في خطوة تعكس تصعيدًا جديدًا للضغوط الدولية على السودان، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بعد أسبوع واحد فقط من استهداف نظيره محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع.
تأتي هذه العقوبات وسط تقارير تتهم الجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية ضد قوات الدعم السريع، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في البلاد.
 

أسباب العقوبات الأميركية
   بحسب مصادر دبلوماسية، فإن العقوبات الأميركية على البرهان جاءت نتيجة استهداف الجيش السوداني للمدنيين والبنية التحتية، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى رفضه الانخراط في محادثات السلام العام الماضي.

كما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلًا عن مسؤولين أميركيين كبار، أن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيميائية في معاركه ضد قوات الدعم السريع، مشيرة إلى أن هذه الأسلحة استُخدمت في مناطق نائية بالسودان وقد تمتد إلى أجزاء من العاصمة الخرطوم، مما يثير مخاوف دولية حول تصاعد الانتهاكات الخطيرة في النزاع.
 

ردود فعل سودانية غاضبة
   من جانبه، استنكر الجيش السوداني هذه العقوبات، واصفًا إياها بـ"القرار الجائر"، مؤكدًا أن مثل هذه الإجراءات لن تثنيه عن مواصلة "حماية البلاد من المرتزقة والعملاء".
كما شددت وزارة الخارجية السودانية على أن القرار الأميركي "يعكس التخبط ويفتقد إلى الموضوعية"، متهمة واشنطن بدعم جماعات مسلحة مسؤولة عن "الإبادة الجماعية".

أما البرهان، فقد أكد خلال زيارته لمدينة ود مدني أن "معركة الجيش مع قوات الدعم السريع في نهاياتها"، مشيدًا بالروح المعنوية للقوات المسلحة ومتوعدًا بالقضاء على ما وصفها بـ"المليشيا الإرهابية المتمردة".
 

الوضع الميداني في السودان
   على الأرض، تتواصل الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث شهدت مدينة الفاشر في دارفور قصفًا مدفعيًا متبادلًا، مما أدى إلى سقوط ضحايا في صفوف المدنيين.
كما اتهمت تنسيقية لجان المقاومة قوات الدعم السريع بقصف معسكر نيفاشا للنازحين واستهداف أحياء سكنية، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية.

وفي إقليم دارفور، أفاد حاكم الإقليم مني أركو مناوي عن استمرار الدعم الأجنبي لقوات الدعم السريع، مشيرًا إلى دخول قوافل عسكرية عبر الحدود الليبية لدعم المتمردين، مما يعكس تعقيد الصراع وامتداده إلى أطراف إقليمية.
 

أزمة السيولة تعمّق المعاناة الاقتصادية
   على الصعيد الاقتصادي، يعاني السودانيون من أزمة سيولة خانقة، حيث تشهد المصارف ازدحامًا غير مسبوق وسط تقييد شديد على السحب النقدي.
وأكدت مصادر مصرفية أن البنك المركزي حدد سقف السحب اليومي بـ200 ألف جنيه، بينما عجزت المصارف عن توفير المبالغ الكافية للعملاء.
كما لجأ المواطنون إلى استخدام التطبيقات المصرفية للشراء، رغم رفض العديد من التجار التعامل بها بسبب غياب البنية التحتية المناسبة.

وتشير التقارير إلى أن أزمة السيولة أثرت بشكل مباشر على موسم الحصاد، حيث يواجه المزارعون صعوبة في دفع أجور العمالة الأجنبية، مما قد يؤدي إلى خسائر كبيرة في الإنتاج الزراعي.
ويرى خبراء اقتصاديون أن استبدال العملة لم يحقق أهدافه بسبب عدم طباعة كميات كافية، مما ساهم في تفاقم المشكلات النقدية.
 

سياسات البنك المركزي في مرمى الانتقادات
   في ظل هذه الأوضاع، يواجه البنك المركزي السوداني انتقادات لاذعة بسبب سياساته النقدية التي وُصفت بأنها غير فعالة في احتواء الأزمة الاقتصادية.
فقد أدى شح المعروض النقدي وارتفاع الطلب إلى تفاقم التضخم وانخفاض قيمة الجنيه السوداني، ما زاد من معاناة المواطنين.

وتضمنت السياسة النقدية الجديدة للبنك المركزي خفض الاحتياطي النقدي إلى 10%، مع استمرار تحرير سعر الصرف، في محاولة لتحقيق استقرار اقتصادي، إلا أن خبراء اقتصاديين شككوا في جدوى هذه الخطوات في ظل الحرب المستمرة.
 

تصاعد العنف في جنوب السودان وتعليق أنشطة إغاثية
   إلى جانب الأزمات السياسية والاقتصادية في السودان، أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" تعليق عملياتها في مقاطعتي ناصر وأولانغ بجنوب السودان، بعد تعرض فريقها لهجوم مسلح أثناء إيصال إمدادات طبية.
وأكدت المنظمة أن مسلحين مجهولين أطلقوا النار على قوارب تقل أفرادها، ما أجبرهم على الفرار، في حادثة تعكس تدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة.