في الساعات الأولى من فجر الأحد، استيقظت مدينة غزة على دوي انفجار عنيف هزّ أركان المستشفى الأهلي المعروف بـ«المعمداني»، ليحوله إلى كومة من الركام. الغارة الإسرائيلية التي استهدفت أحد أهم المراكز الصحية في المدينة دمّرت مبنى الجراحات وقسم الطوارئ ومحطة الأكسجين، لتعلن بذلك، فعلياً، انتهاء وجود مستشفى مركزي يعمل في مدينة تغرق في الدماء والدمار.
 

غارة بعد تحذير
   
بحسب تصريحات لمصدر طبي داخل المستشفى، سبق القصف اتصالٌ من الجيش الإسرائيلي يطالب فيه إدارة المستشفى بالإخلاء الفوري، لم تمضِ دقائق حتى تحوّلت تلك المكالمة إلى صدى لانفجار أنهى آخر ملاذ طبي للجرحى والمرضى والنازحين.

الناطق باسم الدفاع المدني، محمود بصل، أكد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن الغارة دمّرت المبنى المستهدف بالكامل، مشيراً إلى أن المنشأة أصبحت «خارج الخدمة تماماً».
 

جيش الاحتلال يدّعي و«حماس» ترد
   
فيما قالت إسرائيل إن الهجوم استهدف «مركز قيادة لحماس» داخل المستشفى، رفضت وزارة الصحة في غزة وحركة «حماس» هذه الرواية ووصفتها بـ«المضللة».
وأكد بصل أن الادعاء الإسرائيلي «كاذب وغير صحيح»، فيما طالبت «حماس» بتشكيل لجنة دولية للتحقيق، معتبرةً ما جرى «جريمة حرب جديدة تُرتكب بدمٍ بارد».
 

مدنيون بلا مأوى
   
الغارة لم تسفر عن وقوع إصابات مباشرة، إلا أن آثارها امتدت إلى مئات من المرضى والنازحين الذين كانوا يحتمون في المبنى. في محيط المستشفى، افترش الناس الأرض، ونُصبت خيام عشوائية على جانبي الشارع وميدان فلسطين القريب.

نائلة عماد، وهي أم لستة أطفال، وصفت اللحظة بـ«الكابوس»، وقالت: «خرجنا من تحت القصف ولا نعرف إلى أين نذهب... المستشفى كان آخر ملاذ لنا».
أما خالد دلول، الذي كان يرافق عمه المريض، فقال: «هذا حكم جماعي بالإعدام... لا مكان نذهب إليه، لا علاج، لا أمل».
 

نظام صحي منهار
   
مدير عام وزارة الصحة في غزة، منير البرش، وصف الوضع بأنه «كارثي»، مشيراً إلى أن المستشفى المعمداني كان يحتوي على «الجهاز الوحيد لتصوير الأشعة في المدينة»، وكان يخدم جرحى العمليات العسكرية المتواصلة.

هذا القصف يأتي في وقت يعاني فيه القطاع الصحي في غزة من شلل شبه كامل، منظمة الصحة العالمية أفادت مؤخراً بأن 22 من أصل 36 مستشفى في القطاع تعمل جزئياً فقط.
أما مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فقد وصف النظام الصحي بأنه «متهالك»، محذراً من انهياره الكامل بسبب الحصار وتزايد عدد الإصابات.
 

ذاكرة المجزرة تعود
   
الاستهداف الإسرائيلي الأخير يعيد إلى الأذهان مجزرة 17 أكتوبر 2023، حين قُتل عشرات المدنيين في غارة استهدفت المستشفى ذاته، في واقعة أثارت إدانات دولية واسعة.
آنذاك، اتهمت إسرائيل حركة «الجهاد الإسلامي» بإطلاق صاروخ سقط على المستشفى، وهي رواية دعمتها واشنطن، بينما بقيت الحقيقة موضع جدل.