مع حلول عيد الفطر المبارك، الذي اعتاد المصريون الاستعداد له بشراء الحلويات والملابس الجديدة، بدت مظاهر الاحتفال هذا العام مختلفة إلى حد كبير، فقد ألقت موجات الغلاء المتلاحقة بظلالها على الأسواق، ما أدى إلى تراجع كبير في الإقبال على شراء مستلزمات العيد، على الرغم من العروض والتخفيضات التي أطلقتها المحال التجارية لمحاولة إنعاش حركة البيع.
تراجع في الإقبال على حلويات العيد
على الرغم من أن الكعك والبسكويت من الطقوس الأساسية التي ترافق عيد الفطر، فإن الأسواق شهدت عزوفًا ملحوظًا عن شراء هذه المنتجات بسبب ارتفاع أسعارها بنسب تراوحت بين 20% و35% مقارنة بالعام الماضي.
هذا الارتفاع يعود إلى الزيادة الكبيرة في أسعار المواد الخام مثل الدقيق والسكر ومواد التحلية، التي تخطت حاجز 30%، وفقًا لما أكده أحمد محمود، عضو شعبة تجار وصناع الحلويات بالغرفة التجارية بالإسكندرية.
وأشار محمود إلى أن هذا الغلاء دفع بعض المنتجين إلى طرح عبوات صغيرة بنصف كيلو فقط، بدلاً من العبوات التقليدية ذات الكيلوغرام، في محاولة لجذب المستهلكين وتقليل الأعباء المالية عليهم.
وفي هذا السياق، قال حسام عبد الموجود، صاحب مخبز في وسط الإسكندرية، إن "الزبائن أصبحوا أكثر حرصًا على ميزانياتهم، حيث يفضلون شراء العبوات الاقتصادية ذات الأسعار المخفضة بدلاً من الكعك الفاخر".
أما سارة علي، وهي ربة منزل، فقد قررت اللجوء إلى الحل التقليدي وصنع الكعك في المنزل لتقليل النفقات. وتقول: "بصراحة، الأسعار مرتفعة جدًا، لذا قررت أن أعيد إحياء عادة والدتي وجدتي في تحضير الكعك منزليًا، رغم أنه يتطلب جهدًا ووقتًا إضافيين".
الملابس الجديدة.. رفاهية مؤجلة
لم تكن الحلويات وحدها المتضررة من موجات الغلاء، فقد باتت كسوة العيد هاجسًا يؤرق كثيرًا من الأسر المصرية، وأصبحت الأولوية لتوفير الاحتياجات الأساسية، ما أدى إلى تراجع الإقبال على شراء الملابس الجديدة.
تقول منى عبد الحميد، وهي أم لطفلين: "بحثت كثيرًا عن ملابس العيد لأطفالي، لكن الأسعار كانت مرتفعة جدًا، كما أن الخيارات المتاحة محدودة، لذا اضطررت إلى إعادة تقييم أولوياتي والاكتفاء بما هو ضروري".
أما عماد الجمال، وهو صاحب محل ملابس في الإسكندرية، فيوضح أن "حركة البيع هذا العام أقل من السنوات السابقة، حيث لم تعد الملابس الجديدة في العيد أولوية مثلما كان الأمر في الماضي"، وأضاف أن بعض التجار لجأوا إلى تصريف المخزون القديم لتجنب خسائر إضافية.
الركود يضرب الأسواق وسط غياب الحلول الحكومية
الركود لم يقتصر على الملابس والحلويات فحسب، بل امتد ليشمل قطاعات عديدة تأثرت بالتحولات الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة.
ويرى الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في الأكاديمية البحرية للنقل البحري، علي الإدريسي، أن "حالة الركود ليست مفاجئة، فهي امتداد لسياسات اقتصادية لم تستطع السيطرة على التضخم وضبط الأسواق".
وأضاف الإدريسي، أن "العادات الشرائية للمصريين تغيرت بشكل عام وليس فقط خلال المناسبات، حيث أصبحت الأسر أكثر حرصًا على التوفير، وابتعدت عن الكماليات، مما أدى إلى تراجع الطلب على العديد من السلع".