في ظل انغلاق أفق سياسي غير مسبوق في مصر، شهد العام 2024 جرائم عدة بحق الإنسان المصري وغير المصري على أرض مصر، من تضييق وقضم للحريات، وقتل خارج إطار القانون، وتعذيب في السجون، وإهمال طبي مفضٍ إلى القتل.

ومن أقسى ما يمكن تصوره إشراف سلطة السيسي الأمنية على عملية قتل بالإهمال الطبي للمصريين في مراكز الشرطة والسجون، بدم بارد، ما يوجب محاكمتهم على جرائمهم التي لا تسقط بالتقادم.

وفي هذا السياق، رصدت منظمات حقوقية، على مدار العام 2024، أكثر من خمسين حالة وفاة بين السجناء السياسيين في سجون مصر ومقار الاحتجاز المختلفة، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد وأوضاع الحبس المزرية.

وكشفت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان عما وصفته بـ"الأوضاع الكارثية التي يعيشها المحتجزون، بما في ذلك التكدس الشديد الذي يتجاوز في بعض الأماكن 300% من الطاقة الاستيعابية لغرف الحجز، مع ارتفاع درجات الحرارة لدرجات قياسية خلال أشهر الصيف، وانعدام الرعاية الطبية والصحية، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي المستمر في أماكن احتجاز غير آدمية تفتقر إلى أدنى معايير الأمان والسلامة".

وحذرت على مدار الأعوام الماضية من أن الأوضاع في مقار الاحتجاز "تعرض حياة الآلاف من المحتجزين للخطر، مما نتج عنه حالات وفاة متعددة تم توثيقها ونشرها لمحتجزين مصريين محبوسين احتياطيًا في العديد من أقسام ومراكز الشرطة والسجون على مستوى الجمهورية".

ورصدت العديد من المنظمات الحقوقية، العديد من حالات الوفاة لسجناء سياسيين، على مدار العام، وثقتها منظمات حقوقية، من بينها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، وغيرهم.

وفي يناير 2024، توفي النائب البرلماني السابق، عادل رضوان عثمان محمد، داخل محبسه بسجن بدر 3. وكان محبوسًا على ذمة المحضر رقم (14) 1513 لسنة 2022 مركز شرطة ديرب نجم، كما قضى السجين السياسي محمد الشربيني علي السيد، 58 عامًا، والمحامي بالنقض، داخل محبسه بمستشفى سجن بدر، وفي الشهر نفسه، توفي السجين السياسي الشاب طه هيبة، 32 عامًا، داخل محبسه بسجن بدر.

شملت لائحة الوفيات خلال يناير أيضًا، إبراهيم محمد العجيري، الذي فارق الحياة بعد ساعات من نقله من سجن بدر 3 إلى مستشفى قصر العيني بالقاهرة. بالإضافة إلى أحمد موكاسا سانجا، طالب أوغاندي، توفي في قسم شرطة القاهرة الجديدة وسط شبهات حول تعذيبه.

وسجل شهر فبراير 2024 وفاة عبدالله الديساوي صالح،67 عامًا، في سجن وادي النطرون، نتيجة معاناة مع المرض. كما توفي العميد علي حسن عبد الرحمن الشرفي، يمني الجنسية ومقيم بمصر إقامة دائمة، داخل محبسه بقسم شبرا بمحافظة القليوبية، وذلك بعد أيام من توقيفه من قبل مباحث الأموال العامة، بتهمة الاتجار بالعملة.

وفي مارس، ضمت قائمة الوفيات أيضًا، كلاً من أحمد محمد أبو اليزيد البلتاجي، من مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، توفي نتيجة تدهور حالته الصحية لعدم تلقيه الرعاية الطبية والصحية في الحبس، ثم السجين السياسي، حسن حسين عبداللطيف حميدة، 60 عامًا، داخل محبسه بسجن المنيا العمومي، دون توضيح ملابسات ولا أسباب الوفاة. كما سجل مارس وفاة السجين محمد الليل الذي توفي في قسم شرطة منيا القمح بمحافظة الشرقية.

وفي شهر إبريل توفي أحمد محمود الجبلاوي، أمين حزب الحرية والعدالة من محافظة قنا، عن عمر يناهز 60 عاما بسجن العاشر من رمضان نتيجة الإهمال الطبي المتعمد. وأيضًا محمد جاد، من محافظة الغربية، داخل محبسه بسجن بدر، حيث كان مريض قلب وأصيب بجلطة تم نقله إلى المستشفى السجن على إثرها وتوفي داخل المستشفى.

