رغم مرور 14 عامًا على اندلاع الثورة التونسية، التي مثّلت نقطة تحول في مسار التاريخ الحديث لتونس، إلا أن ذكرى 14 يناير 2011 لا تزال حاضرة بقوة في وجدان التونسيين.
ذلك اليوم الذي شهد سقوط نظام زين العابدين بن علي، وسط هتافات الحرية والكرامة الوطنية، لا يزال محفورًا في الذاكرة الجمعية كرمز للأمل والنضال.
وعبر تصريحات شخصيات وطنية وسياسية، يُعيد هذا التقرير استرجاع أحداث ذلك اليوم التاريخي، في ظل واقع تونسي يشوبه التحديات والانكسارات.
أحداث 14 يناير.. استعادة اللحظات الفاصلة
يتحدث أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني، عن يوم 14 يناير بوصفه "يومًا مفصليًا لا يُنسى".
الشابي، الذي كان وقتها في مقر الحزب الجمهوري، يستذكر التظاهرات التي اتجهت إلى وزارة الداخلية، ويشير إلى أنه تواصل مع وزير الداخلية آنذاك، أحمد فريعة، لضمان سلمية التظاهرات، معبرًا عن شعوره بالخطر إذا خرجت الأمور عن السيطرة.
ومع إعلان مغادرة بن علي البلاد مساء ذلك اليوم، انطلقت نقاشات تشكيل أول حكومة انتقالية، والتي شهد الشابي مشاركته المؤقتة فيها.
رموز النضال.. قصص من الزنازين والشوارع
حمة الهمامي، الأمين العام لحزب العمال، يستعيد تفاصيل اعتقاله قبل يومين من سقوط النظام، ويصف اقتحام منزله على يد عشرين أمنيًا، في مشهد خلّف أثرًا عميقًا في ذاكرة ابنته الصغيرة.
ورغم التحقيقات والتهديدات، كان صوت الجماهير الهادر يوم 14 يناير يصل إليه في زنزانته.
حين علم بهروب بن علي، عادت به الذكريات إلى اعتقالات سابقة، مؤكدًا أن لحظة الحرية تلك كانت لحظة تاريخية لا تُنسى.
عز الدين الحزقي، القيادي في جبهة الخلاص الوطني، كان شاهدًا على الأحداث من قلب شارع الحبيب بورقيبة.
ويصف المشهد بأنه مزيج من الحلم والتحقق، حيث احتشد الآلاف في مواجهة وزارة الداخلية، ودموع الحزقي أمام هتافات الحرية تعكس حجم الأمل الذي حملته تلك اللحظات.
الخيبة والأمل.. الثورة بين الانتصار والانكسار
ورغم مرور أكثر من عقد على الثورة، إلا أن الشعور بالخيبة حاضر بقوة، ليشير الشابي إلى أن الثورة حملت آمالًا كبرى لم تتحقق بشكل كامل، مؤكدًا أن الانكسار الحالي يمكن تجاوزه بحوار وطني جامع.
أما الهمامي، فيرى أن مسار الثورة تعثر بفعل العودة إلى النظام البوليسي، لكنه يصر على أن شعارات الحرية والكرامة الوطنية ستظل حيّة.
من جانبها، عبّرت شيماء عيسى، القيادية بجبهة الخلاص الوطني، عن تمسكها بمكتسبات الثورة، رغم التحديات والانتكاسات التي رافقت السنوات الأخيرة، وأشارت إلى أن الاحتفال بذكرى الثورة اليوم هو تجديد للعهود والتمسك بروح النضال، رغم الظروف القمعية.
الثقافة ودورها الغائب في الثورة
رؤوف بن يغلان، الممثل المسرحي، يرى أن البعد الثقافي للثورة لم يأخذ حقه، ويشير إلى أن الفقر الثقافي والتغييب المتعمد لدور المثقفين أضعفا الوعي الشعبي بأهمية التغيير، ويؤكد أن الثورة كانت فرصة لتعزيز الفعل الثقافي، وهو ما لم يتحقق بالشكل المطلوب.
إحياء الذكرى.. وقفات ومسيرات
في 14 يناير 2025، خرجت جبهة الخلاص الوطني والشبكة التونسية للحقوق والحريات ومعارضين لقيس سعيد في وقفات ومسيرات تطالب بالديمقراطية والإفراج عن المعتقلين السياسيين، ورفعت الشعارات المطالبة بالحريات ورفض القوانين القمعية.