يفتخر دونالد ترامب بمهاراته في عقد الصفقات بأسلوب يتجاوز الطرق التقليدية، حيث يمنح نفسه السلطة المطلقة في التفاوض والتحكيم، رغم أن الدورين متناقضان، خصوصًا في القضايا السياسية ذات الأبعاد التاريخية. يمكن رؤية هذا النهج في تعامله مع الحرب الأوكرانية، إذ يطالب كييف بقبول فقدان الأراضي التي احتلتها روسيا والتخلي عن طموحها في الانضمام إلى الناتو، مقابل إنهاء الحرب بشروط موسكو.
إذا تم تطبيق هذا "النموذج" على القضية الفلسطينية، فستكون النتيجة تسوية تتجاهل تمامًا الحقوق العربية والفلسطينية، وتعتمد فقط على الرؤية الإسرائيلية، التي ترفض أي حديث عن حل الدولتين أو إنهاء الاحتلال. سياسة ترامب تتجاهل القانون الدولي، بما في ذلك قرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، التي أدانت إسرائيل بالفعل ووجهت اتهامات لقياداتها بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.
من غير المرجح أن يستجيب ترامب لمطالب القمة العربية الاستثنائية التي انعقدت مؤخرًا في القاهرة، والتي تبنت خطة من 112 صفحة لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها. فبالنسبة له، السلام يعني التخلص من الفلسطينيين كأمة بلا أرض، وتحويلهم إلى شعب مشرد يستحق فقط المساعدات الإنسانية.
يرى ترامب أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مجرد "سوء تفاهم"، وأن الأمن الإسرائيلي يجب أن يكون الأولوية المطلقة، دون أن يكون للفلسطينيين أي حق في الأمن حتى وهم تحت الاحتلال. في هذا السياق، دعم ترامب توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وألغى العقوبات التي فرضها بايدن على بعض المستوطنين المتطرفين، ما يعكس دعمه غير المشروط لسياسات إسرائيل الاستيطانية.
يتبنى ترامب نهجًا يقوم على "إعادة تعريف الصراعات" بدلاً من حلها. ففي خطته السابقة المعروفة بـ"صفقة القرن" عام 2020، سعى إلى فرض حل نهائي للصراع العربي الإسرائيلي وفق الرؤية الإسرائيلية.
ورغم فشل هذه الخطة، إلا أنها حققت تقدما دبلوماسيًا لإسرائيل من خلال تطبيع علاقاتها مع أربع دول عربية.
أما بالنسبة للقمة العربية الأخيرة، فقد يؤيد ترامب تركيزها على "السلام كخيار استراتيجي"، لكنه يفهم السلام فقط من منظور إسرائيلي، حيث لا مكان للحقوق الفلسطينية.
يرى ترامب أن إنهاء الصراع في الشرق الأوسط يتطلب منح إسرائيل الحصانة الكاملة من أي مساءلة قانونية عن الاحتلال، والفصل العنصري، والتمييز، وجرائم الحرب. في نظره، "الإرهاب الفلسطيني" هو المشكلة، بينما إسرائيل "واحة ديمقراطية" تدافع عن نفسها ضد "المتوحشين" المحيطين بها.
من منظور إقليمي، قد يكون نموذج ترامب في أوكرانيا قابلًا للتطبيق على فلسطين، بدءًا من غزة، ولكن فقط عندما يتم إخلاء الأراضي الفلسطينية من سكانها، سواء بالتهجير القسري أو القتل. وهذا يذكر بتصريحات الجنرال الإسرائيلي رفائيل إيتان، الذي قال ذات مرة: "عندما نستولي على الأرض، لن يتمكن العرب إلا من الركض مثل الصراصير المخدرة في زجاجة."
ربما لا يتمتع ترامب بذكاء استثنائي، لكنه بالتأكيد يفهم هذه الفكرة جيدًا.
https://www.middleeastmonitor.com/20250306-what-does-trumps-ukraine-policy-offer-the-middle-east/