انهار سوق الأسهم الأوروبي، فضلاً عن الأمريكي، بعد قرار الصين بفرض رسوم جمركية انتقامية من الولايات المتحدة، وردًا على قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
أعلنت وزارة المالية الصينية أنها ستفرض رسومًا جمركية بنسبة 34% على جميع السلع المستوردة من الولايات المتحدة ابتداء من 10 إبريل.
واعتبر خبراء أن هذا التصعيد في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة سيؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي، وأن الرسوم الجمركية سترفع تكلفة الإنتاج وتضر بسلاسل التوريد العالمية، مما يؤدي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي وارتفاع الأسعار على المستهلكين وقلة الإنفاق.
ووصفت لجنة التعريفات الصينية الخطوة الأميركية بأنها "تخالف قواعد التجارة العالمية وتضر بمصالح الصين بشدة". بعدما أعلن ترامب في 2 إبريل فرض رسوم على منتجات من 185 دولة في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة في تاريخ التجارة العالمية.
وتتكبد الأسواق الآن خسائر فادحة بعد الرد الصيني على تعريفات ترامب بفرض 34% ضريبة على جميع الواردات الأمريكية، بعد أن فرض ترامب تعريفات بـ 56% الصين.
وتجاوزت خسائر سوق الأسهم الأمريكي 6 تريليونات دولار في يومين بسبب التعريفات، ووصلت إلى 9 تريليونات، ووعد ترامب بعودة 7 تريليونات منها مطمئنًا الأمريكيين.
ولم يتوقف انهيار السوق عند القرار الصيني إذ أطل رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، على السوق اليوم بتصريحات مفادها أن الفيدرالي لن يتحرك الآن لإنقاذ السوق، وليس في عجلة من أمره للإقدام على خفض الفائدة في ظل توقعات ارتفاع قوي بمعدل التضخم بسبب قرار ترامب بفرض تعريفات.
ويبدو أن الفيدرالي الأمريكي سيكون له تصور آخر بعد إعلان رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول انتقاد ترامب، محذرًا من أن سياساته قد تتسبب في انهيار الأسواق.
والتهديد الصريح لرئيس البنك الفيدرالي من ترامب بتخفيض سعر الفائدة سيكون له رد من ترامب الذي قد يقيل باول، وهو ما سيؤدي حتمًا إلى انهيار البورصات الأمريكية والعالمية كما لم يحدث من قبل!
وخلال اليومين الماضيين، تراجعت أسعار الذهب بقوة بعد الإعلان الفيدرالي، إذ يعتمد الذهب على خفض سعر الفائدة.
وارتفع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 1.00% لمستوى 102.821، وتراجع مؤشر داو جونز بـ 2,000 نقطة، وتراجع إس آند بي 500 بنسبة 5%، وناسداك تراجع بـ 4.8%. وانهار سعر النفط لأدنى المستويات منذ أغسطس 2021 لينخفض برنت بـ 5.43% لسعر 61 دولارًا للبرميل.
وكشف وزير الخزانة سكوت بيسنت أن 10% يملكون 88% من الأسهم، بينما الأغلبية تغرق في الديون والجوع، وسط مؤشرات واضحة على اقتراب انهيار الاقتصاد الأميركي.
https://x.com/mog_Russ/status/1908245217259470922
عزام الشدادي المختص بالشؤون السياسية والعلاقات الدبلوماسية والاقتصاد الدولي، عضو جمعية العلوم السياسية بجامعة @KingstonUni قال إن "فرض ترامب تعريفات جمركية على دول كالصين والمكسيك ودول غربية وعربية كثيرة، بهدف تقليص العجز التجاري.."، مبينًا أن "..هذا الميزان ليس في صالح الولايات المتحدة، والرئيس ترامب يريد إعادة التوازن من جديد، لكن هل سياسته هذه ناجحة!؟".
وأشار إلى أنه "حاليًا ستكون النتيجة حربًا تجارية ترفع الأسعار على الجميع، وستضر بسلاسل التوريد العالمية، وهناك خسائر في السوق الأمريكي الآن تتجاوز 2 تريليون دولار بسبب قرار ترامب".
وتابع: عندما تُفرض رسوم جمركية متبادلة، ترتفع تكلفة المنتجات المعتمدة على سلاسل توريد دولية.. السيارة الأوروبية التي تحتوي على مكونات أمريكية، زاد سعرها على المستهلك الأمريكي بما يقارب 6000 دولار والعكس صحيح.
وأوضح أن "هذا لا يؤثر على السوق الأمريكية فقط، بل ينعكس سلبًا على الأسواق العالمية وخصوصًا في الدول النامية، حيث ترتفع أسعار السلع المستوردة كالأدوية، والمعدات، وحتى المنتجات اليومية.".
وخلص إلى أنه في الحروب التجارية لايوجد رابح.. الجميع يتضرر.
ونقل رأي خبراء يرون أن قرار ترامب إذا استمر به، هو أشبه بمن يطلق النار على إحدى قدميه معتقدًا أنه يملك ميزة إستراتيجية. مستدركًا أنه "من الممكن جدًا أن يتراجع ترامب عن هذا القرار، وأعتقد أن الفيدرالي الأمريكي سيكون له تصور آخر، لأن قرار الرئيس قد يُعرقل خطط فرملة التضخم.".
https://x.com/AzamShdadi/status/1908163396098224248
ويعد القطاع الزراعي أحد المتضررين من سياسات ترامب التجارية؛ لأنها تعد المستهدف الأول من قبل رسوم الصين الجمركية في الحرب التجارية مع أميركا. وفي ولاية ترامب الأولى، اضطر لتقديم دعم للقطاع الزراعي بنحو 14 مليار دولار كتعويض عن خسائر الصادرات الزراعية الناتجة عن رفع الرسوم الجمركية في الصين.
وفي مطلع مارس الماضي، اعتمد ترامب رسومًا جمركية بنسبة 25% على الواردات من المكسيك وكندا، وفي حالة الصين بلغت 20%، وقد وعد ترامب أن لديه خطةً قيد الإعداد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات من الاتحاد الأوروبي.
وبعد أيام قليلة من قراره فرض رسومًا جمركية على كندا والمكسيك بنسبة 25%، ثم عاد واستثنى هذه المنتجات الخاصة باتفاقية "يو إس إم سي إيه" (اتفاق الولايات المتحدة والمكسيك وكندا)، إلا أنه سيعاد النظر في هذا الأمر خلال إبريل، وفق ما يتحقق من تقدم في قضيتي تهريب المخدرات والبشر من هاتين الدولتين إلى أميركا إلا أنه عاجل الجميع بقراراته.
وتوجهت كل من كندا والصين في 5 مارس الماضي إلى منظمة التجارة العالمية، وتقديم ما يعرف بطلب المشورة، أي أن تعقد الأخيرة جلسات للتشاور بين طرفي النزاع، حول ما اتخذ من قرارات تتعلق بالرسوم الجمركية، وتسوية الأمر وديًا، فإن فشلت هذه الخطوة، يتم التوجه لهيئة فض المنازعات بالمنظمة، وطلب التحكيم في القضية محل النزاع.