الجارديان: الفلسطينيون في غزة يواجهون الهدنة بمشاعر متضاربة
الثلاثاء 21 يناير 2025 05:03 م
بعد 15 شهرًا من الحرب المدمرة التي أودت بحياة عشرات الآلاف ودمّرت مساحات شاسعة من غزة، عمّت الاحتفالات شوارع القطاع المدمرة صباح الأحد الماضي مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في تمام الساعة 11:15 صباحًا.
فرحة ممزوجة بالخوف والألم
في مخيمات النازحين والشوارع المليئة بالأنقاض، تجمّع الفلسطينيون وهم يحتفلون بتوقف القصف، وسط أجواء مختلطة من السعادة والحذر، وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
يقول معاذ قرقز (46 عامًا)، وهو نازح من شمال غزة: "أشعر بسعادة غامرة. نأمل أن يكمل الله هذه الفرحة ونعود إلى منازلنا وأراضينا بأمان. هذه أسعد لحظة في حياتي، رغم أنني فقدت أخي الأقرب إليّ ومنزلي وكل ممتلكاتي".
لكن رغم مشاعر الفرح، يخشى كثيرون من انهيار الهدنة في أي لحظة. يضيف قرقز: "أخشى أن تنقلب الأمور رأسًا على عقب ونعود إلى المعاناة مجددًا."
من جانبه، كان جمال زكي مراد (69 عامًا) أكثر تفاؤلًا: "أنا متفائل وأتمنى أن نعود لنعيش مثل باقي البشر. لقد فقدنا الكثير من الوقت، وفقدت في هذه الحرب حفيدتي وأفرادًا من عائلتي ومنزلي. لم يبقَ لي شيء."
اللحظات الأخيرة قبل وقف إطلاق النار
قبل بدء الهدنة، استمر القصف والاشتباكات حتى الدقائق الأخيرة. وقالت وزارة الصحة في غزة إن عدة أشخاص قُتلوا صباح الأحد في شمال القطاع جراء غارات إسرائيلية، التي جاءت بعد تأخير في تسليم حماس قائمة بأسماء ثلاثة رهائن للإفراج عنهم مقابل عشرات الأسرى الفلسطينيين.
مخاوف من المجهول
مع دخول الهدنة حيز التنفيذ، أعرب العديد من الفلسطينيين عن مخاوفهم بشأن ما سيحدث بعد ذلك.
تقول أم عبدالله (40 عامًا)، وهي نازحة تعيش في خيمة بالقرب من المواصي: "لم أتمكن من النوم طوال الليل، كنت أعدّ الساعات والدقائق، لكن في الوقت نفسه كنت خائفة من الموت في اللحظات الأخيرة من الحرب."
أما ثائر المصري (41 عامًا)، من بيت لاهيا، فيتساءل: "هل نحزن أم نفرح أم نبكي على ما حدث؟ الشعور الحقيقي الوحيد هو الألم والخسارة – فقدنا منازلنا وأصدقاءنا ومدينتنا".
ورغم وقف القتال، تحذّر الأمم المتحدة من كارثة إنسانية في غزة، حيث لم يتبقَّ من البنية التحتية سوى أنقاض ومدن تحولت إلى "مساحات قاحلة"، وفقًا لعمال الإغاثة.
إعادة الإعمار... معركة طويلة الأمد
تنص الهدنة على دخول 600 شاحنة مساعدات يوميًا إلى غزة، نصفها إلى الشمال، حيث يلوح شبح المجاعة في الأفق.
لكن يبقى السؤال الأكبر: من سيحكم غزة بعد الحرب؟ التقديرات تشير إلى أن إعادة الإعمار قد تستغرق من 30 إلى 50 عامًا، في ظل غياب أي اتفاق واضح على مستقبل القطاع.
وسط كل هذا الدمار، يبقى هناك بصيص أمل. يقول جنى محمود هالس (9 سنوات): "أشعر بالأمان الآن، سننام ونستيقظ بسلام أخيرًا... وبعد الحرب، أريد العودة إلى المدرسة لأصبح طبيبة وأساعد المرضى والمصابين".