تصاعد العدوان على غزة منذ أكثر من 550 يومًا، وسط صمت عربي يزداد خزيًا يومًا بعد يوم. لا يمكن للأمة العربية أن تظل متفرجة، لأن هذا الصمت هو الذي أتاح للعدو أن يمعن في قتل الأطفال والصحفيين والأطباء والمرضى بلا رادع.

من السهل توجيه اللوم لبريطانيا وأمريكا. فالأولى ذاع صيتها كـ"مريلة الجزار"، والثانية تستمر في دعم إسرائيل دون خجل. أما إسرائيل، فتتمادى في الإبادة بعد أن تلقت الضوء الأخضر من الغرب لتتمادى باعتبارها "شعب الله المختار". لكن ماذا عن العرب؟ كيف سمحوا لأنفسهم أن يصمتوا وكأن الإبادة الجماعية لا تحدث على حدودهم؟

في الوقت الذي تتساقط فيه صواريخ الجحيم على مخيمات اللاجئين في غزة، تداولت وسائل التواصل مقطعًا مصورًا من مهرجان صاخب في جبل الفيل بمنطقة العلا، السعودية. رقص وغناء وتجمّع بين عرب وغربيين تحت أنغام الموسيقى الغربية، على بعد مئات الكيلومترات من الدم والركام.

تحوّلت العلا إلى وجهة للترفيه والاحتفالات، رغم أنها منطقة حذّر منها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لكونها أرضًا عذّب الله فيها قوم ثمود. أولئك القوم امتلكوا القوة والثروة، ونحتوا بيوتهم في الجبال، لكنهم رفضوا دعوة نبيهم صالح، فحلّ بهم العذاب وزالت أجسادهم وبقيت آثارهم للعظة.

رسول الله صلى الله عليه وسلم نبّه الصحابة ألّا يدخلوا أرض ثمود، وأمرهم بألا يأكلوا أو يشربوا منها، لتبقى عبرة للمسلمين. ومع ذلك، يُنظم في العلا اليوم مهرجانٌ يعج بالموسيقى والاختلاط، في وقت تُباد فيه غزة. كيف تُطفأ مشاعر هؤلاء؟ وأين اختفى الإحساس؟

ولي العهد محمد بن سلمان يقود مشروعًا لتغريب المملكة، مُظهرًا "الطبيعية" وفق المعايير الغربية لا الإسلامية، متجاهلًا الإبادة التي تطال إخواننا في غزة. يُسجن العلماء والدعاة، ويُقصى صوت الحق، في مقابل تسويق العلا كمزار سياحي عالمي، وكأن التاريخ لا يحذر من مغبة تقليد ثمود.

الخطر لا يكمن فقط في الحفلات، بل في الرسالة التي تُبعث إلى العالم: لا اهتمام لما يحدث في فلسطين، ولا اعتبار لما تنص عليه العقيدة. وفي ظل هذه الوقائع، قد ينهض شباب الأمة كما فعلوا في الربيع العربي، ليعيدوا الاعتبار لفلسطين ويكشفوا زيف أنظمتهم.

الحديث عن الحق في المقاومة لا يُعد تطرّفًا، بل هو حق مكفول دوليًا. وحان الوقت للعرب أن يكونوا في طليعة المدافعين عن هذا الحق، وأن يُسقطوا الأقنعة عن المدّعين الزائفين للعدالة والحرية.

الفلسطينيون لا يطلبون المستحيل، بل يطلبون دعمًا حقيقيًا، وصوتًا صادقًا، ووقفة كرامة من أمةٍ كانت يومًا تُرعب الطغاة وتُسقط الإمبراطوريات. لقد آن الأوان ليعود أحفاد عمر المختار والأمير عبد القادر، ويقودوا الصحوة من جديد.

https://www.middleeastmonitor.com/20250410-bin-salmans-shame-as-arabs-dance-while-gaza-burns/