أعلن رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي عن مشروع "أهل مصر"، الذي يُروج له كجزء من خطة تنمية شاملة لسكان المناطق الحدودية في ست محافظات مصرية. هذه المحافظات تشمل مناطق حدودية ذات أهمية استراتيجية، منها سيناء، مطروح، البحر الأحمر، الوادي الجديد، أسوان، وشمال سيناء. يُقدم المشروع على أنه خطوة نحو تحسين أوضاع سكان هذه المناطق النائية وتقديم خدمات اجتماعية وتنموية لهم، إلا أن العديد من المراقبين والمواطنين المحليين يرون أن المشروع مجرد وهم أو دعاية سياسية لا تحقق تحسينات ملموسة على أرض الواقع.

الهدف المعلن لمشروع "أهل مصر"
وفقاً للتصريحات الرسمية، يهدف مشروع "أهل مصر" إلى تحسين أوضاع سكان المناطق الحدودية من خلال تقديم الخدمات الأساسية مثل التعليم، الصحة، الإسكان، وتطوير البنية التحتية. يتضمن المشروع أيضاً تقديم دعم اقتصادي وتوفير فرص عمل لسكان هذه المناطق عبر تطوير مشروعات صغيرة ومتوسطة.

كما تسعى الحكومة المصرية من خلال المشروع إلى تعزيز الاستقرار الأمني في هذه المناطق التي تعتبر حيوية من الناحية الاستراتيجية، خصوصاً في ضوء التحديات الأمنية التي تواجهها سيناء من ناحية النشاط الإرهابي، وكذلك حدود مصر الغربية مع ليبيا.

واقع سكان المناطق الحدودية
على الرغم من الترويج الكبير للمشروع، إلا أن الواقع المعيشي لسكان المناطق الحدودية يشير إلى نقص حاد في الخدمات الأساسية. في سيناء مثلاً، تعاني العديد من المناطق من انعدام الخدمات الصحية والتعليمية بشكل كاف، بالإضافة إلى تردي البنية التحتية. يعيش السكان في ظل إجراءات أمنية مشددة فرضتها الدولة لمكافحة الإرهاب، ما يزيد من عزلة هذه المناطق ويعرقل أي محاولات جادة للتنمية.

في مطروح ومناطق الحدود الغربية، يواجه السكان مشكلات متعلقة بنقص المياه والخدمات الزراعية، مع عدم وجود استثمارات حقيقية تسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية لسكان هذه المناطق، الذين يعتمدون بشكل رئيسي على الرعي والزراعة كمصادر دخل أساسية.

الشكوك حول جدية المشروع
تثار العديد من التساؤلات حول مدى جدية الحكومة في تنفيذ مشروع "أهل مصر". في ظل السياسات الاقتصادية الحالية التي تعتمد على القروض وبيع الأصول، يشكك المراقبون في قدرة الدولة على تمويل مشروع تنموي ضخم في هذه المناطق، خاصة في ظل تراجع الاقتصاد المصري وارتفاع معدلات الفقر والتضخم.

كما أن المشروعات المعلنة في إطار "أهل مصر" تبدو في كثير من الأحيان أقرب إلى مشاريع دعائية تفتقر إلى الخطط التفصيلية أو الموازنة المالية الواضحة، ما يجعلها مجرد شعارات سياسية يستخدمها النظام لتحسين صورته أمام الرأي العام.

استغلال سياسي للمشروع
يبدو أن مشروع "أهل مصر" يأتي في سياق حملة أوسع لتلميع صورة النظام السياسي في مصر، وخاصة في المناطق التي تعاني من تهميش مزمن. يتم الترويج للمشروع كجزء من جهود السيسي لإعادة بناء البلاد، لكن الحقيقة على الأرض تشير إلى استمرار تدهور الأوضاع المعيشية في المناطق الحدودية، مما يدفع المواطنين إلى الشعور باليأس وعدم الثقة في الحكومة.

غياب التخطيط الفعّال والتنفيذ الملموس
على الرغم من التصريحات الإعلامية المتكررة حول مشروع "أهل مصر"، إلا أنه لا توجد معلومات موثوقة عن كيفية تنفيذ المشروع أو ما إذا كانت هناك خطوات فعلية لتحسين حياة السكان. وحتى الآن، لا توجد تقارير ميدانية تشير إلى أن السكان في هذه المناطق يشعرون بتحسن ملموس في حياتهم اليومية.

ختاما ؛ يبدو أن مشروع "أهل مصر" الذي يروج له السيسي ما هو إلا وهم جديد يُضاف إلى قائمة طويلة من المشروعات التي تُستخدم لأغراض سياسية وإعلامية دون أن يكون لها تأثير فعلي على حياة المواطنين. المناطق الحدودية في مصر لا تزال تعاني من الفقر والتهميش، ويبدو أن الحلول الحقيقية لمشاكلها لا تزال بعيدة المنال، ما يجعل هذا المشروع مجرد شعار آخر في سلسلة طويلة من السياسات الفاشلة.