تشهد وكالة البلح الشهيرة والتي تُعد مركزًا رئيسيًا لتجارة البطاطين والمفروشات بالجملة، حالة من الهدوء النسبي هذا العام، فالشارع الذي طالما امتلأ بالمشترين، خصوصًا من ممثلي الجمعيات الخيرية وأفراد الخير، يبدو مختلفًا في موسم الشتاء الحالي.
السبب الرئيسي هو ارتفاع كبير في أسعار البطاطين، مما دفع الجمعيات لتقليص الكميات التي اعتادت شراءها.
ارتفاع ملحوظ في الأسعار
علي أحمد، تاجر مفروشات بالوكالة، يُبرز حجم الأزمة بقوله: "أسعار البطاطين الصوف تتراوح هذا العام بين 180 جنيهًا و320 جنيهًا، بينما البطاطين ذات الخامات الناعمة مثل الأكريلك بوزن 2 أو 3 كيلو تتراوح أسعارها بين 500 و1200 جنيه حسب الجودة والوزن".
وأشار إلى أن الأسعار ارتفعت بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضي، موضحًا أن الأسباب تشمل: ارتفاع تكاليف الإنتاج، وانخفاض قيمة الجنيه، وزيادة أجور العمال، وارتفاع أسعار الكهرباء والضرائب، وارتفاع تكاليف النقل.
الجمعيات الخيرية تقلص الكميات
الجمعيات الخيرية كانت زبوننا الأول"، يقول أحمد، مضيفًا أن الكميات التي كانت تُشترى سابقًا تراجعت بشكل كبير، والعام الماضي كانت بعض الجمعيات تشتري 300 قطعة، أما الآن فلا تتعدى مشترياتها 100 قطعة.
وليد بدروس، بائع آخر بالوكالة، أكد هذه الملاحظة، قائلاً: "حتى مع تقديم خصومات خاصة للجمعيات، لم يزد الإقبال، بعض الجمعيات التي اعتادت شراء 500 قطعة تكتفي الآن بـ 100 قطعة فقط"، وأوضح أن الجمعيات باتت تركز على إيجاد خيارات أرخص، حتى لو على حساب الجودة.
تأثير ارتفاع الأسعار على الأفراد
ارتفاع الأسعار لم يقتصر تأثيره على الجمعيات الخيرية فحسب، بل امتد إلى الأفراد، رامي عبد الفتاح.
تاجر آخر في الوكالة، قال: "أسعار البطاطين الشعبي تبدأ من 200 جنيه، بينما الفاخرة تصل إلى 500 جنيه. ومع ذلك، الإقبال انخفض بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضي".
وأشار عبد الفتاح إلى أن المواطن العادي بات يركز على شراء بطانية واحدة فقط بدلاً من اثنتين، مع التركيز على السعر المنخفض بغض النظر عن الجودة.
وأوضح أن المستهلك يبحث عن ما يوفر الدفء الأساسي فقط، ما يعكس واقع الأزمة الاقتصادية التي تضغط على مختلف الفئات.
عبد الفتاح أضاف: "أصحاب الجمعيات يأتون بميزانية محددة، وبناءً على الأسعار يحددون الكميات، كلما ارتفعت الأسعار، قلت الكميات".
مقارنة بالعام الماضي
العام الماضي، شهد إقبالاً غير مسبوق بسبب الأحداث المؤثرة في غزة، حيث ازداد دعم الجمعيات الخيرية والأفراد للتبرع بالبطاطين.
لكن هذا العام، يبدو أن الجمعيات الخيرية تواجه ضغوطًا مالية كبيرة دفعتها إلى خفض ميزانياتها المخصصة لشراء البطاطين.