تثير تصريحات وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، عن نيته توسيع "الدولة اليهودية" لتشمل جميع الأراضي الفلسطينية وأجزاء من سوريا، القلق حول تطورات مستقبلية. وفقًا لسموتريتش، فإن إستراتيجية "إسرائيل" المعلنة "خطوة بخطوة" تعني التقدم باتجاه دمشق، استنادًا إلى اعتقاد أن مستقبل القدس مرتبط بتوسعها حتى العاصمة السورية.
هذا الهدف الذي يتماشى مع مشروع "إسرائيل الكبرى"، يشمل ضم أجزاء من الأردن ولبنان ومصر وسوريا والعراق والسعودية. تحذر التحليلات من أن تحقيق هذا الطموح قد يؤدي إلى اضطراب إقليمي شامل، وتحويل الديناميكيات الحالية من مواجهات عبر وكلاء إلى حرب مباشرة بين دول.
الفراغ الأمني بعد سقوط الأسد
في 8 ديسمبر، أسفر سقوط نظام بشار الأسد عن فراغ أمني أتاح لـ "إسرائيل" تدمير معظم قدرات الدفاع العسكري السوري والتقدم داخل الأراضي السورية خارج مرتفعات الجولان المحتلة، وصولًا إلى مواقع قريبة من دمشق. هذا التطور أثار ردود فعل متباينة؛ حيث يرى أنصار الأسد أن هذه الأحداث تؤكد أهمية وجوده كعائق أمام الاحتلال الإسرائيلي. لكن في المقابل، تُعتبر هذه المزاعم مبالغًا فيها نظرًا لأن الأسد لم يتخذ خطوات لاستعادة الجولان أو مواجهة الاحتلال الإسرائيلي بشكل فعال.
على مدى سنوات، استغلت إسرائيل نظام الأسد كحاجز مفيد، يحافظ على سوريا ضعيفة وغير قادرة على تهديدها عسكريًا، وهو ما يعكس سياستها التقليدية تجاه النظام السوري.
مواقف الحكومة السورية الجديدة
واجهت القيادة السورية الجديدة، بقيادة أحمد الشرع المعروف باسم أبو محمد الجولاني، اتهامات بالتساهل مع التوغل الإسرائيلي. في مقابلة مع وسائل إعلام غربية، أبدى حاكم دمشق، ماهر مروان، تفهمًا للتحركات الإسرائيلية ووصفها بأنها رد فعل على مخاوف أمنية بعد سقوط الأسد.
الشرع أكد على رغبته في العودة إلى اتفاقية 1974 مع "إسرائيل" واستئناف نشر قوات الأمم المتحدة في المنطقة منزوعة السلاح في الجولان. كما شدد على أن الحكومة السورية الجديدة لا تريد أي صراع مع "إسرائيل" أو استخدامها كقاعدة لشن هجمات.
من جهة أخرى، يبدو أن ضعف القدرات العسكرية السورية، بعد تدمير 80% من دفاعاتها الجوية والبرية والبحرية، أجبر القيادة الجديدة على اتخاذ نهج براجماتي. تهدف الإدارة إلى توحيد الفصائل المسلحة السابقة تحت وزارة الدفاع، نزع سلاح جنود النظام السابق، واستيعاب المقاتلين الأكراد في الجيش السوري الجديد.
الأولويات الدبلوماسية
تركز الحكومة المؤقتة على إعادة بناء البنية التحتية وإحياء الاقتصاد. نظمت القيادة العديد من اللقاءات مع وفود دولية لتأمين صفقات إعادة إعمار ورفع العقوبات، إلى جانب مساعي إزالة اسم هيئة تحرير الشام، التي يقودها الشرع، من قوائم الإرهاب الغربية.
التصعيد ضد "إسرائيل" قد يعرض هذه الجهود للخطر، خاصة أن القوى الغربية قد ترفض الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة إذا تورطت في مواجهات عسكرية. لذلك، تسعى دمشق إلى استقرار الوضع الداخلي والحفاظ على السلام مع "إسرائيل".
بالرغم من الموقف الحذر، تمتلك سوريا أوراق ضغط دبلوماسية يمكن استخدامها. تركيا، التي لعبت دورًا في إسقاط الأسد، تدعم القيادة الجديدة عسكريًا واقتصاديًا. هذا التحالف قد يشكل توازنًا مع "إسرائيل"، لكن أي خطوة تُعتبر عدائية قد تثير مخاوف تل أبيب من تقليص "حريتها في التحرك" داخل سوريا.
الخيار الأكثر دبلوماسية يكمن في دول الخليج. أبدت السعودية والإمارات وحتى قطر استعدادها لدعم الحكومة السورية الجديدة اقتصاديًا. يمكن لهذه الشراكات تسهيل الحوار بين دمشق وتل أبيب، ما قد يؤدي إلى تهدئة الوضع.
تعتمد إستراتيجية القيادة السورية على تجنب التصعيد مع "إسرائيل" والتركيز على الدبلوماسية لإعادة بناء البلاد واستقرارها. يبقى السؤال مفتوحًا حول كيفية استجابة "إسرائيل" لهذا النهج، خاصة في ظل التوترات المتزايدة والطموحات التوسعية لبعض أجنحتها السياسية.
https://www.middleeastmonitor.com/20241231-how-will-the-new-syria-handle-its-greater-israel-problem/