أما السجين السياسي، المحمدي عبد المقصود، عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة حلوان، وعضو اللجنة التنفيذية لحزب العمل من 1998 حتى تجميده، وأحد رموز حزب العمل في مصر، فإنه توفي بعد تدهور حالته الصحية إثر إصابته بالسرطان أثناء فترة وجوده في محبسه في سجن وادي النطرون، كما قضى السجين السياسي أشرف محمد عثمان، داخل محبسه في سجن بدر 1 بعد إصابته بالسرطان، في حين توفي السجين السياسي زهري إبراهيم عبد الكريم الخولي، 58 عامًا، داخل محبسه بسجن المنيا شديد الحراسة نتيجة سوء ظروف الاحتجاز والإهمال الطبي المتعمد.

أما هشام محمد أحمد رضوان، مدرس رياضيات، فتوفي في محبسه، وقد كان محبوسًا منذ عام 2016 لاتهامه في قضايا عسكرية. وأيضًا رجل الأعمال والسجين السياسي وأحد قياديي جماعة الإخوان المسلمين ورئيس مجلس إدارة قناة مصر 25 قبيل إغلاقها، صادق عبد الرحمن صادق الشرقاوي، 74 عامًا، توفي داخل محبسه بسجن بدر 3. وهو السجن نفسه الذي توفي فيه محمد محمود جاد.

وفي يونيو، توفي السجين السياسي، الأستاذ الجامعي والداعية الديني سمير يونس صلاح، 67 عامًا، بعد أن تم نقله من سجن الأبعدية بدمنهور إلى مستشفى دمنهور بعد تدهور حالته الصحية في محبسه. وأيضًا محمد عسكر، 40 عامًا، توفي في سجن جمصة الدقهلية نتيجة أزمة قلبية. بالإضافة إلى شهاب أحمد كحلة، 25 عامًا، توفي في قسم شرطة إمبابة بالجيزة نتيجة سوء أوضاع الاحتجاز. وناصر صابر عبد الرحمن، سجين سياسي، توفي في سجن بدر 3 بالعاشر من رمضان، نتيجة الإهمال الطبي. وشملت اللائحة سجينة روسية جنائية، توفيت منتحرة في سجن العاشر من رمضان نتيجة تدهور ظروف الحبس وحالتها النفسية. وسجين سياسي، لم تذكر المنظمات الحقوقية اسمه، توفي في قسم شرطة حلوان، نتيجة ظروف الاحتجاز وارتفاع درجات الحرارة.

وخلال الشهر نفسه، تم توثيق وفاة كل من السجين السياسي أحمد الصياد، 40 عامًا، في سجن بدر 1، إلى جانب السجين السياسي ثروت شديد، في سجن بدر نتيجة الإهمال الطبي. أحمد بعرة، 31 عامًا، توفي في قسم شرطة كفر الدوار بمحافظة البحيرة نتيجة التعذيب. أحمد مرسي السعودي، توفي في قسم شرطة كفر الدوار بالبحيرة، نتيجة الإهمال الطبي وظروف الاحتجاز.

وفي يوليو، توفي السجين السياسي محمد فاروق حسين، 49 عامًا، بمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، بعد تدهور حالته الصحية. ثم الشاب، يوسف محمد، 33 عامًا، داخل مقر الاحتجاز بقسم عتاقة في السويس، جراء الإهمال الطبي، بعد إصابته بالحمى، عقب إلقاء القبض عليه بأيام قليلة في أحد الأكمنة جراء مشادة كلامية مع ضابط شرطة. إلى جانب السجين السياسي محمد زكي، 40 عامًا الذي توفي داخل محبسه بسجن الوادي الجديد، "نتيجة التعذيب والمعاملة غير الإنسانية". كما رصد مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، وفاة خمسة سجناء جنائيين في قسم شرطة الزقازيق.

وفي أغسطس، توفي السجين السياسي أسامة عامر، مدرس اللغة العربية من مدينة طهطا بمحافظة سوهاج، بعد أيام من القبض عليه وإصابته بأزمة صحية داخل محبسه بسجن قوات الأمن المركزي بسوهاج. في حين توفي مهند قنديل، 20 عامًا، من قرية كفر عصام المجاورة لطنطا، بسبب "التعذيب على يد رئيس مباحث قسم شرطة ثان طنطا". وأسلم الروح السجين السياسي، حسن إبراهيم غمري، داخل محبسه بمستشفى سجن برج العرب بعد تدهور حالته الصحية حيث كان مصابًا بالتهاب في الكبد وتفاقم المرض على مدار سنوات احتجازه بسبب ظروف الحبس السيئة وغياب الرعاية الصحية داخل السجون.

