شهدت مصر انتقادات حادة من قبل الاتحاد العربي للنقابات، وذلك بعد حصولها على "تصنيف 5" في مؤشر الحريات النقابية لعام 2024، الذي يصدره الاتحاد سنويًا لمتابعة مدى التزام الدول بالمعايير الدولية للحريات النقابية وعلاقات العمل العادلة.
التصنيف الذي يعد الأسوأ على الإطلاق يعكس حجم الانتهاكات التي رُصدت تحت عنوان "لا ضمانات للحقوق"، والتي بلغت 18 انتهاكًا للاتفاقات الدولية التي سبق أن وقّعت عليها الحكومة المصرية.
تصنيف مقلق يعكس واقعًا صعبًا
يعد الاتحاد العربي للنقابات جزءًا من الاتحاد الدولي للنقابات العمالية، ويصدر مؤشره السنوي بناءً على خمسة تصنيفات تتدرج من 1 (الأفضل) إلى 5 (الأسوأ).
ويستند التقييم إلى مدى احترام الدول للحريات النقابية وإمكانية تشكيل النقابات بحرية، إضافة إلى الالتزام بالقوانين الدولية التي تكفل حقوق العمال في تنظيم أنفسهم والمطالبة بحقوقهم بشكل عادل.
وفيما يتيح قانون النقابات العمالية (رقم 213 لسنة 2017) حرية تكوين المنظمات النقابية وممارسة النشاط النقابي دون تمييز، إلا أن التقرير أكد أن الممارسة الفعلية تناقض هذه النصوص القانونية.
وأشار إلى أن هناك العديد من الأحكام القضائية التي تتضمن عدم قانونية تأسيس النقابات المستقلة في بعض القطاعات، ما يضع قيودًا صارمة أمام تأسيس مثل هذه الكيانات، فضلاً عن العراقيل التي تفرضها السلطات على تسجيل النقابات المستقلة التي تم حلها في عام 2018.
ومن أبرز هذه القيود متطلبات تسجيل "مفرطة وغير منطقية"، وفق التقرير، مما جعل 11 لجنة نقابية لا تزال في انتظار التسجيل حتى الآن.
تمييز في علاقات العمل وتدهور أوضاع العمال
لم يقتصر التقرير على استعراض القيود المفروضة على العمل النقابي، بل تطرق أيضًا إلى التمييز في علاقات العمل، حيث رُصدت انتهاكات متعلقة بحرمان بعض الفئات من المظلة التشريعية لقانون العمل، مثل العمالة المنزلية، مما يجعلهم خارج نطاق الحماية القانونية.
كما أشار التقرير إلى التمييز ضد النساء في سوق العمل، من خلال عدم المساواة في الأجور مع الرجال رغم بذل نفس الجهد وأداء المهام ذاتها.
ومن القضايا الشائكة التي تناولها التقرير، ظاهرة عمالة الأطفال التي باتت تشكل خطرًا متزايدًا في مصر.
إذ بلغ معدل عمالة الأطفال 9.3%، أي أن حوالي 1.59 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عامًا يعملون، ومن بينهم 21% من الفتيات.
الأخطر من ذلك أن نحو نصف هؤلاء الأطفال يعملون في وظائف خطرة، ومعظمهم يعملون داخل الأسرة بدون أجر، مما يسلط الضوء على غياب الرقابة الفعالة والتطبيق الصارم للقوانين التي تمنع هذه الظاهرة.