضرورة وجود آليات لتوزيع الموارد المتوقع تحصيلها من خلال إصدار قانون بكيفية توزيعها على تلك المؤسسات والجهات المختلفة.
وأضاف أن تلك الرسوم تعد مصدرًا من مصادر التمويل للهيئات والجهات المختلفة، وفي حالة وجود قصور في التمويل، فمن الممكن أن يتم تحصيل تلك الرسوم من خلال زيادة في أسعار الخدمات التي تقدمها، ما يفرض أعباء إضافية على المواطن.

أوضح أنه كان من الممكن لتفادي تعدد وتنوع جهات إصدار الرسوم أن يتم تقييد فرضها من خلال توحيد جهة واحدة للموافقة عليها قبل إصدارها.