تشهد أسواق مصر حالة من الاضطراب في أسعار زيت الطعام، في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية انخفاضًا ملحوظًا في الأسعار.
وبينما يواصل المستهلكون البحث عن البدائل الرخيصة، تظهر مشكلة خطيرة تتعلق بإعادة تدوير الزيت المستعمل، وهي عملية تتم في غياب الرقابة الرسمية، مما يعرض الصحة العامة للخطر.
إعادة التدوير في الخفاء
"نشتري زيت الطعام المستعمل"، هكذا يعلن البعض عبر مكبرات الصوت في الشوارع والأحياء الشعبية، حيث يقوم هؤلاء بجمع الزيت المستعمل من المنازل والمطاعم لإعادة تدويره وبيعه مرة أخرى بأسعار أقل من السوق.
سلوى صبحي، ربة منزل من منطقة رملة بولاق في وسط القاهرة، أكدت أن هذه العملية "رابحة"، ولكنها أضافت "الموضوع فيه شك"، زوجها مصطفى سعيد، المحاسب في شركة المياه، أكد أن الزيوت المستعملة تُجمع، وتُعاد معالجتها وتوزيعها على الأسواق.
التحديات والشكوك
عند الاقتراب من إحدى العربات المتنقلة التي تجمع الزيت المستعمل، تبدأ مشاعر القلق تساور المشتري، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بكشف الهوية.
أحد التجار، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أكد أنه يعمل ضمن شبكة كبيرة تقوم بتجميع الزيت من منطقة "بسوس" في محافظة القليوبية، ثم تبدأ عملية التصنيع في أماكن غير محددة.
أوضح أن جزء من الزيت يُستخدم في صناعة الصابون والشحوم الصناعية، بينما يُعاد تعبئة الجزء الأكبر في زجاجات جديدة بعد إضافة مساحيق لتنظيف الزيت وإكسابه لونًا ذهبيًا ليبدو وكأنه زيت طازج.
الأسواق المحلية في أزمة
في الوقت الذي تشهد فيه أسواق زيت الطعام في مصر ارتفاعات قياسية في الأسعار، بلغ فيها سعر اللتر نحو 77 جنيها في نوفمبر الماضي، ثم تجاوز 100 جنيه لبعض الأنواع، فإن الأسواق العالمية شهدت تراجعًا ملحوظًا بنسبة 20%.
ويُرجع حسام الجوهري، أحد موزعي الزيوت، هذا التباين إلى وجود مخزون لدى التجار تم شراؤه بأسعار مرتفعة قبل التراجع العالمي في الأسعار.
وقال الجوهري: "المستهلكون يفضلون شراء الزيوت من الشركات الصغيرة والمجهولة المصدر إذا كانت بأسعار أقل، ويستمرون في البحث عن بدائل للزيوت مرتفعة السعر".
الصحة في خطر
لكن السؤال الأهم يبقى حول مصدر الزيت الذي يستخدمه المستهلكون. أبو هاني، بائع الفلافل في وسط القاهرة، قال إنه لا يعرف مصدر الزيت الذي يستخدمه، لكنه يفضل "الأرخص" لأنه ببساطة "هذا هو المهم".
في الوقت ذاته، أكد عمار ياسر، اختصاصي الجودة والباحث في علوم الأغذية، أن الزيت المستعمل عادة ما يتم معالجته بإضافة مبيضات مثل "النشا"، ثم يتم تصفيته وتعبئته ليُباع كزيت جديد، مما يعرض صحة المستهلكين لمخاطر متعددة.
كما أضاف ياسر أن هذا الزيت قد يستخدم أيضًا في صناعة الوقود الحيوي أو في إنتاج الصابون والأسمدة، وهو ما يثير القلق بشأن تأثيراته السلبية على الصحة.