تستمر إلى اليوم الاعتداءات على البيئة بمحمية وادي الجمال بالبحر الأحمر (بدأت قبل شهرين) لاستبدال الشاطي والمناطق والكائنات المعرضة للانقراض من المنطقة لإنشاء مطاعم واستراحات، وغرف تبديل ملابس، ودورات مياه، ومركز غوص، في واحدة من أغنى المناطق بالتنوع البيولوجي والبيئي في مصر.

وقالت منصة "صحيح مصر" إن الاعتداءات "بدأت، منذ يناير الماضي، شركة "إمباكت للاستثمار السياحي" المملوكة لرجل الأعمال حسن وهدان، شقيق عضو مجلس النواب وأحد وكلاء تأسيس حزب الجبهة الجديد، سليمان وهدان، في تأسيس مشروع تجاري سياحي داخل المحمية".

وأضافت أن شركة "حسن وهدان" حددت رسوم دخول شاطئ حنكوراب للأجانب 5 دولار، وما يوازي هذا الرقم بالجنيه للمصريين، و10 دولار رسم دخول للسيارة، ومستمرين في الإنشاءات، بحسب شهادة ثلاثة مصادر من المنطقة.

ويدفع السائح الرسوم التي فرضتها الشركة، بخلاف ما يدفعه لإدارة المحمية من رسوم دخول أيضًا، أي أصبح السائح -بحسب الوكيل- يدفع رسم دخول شاطئ حنكوراب مرتين: "مرة للمحمية ومرة للشركة".

وكيل شركة السياحة، اشتكوا أكثر من مرة لإدارة البيئة في المحافظة، وخاصة أن شركة "حسن وهدان" تغير في طبيعة المكان، مشيرا إلى أن هذا الشاطئ مصنف عالميًا كوجهة رئيسية للسياحة البيئية والغوص، وكان الرد أن وزارة البيئة تواصلت مع جهات عليا أكثر من مرة لإخلاء المساحة التي تسيطر عليها الشركة، ولكن دون جدوى، وهناك بلاغات عدة تقدمت بها البيئة لكن لم يتحرك أحد.

وحذرت المنصة من أنه يجري حاليا "التخطيط لبناء سور حول المنطقة، وتواتر أحاديث بين العاملين في المحمية عن أن المخطط أيضا يشمل فندق".

وفي مقال بجريدة الشروق، أكد "أن المشروع يتعدى منطقة سياحية صغيرة تضمن مطعمًا واستراحة إلى فندق سياحي متكامل في واحدة من أهم المحميات الطبيعية في مصر.".

ووصفت وزارة البيئة ما يحدث في بيان رسمي بأنه "تطوير للبنية التحتية"، ولكن تجد جمعيات حماية البيئة في البحر الأحمر، في الأمر أنه "مخالفة لقانون حماية المحميات" و "خطر جسيم" يهدد مستقبل واستدامة الشاطئ، وأن تلك التعديات غير قانونية تمثل تهديد للنظام البيئي للمنطقة، إذ يمنع قانون المحميات رقم 102 لسنة 1983، تنفيذ أي إنشاءات داخل المحميات تغير من طبيعتها البيئية الفريدة.

رغم أن بيان وزارة البيئة، أورد أن ما وصفته بــ "التطوير" يحدث ضمن خطة وإشراف المحمية، إلا أن مصدرين داخل إدارة المحمية والبيئة في البحر الأحمر، اعترضا على ما يحدث بالقول: "مفاجئ والوضع ملتبس وخطير".

وتقدمت إدارة المحمية- بحسب رواية المصدر- ببلاغ رسمي لكل من جهاز شؤون البيئة وإدارة محافظة البحر الأحمر وقوات حرس الحدود ومديرية أمن البحر الأحمر، وقالت المحمية إنها سجلت تعديات خطيرة على مواقع ذات حساسية بيئية، ما يعد انتهاكا صارخا لقوانين المحميات الطبيعية.

