شهدت شوارع الخرطوم احتفالات واسعة يوم الثلاثاء بعد إعلان القوات المسلحة السودانية (SAF) استعادة السيطرة على المدينة من قوات الدعم السريع (RSF)، التي كانت تسيطر على معظم العاصمة السودانية لمدة عامين، مما أدى إلى تهجير الآلاف من السكان.
احتفالات في الخرطوم وترحيب من اللاجئين
بعد معارك عنيفة، أعلن الجيش رسمياً تحرير الخرطوم، مما دفع مئات السكان الذين بقوا في المدينة للخروج إلى الشوارع احتفالاً. كما استقبل النازحون واللاجئون في الدول المجاورة الخبر بفرح، متطلعين إلى العودة إلى ديارهم.
محمد عبيد، البالغ من العمر 40 عامًا من منطقة شرق النيل، وصف معاناته تحت سيطرة الدعم السريع قائلاً: "بقيت في الداخل لأيام بلا طعام خوفًا من الخروج"، مضيفًا أن المليشيا كانت تسيطر على الإمدادات وتبيعها بأسعار باهظة، وتفرض إتاوات على التحويلات المالية.
أما أحمد سليمان، 56 عامًا، فقد أمضى عامين محاصرًا في منزله بحي الديم، دون طعام أو احتياجات أساسية، قائلاً: "لقد عشنا تعذيبًا لا يمكن تصوره، ولم نفعل شيئًا سوى أننا لم نملك المال للهروب".
وأضاف: "لا أصدق أنهم رحلوا... لقد عدنا من الجحيم".
فرحة النازحين والمقاتلين
عماد حسن، الذي فر إلى القاهرة، قال: "لا أصدق ذلك، 26 رمضان كان يوم اندلاع الحرب قبل عامين، والآن في اليوم نفسه تحررت الخرطوم". ورفع مفتاح منزله الذي تركه منذ عامين، مشبّهًا وضعه بوضع اللاجئين الفلسطينيين الذين احتفظوا بمفاتيح منازلهم على أمل العودة.
بينما حمل البعض مفاتيح منازلهم في انتظار العودة، حمل آخرون السلاح للقتال إلى جانب الجيش، ومن بينهم عمار سيد أحمد، الذي عاد إلى منزله مرتديًا الزي العسكري بعد عامين من القتال. وقال: "أشكر الله أننا عدنا بكرامة بعد سنوات من الإهانة والتشريد".
رمزية عودة البرهان
قبل عامين، كاد قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أن يقع في الأسر بعد أن حاصرت قوات الدعم السريع مقر القيادة العامة، لكنه تمكن من الفرار في أغسطس 2023. والآن، يعود البرهان إلى الخرطوم منتصرًا، حيث هبط بمروحية عسكرية وسط استقبال حافل من الجنود.
في خطوة رمزية، كانت محطته الأولى مطار الخرطوم الدولي، ليؤكد أن المدينة باتت تحت سيطرة الجيش. ورغم تعرض القصر الرئاسي لهجمات بطائرات مسيرة من الدعم السريع، أصر البرهان على إلقاء خطاب من داخله، معلنًا: "الخرطوم حرة الآن، لقد انتهى الأمر".
انتصار هش ومستقبل مجهول
على الرغم من الاحتفالات، لا يزال الوضع غير مستقر. فالكثير من النازحين، مثل صبري الحسن، يخشون العودة بسبب غياب الأمن والخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والكهرباء، إضافة إلى التهديد المستمر بهجمات جديدة من الدعم السريع.
ورغم خسارته الخرطوم، أعلن الدعم السريع عن "انسحاب تكتيكي"، كما أطلق تحالفًا عسكريًا مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال"، بقيادة عبد العزيز الحلو. ولا تزال المعارك مستمرة في مناطق كردفان ودارفور، مما يثير المخاوف من استمرار النزاع.
منذ اندلاع القتال في أبريل 2023، قُتل ما لا يقل عن 150 ألف شخص، وسط اتهامات بجرائم حرب وإبادة جماعية. كما نزح أكثر من 12 مليون شخص، ويواجه أكثر من نصف السكان مستويات خطيرة من انعدام الأمن الغذائي، وفق تقارير الأمم المتحدة.
https://www.middleeasteye.net/news/sudanese-jubilant-after-army-retakes-khartoum-rsf-militia