أخلت السلطات المصرية، يوم الخميس، سبيل 151 شخصاً كانوا محبوسين احتياطياً على ذمة قضايا قيد التحقيق من قبل النيابة العامة. جاء هذا القرار في سياق جهود الحكومة المصرية لتلبية توصيات "الحوار الوطني" المتعلقة بملف الحبس الاحتياطي، وذلك وفقاً لما أعلنته وكالة "أنباء الشرق الأوسط".
القرار بإخلاء سبيل هؤلاء الأشخاص يأتي في وقت تتواصل فيه جهود الحكومة لإعداد تشريعات جديدة تتعلق بالحُبس الاحتياطي، والتي من المقرر أن تُرسل إلى مجلس النواب قريباً. ويعكس القرار استجابة مباشرة لتوصيات "الحوار الوطني" التي دعت إلى مراجعة سياسات الحبس الاحتياطي في مصر.
توصيات "الحوار الوطني"
كان رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي قد دعا في نهاية الشهر الماضي إلى إحالة توصيات "الحوار الوطني" للحكومة بسرعة، والتأكيد على أهمية تخفيض مدة الحبس الاحتياطي وحفظه كإجراء وقائي لا يتعدى كونه عقوبة. كما شدد السيسي على أهمية تطبيق بدائل للحبس الاحتياطي وتفعيل آليات للتعويض عن الحبس الخاطئ.
تأتي هذه الخطوة ضمن مجموعة من التوصيات التي قدمها "الحوار الوطني" في الشهر الماضي والتي شملت: تقليص مدة الحبس الاحتياطي، توفير بدائل، والتعامل مع حالات تعدد الجرائم. وقد تم تقديم هذه التوصيات إلى السيسي لتطبيقها على أرض الواقع.
الجدل حول نوايا القرار
مع إعلان النيابة العامة إخلاء سبيل هؤلاء المحبوسين، تعالت التساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوة تنفذ فعلاً توصيات "الحوار الوطني" أم أنها محاولة لتهدئة الرأي العام. الجدل حول هذا الموضوع يعكس القلق المتزايد بشأن كيفية تعاطي السلطات المصرية مع قضايا الحبس الاحتياطي وتطبيق توصيات الحوار الوطني.
في بيان صادر عن النيابة العامة، تم توضيح أن القرار جاء ضمن تكليفات النائب العام بمراجعة المواقف القانونية للمتهمين المحبوسين احتياطياً. وذكرت النيابة أن القرار يتضمن تعهدات من أهالي الطلاب والمحتجزين حديثي السن بحسن متابعتهم والحرص على عودتهم إلى الطريق القويم.
تستعد مصر لتقديم تقريرها الرابع أمام آلية المراجعة الدورية الشاملة التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف قبل أكتوبر المقبل. ويأتي هذا في وقت عرض فيه وزير الخارجية والهجرة، بدر عبد العاطي، التقرير الثاني للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان على السيسي، والذي تضمن عدة مبادرات وبرامج لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر.
ردود الأفعال والتوقعات
رغم أن قرار إخلاء سبيل 151 محبوساً قد يُنظر إليه على أنه خطوة إيجابية، إلا أن هناك تحفظات وتساؤلات حول مدى جدية الحكومة في تطبيق توصيات الحوار الوطني بشكل كامل. حيث يرى بعض النقاد أن هذه الخطوة قد تكون جزءاً من محاولة لتهدئة الرأي العام، خاصة في ظل الضغوط الدولية والمحلية المتزايدة على ملف حقوق الإنسان في مصر.
في الختام، يبقى السؤال مفتوحاً حول مدى تأثير هذه الخطوة على السياسات المستقبلية للحكومة المصرية فيما يتعلق بالحُبس الاحتياطي، وما إذا كانت ستؤدي إلى تغييرات ملموسة في نظام العدالة الجنائية. يتطلع المراقبون إلى مزيد من الخطوات العملية لضمان تنفيذ توصيات الحوار الوطني بشكل كامل، وتحقيق تحسينات حقيقية في نظام الحبس الاحتياطي وحقوق الإنسان في مصر.
.