في السنوات الأخيرة، واجهت مصر تحديات تتعلق بتدفقات الأموال الساخنة، خصوصًا في سوق أذون الخزانة وأسواق المال، ويبدو أن حكومة السيسي تقدم معدلات فائدة مرتفعة مقارنة بالدول الأخرى لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وهو ما حذر منه متخصصون باعتباره يمكن أن يؤدي إلى تقلبات في احتياطي النقد الأجنبي، لاسيما عندما تخرج هذه الأموال بشكل سريع.
وقال مراقبون إن الأموال الساخنة تضغط أيضًا على العملة المحلية إذا انخفضت التدفقات بشكل كبير، أو إذا انسحبت رؤوس الأموال في وقت قصير.
وأضاف المراقبون أن لها تأثيرًا على الدين العام، حيث تعتمد الحكومة بشكل كبير على إصدار أدوات دين محلية لجذب الأموال الساخنة، مما قد يزيد من تكلفة خدمة الدين في المستقبل.
وكانت وزارة المالية بحكومة السيسي طرحت أذون خزانة الأسبوع الماضي بمبلغ مستهدف بلغ 110 مليارات جنيه نحو 2.2 مليار دولار أميركي، فيما قدمت البنوك طلبات شراء بلغت قيمتها 553 مليار جنيه، فأدت إلى زيادة على أذون الخزانة.
كما قدمت البنوك طلبات شراء قيمتها 533 مليار جنيه، مقابل 110 مليارات جنيه مستهدفة من وزارة المالية، وأدى ذلك إلى انخفاض العائد إلى 27-28%، مقارنة بمتوسط العائد السابق الذي تراوح بين 27-31%..
وتمثل أذون الخزانة نحو 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في مصر، والذي يبلغ 345.87 مليار دولار أميركي في العام الحالي، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي.
وقال محمود وهبه @MahmoudNYC إن الأموال الساخنه تستحق التحذير للمرة الرابعة حيث بلغت 11% من الناتج المحلي الإجمالي لمبلغ يصل الي 38 مليار دولار، مضيفًا أنه يجب أن تتعامل مصر مع هذه الأموال بحذر شديد»،
واستعرضت تقارير صحفية نقلت عن محمد بدرة، المحاضر بكلية إدارة الأعمال بالجامعة الأميركية بالقاهرة، استعراضه في اتصال مع (CNN الاقتصادية) تاريخ الأموال الساخنة مع مصر والاستراحات الاقتصادية التي خلفها خروجها المفاجئ.
وأوضح أن أول خروج غير متوقع للأموال الساخنة من مصر عام 2011 بعد الانتفاضة العارمة التي شهدتها مصر، كما خرجت استثمارات الأجانب في أذون الخزانة كذلك وقت أزمة الأسواق الناشئة في عام 2018، بالإضافة إلى الخروج الأشهر الذي حدث في ربيع عام 2022 على إيقاع الحرب الروسية الأوكرانية، وهو الخروج الذي كبّد مصر نحو 20 مليار دولار أميركي.
وأضاف أن سبب معضلة الأزمات السابقة هو استثمار الحكومة في مصر هذه الأموال في مشاريع طويلة الأجل.
ورأي الخبير محمد بدرة أن حجم المبلغ لا يشكل أزمة ولكن يجب أن توظف هذه الأموال في أصول قصيرة الأجل عكس ما حدث في الماضي في التجارب السابقة.
الخبير هاني أبو الفتوح، رئيس مجلس إدارة شركة الراية للاستشارات المالية، وضع هذه الأموال الساخنة في سياق ولاية دونالد ترامب الثانية والتي تنذر باضطرابات تجارية حادة» وأضاف أن على «الدولة التعامل بحرص شديد مع الأموال الساخنة بسبب شدة تطايرها.
ورأى أبو الفتوح أن هذه القيمة لا تدعو إلى القلق ولا تنذر بارتباك اقتصادي كبير كما حدث في 2022 مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وهذا بفضل وجود احتياطي نقدي كبير في خزائن البنك المركزي المصري، وبحسب آخر بيانات البنك المركزي المصري فإن حجم الاحتياطي النقدي يبلغ نحو 47.109 مليار دولار أميركي، وهو ما يمثل أعلى مستوى على الإطلاق.
ونظرًا لارتفاع عوائدها نتيجة تصنيفها الائتماني المنخفض، يفضل المستثمرون في أذون الخزانة والسندات تخصيص جزء من استثماراتهم للأسواق الناشئة، فيما يُعرف بـالسندات عالية المخاطر.
وإجمالاً فإن الاضطرابات الاقتصادية في تركيا، التي تُعد من أبرز منافسي مصر في سوق أذون الخزانة، إلى جانب قرار الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بتثبيت أسعار الفائدة واحتمال رفعها مجددًا، قد يؤثران على توجهات المستثمرين في هذه الأسواق.