في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، يواجه قطاع الأعمال في مصر موجة جديدة من التحديات التي تعرقل مسيرته، حيث يعود سعر صرف الدولار للضغط بقوة على أداء الشركات الصناعية والإنتاجية، مما يزيد من الأعباء الهائلة التي يتحملها أصحاب الأعمال بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والطاقة والتضخم المستمر.
وفقًا لمؤشر "بارومتر" الأعمال الصادر عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية، فإن تحديات سعر الصرف عادت لتؤثر سلبًا على قطاعات التشييد والبناء والاتصالات والصناعات التحويلية، إلى جانب تصاعد رسوم الخدمات الحكومية، خصوصًا في قطاع النقل، مما يفرض مزيدًا من العراقيل على الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة. ويتوقع التقرير استمرار هذه التحديات خلال الربع الأول من عام 2025، ما يزيد من الضغوط على بيئة الأعمال.
توقعات قاتمة رغم التحسن النسبي
أشار التقرير إلى أن الاستطلاعات الميدانية التي شملت الشركات المحلية ومجتمع الأعمال تكشف عن مخاوف متزايدة بشأن ارتفاع سعر الصرف واستمرار التضخم خلال الربع الثاني من العام الجاري.
وعلى الرغم من تحسن بعض مؤشرات الإنتاج والمبيعات المحلية والصادرات، إلا أن استقرار الأداء في الشركات المتوسطة والصغيرة لا يزال هشًا.
كما يعكس المؤشر رغبة الشركات في تدخل حكومي حاسم للحد من التضخم ومعالجة العقبات الاقتصادية، بما في ذلك إصلاح المنظومة الضريبية، خاصة في قطاع الاتصالات، وتخفيف الأعباء المالية المفروضة على قطاع النقل، الذي يعاني من ارتفاع رسوم العبور على الطرق، وزيادة تكاليف المحاجر، ونقل المعدات الثقيلة والشحن البحري والبري.
التضخم وشح السيولة يهددان استدامة الأعمال
تعاني الشركات المصرية من تضخم متزايد يؤدي إلى تفاقم أزمة السيولة النقدية، مما يعرقل خطط الاستثمار، ويرفع تكاليف التشغيل، ويزيد من الضغوط على الأجور.
إضافة إلى ذلك، تؤثر البيروقراطية الشديدة في التعامل مع الجهات الحكومية على كفاءة أداء القطاع الخاص، ما يزيد من الحاجة إلى إصلاحات إدارية جذرية.
التباين القطاعي في الأداء الاقتصادي
رغم التحسن الملحوظ في مؤشرات الإنتاج والمبيعات المحلية واستغلال الطاقة الإنتاجية بالشركات خلال الربع الأخير من عام 2024، إلا أن هذه المؤشرات جاءت أقل من نظيرتها في الربع الثالث من العام ذاته، باستثناء الصادرات التي ساهمت في الحفاظ على توازن نسبي في المؤشر العام للأعمال مقارنة بعام 2023.
ووفقًا للمؤشر، فقد شهدت قطاعات السياحة والخدمات المالية والتشييد والبناء تحسنًا، بينما سجل قطاع الاتصالات تراجعًا بسبب تباطؤ المشروعات الحكومية وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج المستوردة التي تعتمد على الدولار.
كما شهد قطاع الصناعات التحويلية تدهورًا كبيرًا يعكس استمرار معاناة الشركات من ارتفاع تكاليف الإنتاج والطاقة والمياه، واضطراب حركة توريد المواد الخام نتيجة التوترات العسكرية في البحر الأحمر.
عقبات إضافية أمام القطاع الصناعي
إضافة إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والمياه، تواجه الشركات الصناعية مشكلات أخرى، من بينها ارتفاع أسعار الفوائد البنكية، ونقص التمويل، وعجز رأس المال العامل، كما يؤثر تأخر الحكومة في صرف المخصصات المالية لدعم الصادرات والضرائب المتزايدة على القطاع، مما يحد من قدرة الشركات على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية.