أقرّ مجلس النواب في مصر 30 مادة من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، ليصل إجمالي المواد التي مرّرها إلى 61 مادة من أصل 540، على أن يستكمل مناقشة مواد القانون المتبقية في جلساته المقبلة، ابتداءً من 12 يناير 2025. ورفض المجلس بأغلبيته كلّ التعديلات المقدّمة من النواب على المواد التي أقرّها، بما فيها مواد تفتيش النساء ودخول المنازل والتنصّت، أو تلك المتعلقة بمنع المحامي من الحضور مع المتّهم أمام مأمور الضبط القضائي، ومنح رجال السلطة العامة سلطة اقتحام المنازل والمحال "في حالات الخطر".

 

تفتيش المنازل

ونصّ مشروع قانون الإجراءات الجنائية في مصر على أنّ "للمنازل حرمة، ولا يجوز دخولها، ولا تفتيشها، ولا مراقبتها ولا التنصت عليها، إلا بأمر قضائي مسبّب يحدّد المكان والتوقيت، والغرض منه. واستثناءً من ذلك، يجوز لرجال السلطة العامة دخول المنازل، وغيرها من المحال المسكونة، في حالات الخطر أو الاستغاثة".

بينما كانت تنص المادة 58 من الدستور المصري الصادر في عام 2014 على أن: "للمنازل حرمة، وفيما عدا حالات الخطر، أو الاستغاثة لا يجوز دخولها ولا تفتيشها، ولا مراقبتها ولا التنصت عليها، إلا بأمر قضائي مسبب، يحدد المكان، والتوقيت، والغرض منه، وذلك كله في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية التي ينص عليها، ويجب تنبيه من في المنازل عند دخولها أو تفتيشها، واطلاعهم على الأمر الصادر في هذا الشأن".

كما تنص المادة 59 من الدستور نفسه على أن: "الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها".

وتنص المادة (91) من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 على أن:

"تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق ، ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضي التحقيق، بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة".

ولقاضي التحقيق أن يفتش أي مكان ويضبط فيه الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أنه استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها أو وقعت عليه وكل ما يفيد في كشف الحقيقة .

وفي جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسببًا".

 كما تنص المادة (92) من ذات القانون على أن: "يحصل التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه إن أمكن ذلك. وإذا حصل التفتيش في منزل غير المتهم يدعى صاحبه للحضور بنفسه أو بواسطة من ينيبه عنه إن أمكن ذلك"، وفقًا لموقع "الراية".

وبناءً عليه فإنه من الأهمية بمكان بداءة أن نبين المراد بالمسكن الذي يمنحه الدستور والقانون هذه الحماية والحرمة:

فالمسكن هو مستودع سر الشخص، وهو المكان الذي يقطن فيه عادة أو يقيم به ولا يباح لأي فرد الدخول فيه إلا بأذن منه ويكفي حتى تتوفر للمسكن الحماية القانونية أن يكون في حيازة شخص سواء أكان مسكونًا فعلًا أم خالي من السكان، لأن الدخول إليه على أي الحالين لا يكون إلا بإذن من له حق حيازته، فالشقة الخالية في منزل لا يجوز تفتيشها إلا برضاء من صاحبها.

ويستوي أن يكون مصدر حيازة المسكن هو الملكية أو الإيجار أو العارية، ولا يهم شكل المسكن، فقد يكون قائمًا بذاته أو شقة في منزل أو غرفة في فندق، أو خيمة في الصحراء، أو مركب في النهر.

كذلك لا عبرة بمدة الإقامة طالت أم قصرت، فمن يشغل حجرة بفندق ليلة واحدة تسبغ عليه الحماية القانونية. وقد يكون للمسكن بعض الملحقات كالحدائق المسورة والمخازن، وهي تلحق به في حكمها ولها ذات الحماية المقررة له لأنها في حوزة صاحبها لا يباح لأي فرد الاطلاع عليها وهناك بعض الأمكنة لا يجوز تفتيشها إطلاقًا کالسفارات والمفوضيات ومنازل السفراء والوزراء المفوضين وفقًا لقواعد القانون الدولي العام والاتفاقيات ذات الصلة ومبادئ المعاملة بالمثل، ولا يستفيد من الحماية التي قررها القانون للمكان إلا الحائز له، بمعنى أن التفتيش الذي يقع فيه مخالفًا للقانون لا يستطيع غيره أن يدفع ببطلانه، فإن أُبدي الدفع من شخص أخر لا يعتد به لانتفاء حكمة التشريع في هذه الصورة.

 

تفتيش المتهم

وأضاف مشروع قانون الإجراءات الجنائية في مصر أنّه "يجوز لمأمور الضبط القضائي تفتيش المتهم في الأحوال التي يجوز فيها قانونًا القبض عليه. وإذا كان المتهم أنثى، وجب أن يكون تفتيشها بمعرفة أنثى ينتدبها، وأن يضبط الأشياء والأوراق التي يُحتمل أن تكون قد استُعملت في ارتكاب الجريمة، أو نتجت عن ارتكابها، أو وقعت عليها، وكلّ ما يفيد في كشف الحقيقة".

وأجاز قانون الإجراءات الجنائية في مصر لمأموري الضبط القضائي "استعمال القوة الجبرية عند أداء واجباتهم"، و"حجز وتقييد حرية الأشخاص في أماكن الاحتجاز، ومراكز الإصلاح والتأهيل المخصّصة لذلك"، و"عدم الجواز للقائمين عليها بقبول أيّ شخص إلا بمقتضى أمر قضائي مسبّب موقّع عليه من السلطة المختصة". كذلك، أجاز لمأموري الضبط القضائي "القبض على المتهم الذي توجد دلائل كافية على اتهامه، في أحوال التلبّس بالجنايات أو بالجنح التي يُعاقَب عليها بالحبس لمدّة تزيد عن ثلاثة أشهر"، وأن "يبلغ مأمور الضبط المتهم بالتهم المنسوبة إليه، ويحيطه بحقوقه كتابة، ويمكّنه من الاتصال بذويه وبمحاميه"، وفقًا لـ"العربي الجديد"

في هذا الإطار، قال رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي إنّ "حضور المحامي مع المتهم ليس وجوبيًا في مرحلة جمع الاستدلالات، بخلاف الاستجواب الذي يكون في حضور المحامي"، مستطردًا بأنّ "مرحلة جمع الاستدلالات تخضع لرقابة القضاء، وقضاء مصر عظيم وشامخ، ولا يجب التشكيك في القضاء".

وكان مجلس النواب قد وافق، من ضمن مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، على "جواز التصالح في جرائم العدوان على المال العام، بموجب تسوية تجريها لجنة من الخبراء، يصدر بتشكيلها قرار من رئيس الوزراء. ولا يكون التصالح نافذًا إلا بعد اعتماد مجلس الوزراء، ويكون لمحضر التصالح قوة السند التنفيذي حينها". وبحسب القانون نفسه، "يمتدّ أثر التصالح إلى جميع المتهمين، أو المحكوم عليهم، من دون المساس بمسؤوليتهم التأديبية. ويقدّم طلب التصالح من المتهم أو المحكوم عليه أو وكيلهما الخاص، ويجوز للأخير اتّخاذ كلّ الإجراءات المتعلقة بإعادة إجراءات المحاكمة في غيبة المحكوم عليه، في الأحكام الصادرة غيابيًا".