في حادث مأساوي جديد يضاف إلى قائمة طويلة من حوادث القطارات في مصر، لقيت طالبتان مصرعهما تحت عجلات القطار أثناء عبورهما لشريط السكة الحديد في محافظة سوهاج بصعيد مصر يوم الأحد. وأثارت الحادثة تساؤلات عديدة حول معايير السلامة وإهمال تطوير مزلقانات السكك الحديدية، وأعادت الجدل حول دور المسؤولين، وعلى رأسهم وزير النقل كامل الوزير، الذي لم يُحاسب رغم توالي الحوادث.

تفاصيل الحادث
أفادت السلطات بتلقي بلاغ من قسم النقل والمواصلات بسوهاج يتضمن وقوع حادث وفاة للطالبتين سامية سامح وديانا ميلاد، وهما طالبتان بكلية الطب بجامعة أسيوط. وأوضح البلاغ أن الحادث وقع أثناء عبورهما شريط السكة الحديد من مكان غير مخصص للعبور، حيث لم تستجيبا لتنبيهات القطار، ما أدى إلى اصطدامه بهما وتحول جثتيهما إلى أشلاء. وتم نقل جثمانيهما إلى مشرحة مستشفى طما المركزي لاستكمال الإجراءات القانونية.

سلسلة لا تنتهي من الحوادث
لا تُعد هذه الحادثة فريدة من نوعها، فقد وقعت حوادث مماثلة في مناطق أخرى بمصر، كانت أبرزها حادثة وفاة طفلين شقيقين دهساً تحت عجلات القطار أثناء محاولتهما عبور السكة الحديد للذهاب إلى المدرسة بقرية "البليدة" بجنوب محافظة الجيزة، وحادثة أخرى وقعت في الحوامدية بمحافظة الجيزة، حينما لقي طفل يبلغ من العمر 4 سنوات مصرعه بعد أن صدمه القطار أثناء انشغاله باللعب بالطائرة الورقية.

مزلقانات السكك الحديدية: بنية تحتية متردية وإهمال متواصل
تثير الحوادث المتكررة على مزلقانات السكة الحديدية تساؤلات حول البنية التحتية المتردية والإهمال الواضح في معايير السلامة التي باتت تهدد أرواح المواطنين. وتعد مصر واحدة من الدول التي تشهد معدلات عالية من حوادث القطارات سنوياً، إذ لا يمر شهر تقريباً دون تسجيل حادث جديد، وغالباً ما يكون السبب مرتبطاً بالبنية التحتية القديمة، وغياب أنظمة الأمان على المزلقانات، وانتشار الطرق غير الآمنة للعبور على مسارات القطارات.

كامل الوزير: تساؤلات حول المساءلة
يُعتبر وزير النقل المصري، كامل الوزير، من الشخصيات التي تتعرض لانتقادات واسعة عقب كل حادثة، ورغم الانتقادات المستمرة إلا أنه لا يزال في منصبه. تساءل الكثيرون عن أسباب استمرار الوزير في منصبه رغم تكرار الحوادث التي تكشف عن غياب الرقابة والتطوير، معتبرين أن بقاءه يمثل نموذجاً لعدم المساءلة في النظام الحكومي المصري.

وكان كامل الوزير قد وعد في وقت سابق بتطوير شامل لمنظومة السكك الحديدية، وتزويدها بأنظمة أمان متقدمة للحد من الحوادث. إلا أن هذه الوعود لم تحقق نتائج واضحة، مما يزيد من غضب المواطنين الذين فقدوا الثقة في قدرة المسؤولين على إجراء الإصلاحات الضرورية.

لماذا لم تُحاسب الحكومة؟
تعتبر قضية مساءلة المسؤولين في مصر قضية شائكة، إذ تُترك العديد من الملفات دون محاسبة فعلية، ويعتبر البعض أن كامل الوزير مثالاً واضحاً على غياب المحاسبة في النظام المصري. فمنذ توليه حقيبة وزارة النقل، وقع العديد من الحوادث، لكن لم تجرِ محاسبته أو استبداله، مما يعكس تسامح الحكومة أو تساهلها تجاه الإخفاقات.

ويُشير مراقبون إلى أن عدم محاسبة المسؤولين يبعث برسالة سلبية للمواطنين، تفيد بأن الحكومة غير ملتزمة بسلامتهم وأمنهم، بل تتعامل مع الأزمات بحلول مؤقتة وسطحية دون النظر إلى الجذور الحقيقية للمشكلات.

ختاما؛ لا يُعقل أن يستمر نزيف الأرواح على مزلقانات السكك الحديدية دون مساءلة واضحة وملموسة. يجب أن تكون هناك محاسبة جادة، وإلا فإن الأرواح البريئة ستستمر في حصدها القطارات دون وجود حلول جذرية. ويظل السؤال الذي يطرحه الجميع: إلى متى يستمر هذا النزيف؟