من أبرز الكلمات التي توارثناها أن التعليم المجاني الذي وفرته ثورة يوليو 51 كان كان كالماء والهواء، وهو ما اختلف بظل حكم العسكر بحسب تقرير نشره موقع قناة (الحرة) التابعة للخارجية الامريكية انتقد كيف تحول التعليم إلى كفة من عنده مال!
واستعرض التقرير على لسان ولي أمر طالب أن نظام التعليم المقترح (البكالوريا)، لا يضع حلولا لأزمة الدروس الخصوصية، في حين يتضمن بندا يسمح للطالب بتحسين مجموعه بمقابل مادي يصل إلى 500 جنيه مصري (10 دولارات).
وأردف، "يتضمن المقترح تكاليف يتوجب على الطلبة دفعها لإجراء الاختبارات المتعددة التي يوفرها النظام الجديد، لكن وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف صرح بأن الطلاب غير القادرين سيتم إعفاؤهم من أي رسوم، "التزاما بمبدأ العدالة الاجتماعية".
ولفت إلى أن النظام الجديد لن يعتمد على محاولة امتحانية واحدة لتحديد مستقبل الطلاب، بل سيوفر لهم فرصًا متعددة لتحسين درجاتهم، ما يساعد في تقليل التوتر النفسي ويضمن نتائج أكثر إنصافًا.
ويمنح نظام البكالوريا الجديد الطلاب فرصا إضافية لخوض الامتحان الواحد، بمعدل 4 مرات في الصف الثاني الثانوي، وفقا للوزير، ومرتين في الصف الثالث.
ويحصل الطالب على درجات المحاولة الأعلى. وبإستثاء المحاولة الأولى "المجانية"، سيتوجب على الطالب دفع 500 جنيه (10 دولارات) مقابل كل محاولة.
وعن تحسين المجموع، أشار إلى أن "البند المتعلق بتحسين المجموع مضاد للعدالة الاجتماعية،" يقول عنه الخبير التربوي والموجه السابق في وزارة التربية والتعليم، حسام أبو الفضل "يعني أن من يمتلك الأموال هو من سيكون قادرا على تحسين مجموعه وبالتالي تحصيل فرص أفضل في دخول الجامعات". ويضيف: "هذا يعني أن التعليم سيكون للأقدر ماليا".
أعباء إضافية
ولفت التقرير إلى أن غياب رفع الأعباء عن الأسرة المصرية لا يهتم به واضع النظام الجديد حسبما يدعون، فلفت إلى أن ولية أمر طلاب بمراحل تعليمية مختلفة، في المدارس الحكومية، تعاني لتوفير مسلتزمات الدراسة، إذ أصبحت المنتجات والخدمات الأساسية في مصر بالغة الكلفة جراء ارتفاع مستويات التضخم وانخفاض العملة المحلية أمام الدولار، فضلا عن سعيها لتنغطية مصروفات الدروس الخصوصية، ولذلك تبحث عن عمل إضافي لتحسين الدخل.
وأنه رغم ساعات العمل الطويلة، لا يتجاوز دخل عبير الشهري 6 آلاف جنيه (120 دولارا)، تنفق منها 4 آلاف جنيه (80 دولارا) لتغطية مصاريف الدراسة والدروس الخصوصية.
وقال التقرير إن معظم الطلاب المصريين في مراحل التعليم المختلفة، ضمن التعليم الحكومي أو الخاص، يعتمدون على الدروس الخصوصية كحصص بمقابل مادي، تعتبرها الحكومة غير قانونية.؟!
وأضافت أن مصر يسود فيها استياء شعبي من الارتفاع المتزايد في تكلفة المعيشة، إذ تضاعفت مستويات التضخم عام 2022، عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق المال المصرية.
وفي سبتمبر 2023، بلغ التضخم ذروته عند مستوى 38 % وتراجعت قيمة العملة المصرية على نحو متسارع. وفي أواخر ديسمبر الماضي تجاوز الدولار حاجز الـ 51 جنيها.
وتحت الضغوط الاقتصادية المتزايدة على الأسر المصرية، تزداد ظاهرة التسرب المدرسي.
وعلق الخبير التربوي حسام أبو الفضل "أن هذه المشكلة كان يجب أن تكون على رأس أولويات وزارة التعليم، لكن نظام البكالوريا الجديد لم يتطرق لها أو يعالجها لا من قريب و لا من بعيد".
وداعا للمجانية
ونقلت عن مواطن آخر يعمل ليكفي أخوته بوضع مادي ويدعي طارق 16 عاما أن التعليم لم يعد مجانيا مثلما تقول الحكومة، يقول طارق لموقع "الحرة"، "فأنا وأشقائي الأربعة كنا ندفع مصاريف سنوية للمدرسة الحكومية بما يتجاوز 2500 جنيه (50 دولارا) هذا بخلاف الملابس والمواصلات والدروس". مضيفا "وبعد تدهور صحة الوالد وفصله من عمله من دون منحه تأمينا أو راتب تقاعد، اضطر طارق، باعتباره الابن الأكبر، أن يتحمل مسؤولية الإنفاق على الأسرة وتعليم أشقائه.".
وأضاف أنه "ومع تضاعف كلفة مستلزمات الدراسة، حتى في المدارس الحكومية، لم تعد الأسر الفقيرة أو حتى المتوسطة قادرة على توفير مصروفات لثلاثة أو أربعة أبناء، التي تصل إلى 2000 جنيه أو أكثر.".
وأشار إلى أنه رغم نص الدستور على مجانية التعليم، أنفقت الأسرة المصرية أكثر من 500 جنيه (10 دولارات) على الطالب الواحد في العام الدراسي 2024-2025. وأن ذلك يضاف لتراجع دور الجمعيات الأهلية، بحسب الخبير ذاته.
التقرير لفت إلى أن أعداد المتسربين بلغت من المرحلة الابتدائية 39 ألفا، بنسبة وصلت إلى 0.3٪. وفي المرحلة التي تليها، وهي الإعدادية، كانت أعداد المتسربين حوالي 37.3 ألف تلميذ في سن التمدرس، بنسبة 0.7٪، بحسب بيانات رسمية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء للعام 2021-2022.
وكانت الحكومة تخطط لفرض غرامات على الأهالي الذين يمنعون أبناءهم من استكمال التعليم، وحرمانهم من الدعم وتقليص الخدمات المجانية المقدمة إليهم أو بوسائل أخرى، لكن مجلس النواب رفض تلك الخطة التي قدمتها الحكومة في صورة مشروع قانون لمحاربة التسرب عام 2022، باعتبار أنها تزيد الأعباء على الأسر، في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية.
ولطالما حلم طارق بالعودة إلى الدراسة، خاصة أن مستواه كان جيدا ويؤهله للالتحاق بإحدى الجامعات العلمية التي يحلم بها. وكان يتوقع أن يحمل مقترح البكالوريا الجديد بنودا لتقديم دعم مادي للطلاب الذين يعانون ظروفا مادية واقتصادية صعبة أو على الأقل خفضا في المصاريف السنوية، لكن العكس هو ما حدث بحسب الموقع الامريكي