ونقلت المنصة عن مصدر في إدارة محمية وادي الجمال، أنه في ديسمبر الماضي 2024، فوجئ العاملون بالمحمية بظهور أشخاص وصفهم المصدر بـ "مجهولين" تعدوا على شاطئ وخليج "حنكوراب" ونصبوا خياما داخل المحمية، دون الحصول على  تصريح من أي جهة معنية، بل وامتد الأمر إلى ظهور معدات ثقيلة بحوزتهم، وأخذوا في الحفر والتأسيس لإقامة إنشاءات، كما أقاموا منشآت مؤقتة "كرافانات".

وبعد أن حاولت شرطة البيئة أن تستعرض في المكان بزيارة وإلقاء القبض على مجهولين، لم يمر أقل من شهر، حتى عاد "المجهولون" مرة أخرى في يناير 2025، إلى المحمية، ولكن عددهم كان أكبر، وسيطروا على مساحة أوسع، يقدرها المصدر بنحو 10 كيلومترات من الشاطئ والخليج، وتواصلت إدارة المحمية مع الجهات المعنية مرة أخرى، ولكن هذه المرة لم يجب أحد.

وأضاف مصدر "صحيح مصر"، أن إدارة المحمية علمت فيما بعد، بأنهم حصلوا على تراخيص حكومية، لتنفيذ المشروع، ولكن لم يخطرنا أي مسؤول بذلك، قبل ظهورهم، وقال المصدر في آخر تواصل مع صحيح مصر: "الوضع ملتبس وخطير ومفاجئ... ومش هقدر أتكلم تاني في الموضوع ده".

وتتناقض مع بيان وزارة البيئة، والتي تقول فيه إن ما يحدث جاء "في إطار خطة إدارة المحمية المعتمدة من مجلس إدارة جهاز شئون البيئة والتي تهدف إلى تحقيق التوازن بين متطلبات حماية البيئة وتعظيم الاستفادة البيئية والاقتصادية والاجتماعية من المحميات الطبيعية". بحسب المنصة.
 

شركات سياحية
   
وكشفت المنصة أن المجهولين ليسوا كذلك وأنهم يعملون لدى وكلاء شركتين سياحيتين، اعتادا تنظيم رحلات داخل المحمية، قالا إن الشركة التي تسيطر حاليا على شاطئ وخليج حنكوراب، وتتولى الإنشاءات هي شركة" إمباكت للاستثمار السياحي "، وهي شركة مملوكة لحسن وهدان، شقيق النائب البورسعيدي عن دائرة الجنوب والضواحي في محافظة بورسعيد، سليمان وهدان.

ويعود دخول سليمان وهدان إلى البرلمان بعدما ترشح عن حزب الوفد في بورسعيد عام 2015، وانتخب وكيلا للبرلمان في الدورة الأولى، وأعيد انتخابه في البرلمان الجديد، واختير عضوا في الهيئة العليا لحزب الوفد، ورئيس للهيئة البرلمانية.

وفي يناير 2017، قدم المحامي عمر هريدى، طلبا لمجلس النواب لرفع الحصانة عن" وهدان "بعدما اتهمه المواطن البورسعيدي، مسعد محمد عبده، في المحضر رقم 105 لسنة 2017 إداري الجنوب، بالنصب بالاشتراك مع شقيقه حسن وهدان- مالك الشركة المستحوذة على شاطئ حنكوراب- إذ باعا الأخوان أرضا تبلغ مساحتها 60 فدانا تقع في دائرة النائب قسم الجنوب بمحافظة بورسعيد، مقابل مبلغ 4.2 ملايين جنيه، وهي أرض ملك الدولة -وتحديدا- هيئة التعمير والإسكان.

وفُصل وهدان من" الوفد "، مؤخرا بعدما أعلن انضمامه للجنة التأسيسية لحزب الجبهة الجديد (حزب العرجاني) الموالي للسلطة، والذي تأسس بدعم مالي من رجل الأعمال السيناوي المقرب من السلطة، إبراهيم العرجاني، ويضم وزراء سابقين وشخصيات حكومية سابقة.

وينص قانون المحميات الطبيعية رقم 102 لسنة 1983، في المادة الثانية على حظر إقامة المباني أو المنشآت أو شق الطرق أو تسيير السيارات، إو إقامة أي أنشطة صناعية أو زراعية أو تجارية في منطقة المحمية، بدون موافقة الجهة الإدارية، ووفقا للشروط والقواعد التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الوزراء.