وتوفي السجين السياسي، حسام الدين كمال عبد المجيد عبد المنعم (59 عامًا) الذي كان محبوسًا احتياطيًا على ذمة إحدى القضايا السياسية، داخل سيارة الترحيلات أثناء ترحيله من محبسه بقسم شرطة حلوان، جنوبي القاهرة، إلى سجن جمصة شمالي مصر. ثم مصطفى محمود كريم أمين، 28 عامًا، توفي في قسم شرطة جرجا بمحافظة سوهاج، بعد أربعة أيام فقط من احتجازه.

وفي سبتمبر، وداخل محبسه بسجن الوادي الجديد، قضى نحبه السجين السياسي طارق طه عبد السلام أبو العزم، 53 عامًا، بعد تعرضه خلال السنوات الماضية إلى مضايقات وتعذيب بدني ونفسي، مما أدى إلى فقدانه الكثير من الوزن والوفاة. فيما توفي سعيد العجرودي، 33 عامًا، نتيجة الإهمال الطبي في قسم شرطة بلبيس في محافظة الشرقية. وتوفي عبد الله صيام، في قسم شرطة بلبيس بمحافظة الشرقية بعد ضربه ضربًا مبرحًا، حسب مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب.

أما أكتوبر، فشهد وفاة السجين السياسي، مجدي محمد عبد الله محمود، داخل مستشفى سجن المنيا بعد أن تدهورت حالته الصحية نتيجة للظروف القاسية داخل السجن وسوء الرعاية الصحية والطبية، السجين السياسي عبد الله زين العابدين، أمين عام نقابة الصّيادِلَة الأسبق، في محبسه بسجن بدر بعد حبس دام لما يقرب من الخمس سنوات، نتيجة الإهمال الطبي والحرمان من الرعاية الصحية والعلاج وهو بعمر 70 عامًا.

السجين السياسي السابق، أحمد عبد الله أبو القاسم، 32 عامًا، سقط بشكل مفاجئ مغشيًا عليه، بعد خروجه مباشرة من مبنى الأمن الوطني بالإسكندرية وتوفي في الحال. طارق أبو العز، رائد سابق في القوات المسلحة، توفي في سجن الوادي الجديد بعد تعذيب مبرح استمر أسبوعين. رمضان يوسف عشري، توفي في السجن بعد معاناة في عدة سجون منذ عام 2017. مجدي محمود، مدرس، توفي في سجن المنيا نتيجة الإهمال الطبي المتعمد.

وفي نوفمبر ، توفي السجين السياسي إيهاب مسعود إبراهيم جحا، 51 عامًا، عضو حزب الاستقلال، وذلك  بعد تدهور حالته الصحية في سجن برج العرب بالإسكندرية. السجين السياسي، فضل سليم محمود، 64 عامًا، وكيل معهد أزهري بدير مواس بمحافظة المنيا، توفي داخل محبسه بسجن المنيا.

أما شهر ديسمبر، فتوفي السجين السياسي، محمد محمد عز الدين الشال، 58 عامًا، داخل زنازين مقر الأمن الوطني بقسم شرطة ههيا بمحافظة الشرقية. وتوفي السجين السياسي، عبد الفتاح عبد العظيم عبد الفتاح عطية، بالمركز الطبي بسجن بدر، بعد تدهور حالته الصحية حيث كان يعاني من مشاكل خطيرة بالكبد والقلب والكلى. ولقي ربه سعد السيد، بعد تعرضه لتعذيب مروّع على يد ضابط داخل قسم شرطة العامرية بمحافظة الإسكندرية.

يُشار إلى أن العام 2023، سجل 32 حالة وفاة في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، أغلبهم لسجناء سياسيون. بينما توفي 52 سجينًا، إما نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، أو البرد، أو الوفاة الطبيعية في ظروف احتجاز مزرية وغير آدمية، تجعل الوفاة الطبيعية في حد ذاتها أمرًا غير طبيعي، خلال 2022. كما أدى الإهمال الطبي وسوء أوضاع الاحتجاز، لوفاة 60 محتجزًا داخل السجون ومقار الاحتجاز المصرية، خلال عام 2021.

وهكذا يكون العام 224 الأشد وطاة وانتهاكًا لحقوق الانسان في مصر، في ظل حكم العسكر. بينما يبقى القادم أسوأ في ظل بطش عسكري وتشريعات قانونية ضد الحريات والحقوق الإنسانية للمصريين، سواء في قانون الإجراءات الجنائية الجديد أو غيره من القوانين التي تطلق يد الأجهزة الأمنية تنهش حقوق المصريين.