في الآونة الأخيرة، تصاعدت هجمة غير مبررة من حكومة الانقلاب ضد ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث قامت بفرض عقبات إضافية على استيراد السيارات المخصصة لهم من الخارج، إلى جانب زيادة الرسوم الجمركية والتعنت في الإفراج عن هذه السيارات بحجة مراجعة الأوراق، رغم عدم تقديم أي دليل على مخالفات. هذا التعنت يكشف عن نية الانتقام الخفي من هذه الفئة، رغم الدعاية التي قام بها قائد الانقلاب العسكري، عبد الفتاح السيسي، بشأن رعايتهم واهتمامه بهم، وهو ما يتناقض مع الواقع.
واستقبل المجلس القومي لذوي الإعاقة شكاوى العشرات من ذوي الاحتياجات الخاصة بشأن المشكلات المتعلقة بأزمة سيارات المعاقين المحتجزة بالموانئ والواردة لصالحهم، بعد قرار مصلحة الجمارك مراجعة مستندات وأوراق الاستيراد لآخر 3 سنوات، بعد ثبوت مخالفة بعض المركبات الاشتراطات والإفراج الجمركي، وحصول الأصحاء على مميزات جمركية ليست مخصصة لهم.
وتعد سيارات المعاقين المعفاة من الرسوم الجمركية من الامتيازات التي تقدمها الحكومة المصرية لذوي الاحتياجات الخاصة، والذين يرغبون في امتلاك سيارة بأسعار تفضيلية تُمكنهم من الحركة والتنقل بعيدا عن المواصلات العامة غير المجهزة لحالتهم، إلا أنها شهدت خلال السنوات الماضية رواجا كبيرا في الإقبال عليها من قِبل بعض التجار والأصحاء، وهو ما أدى إلى ضياع حقوق الدولة.
ويبلغ عدد المصريين من ذوي الهمم نحو 11 مليون مواطن، بحسب تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادر في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ولاقت الصفحات المتخصصة ببيع سيارات المعاقين بأسعار مخفضة رواجا في مصر بعد أن أصبحت تجارة قائمة ولها سماسرة متخصصون لتوفير الإجراءات والمستندات اللازمة لاستفادة "الأسوياء" من تلك الامتيازات، مستخدمين حيلا قانونية وغير قانونية.
وقف استيراد سيارات المعاقين
وفي سياق متصل، تقدم عضو مجلس نواب الانقلاب كريم طلعت السادات بطلب إحاطة إلى رئيس مجلس النواب، موجه لكل من رئيس مجلس وزراء الانقلاب ووزير مالية الانقلاب، ووزيرة التضامن الاجتماعي، بشأن وقف الإفراج الجمركي عن سيارات ذوي الهمم بالجمارك بما يخالف القانون.
وقال السادات، في الطلب المقدم منه، إن العشر سنوات الماضية حظي فيها ذوو الهمم أو القادرون باختلاف على كامل الدعم من القيادة السياسية، إلا أن الحكومة ضربت بهذا النهج المحمود عرض الحائط، من خلال وقف الإفراج الجمركي عن سيارات ذوي الهمم، مما تسبب في استياء ذوي الهمم، خاصة أن القانون رقم 10 لعام 2018 تضمن إعفاء جمركيا على هذه السيارات التي يتم استيرادها من الخارج.
  
وفي تقريره السنوي حول حالة حقوق الإنسان في مصر، تجاهل المجلس القومي لذوي الإعاقة المشاكل الحقيقية التي تواجه هذه الفئة، حيث أكدت الدكتورة إيمان كريم، المشرف العام على المجلس، أن المجلس رفع تقريرًا إلى السيسي حول الخدمات المقدمة لذوي الإعاقة ومدى توافقها مع القانون، دون التطرق إلى الصعوبات والشكاوى التي يعاني منها هؤلاء.
وعلى العكس، قلبت الدكتورة إيمان الحقيقة بخصوص أزمة سيارات ذوي الإعاقة، مدعية أن الأزمة نتجت عن وجود سماسرة في الموانئ يعرضون السيارات للبيع، وهو ما لم يحدث بحسب تصريحاتها. وأكدت أنه تم إيقاف استيراد السيارات بسبب تكلفته الكبيرة على الدولة، دون تقديم أي دليل على ذلك.
بدلاً من الدفاع عن حقوق المعاقين، دعا التقرير إلى فرض مزيد من العقبات أمامهم. وطلب المجلس من مجلس الوزراء إعفاء المعاقين من رسوم أرضيات الجمارك والإفراج عن السيارات المحتجزة، لكن دون جدوى. كما طالبت الحكومة بتأجيل إصدار تراخيص السيارات لحين التأكد من هوية المستحقين، مما يزيد من معاناتهم ويفتح الباب أمام الفساد.
تجربة أحد ذوي الاحتياجات الخاصة تسلط الضوء على هذه المعاناة، حيث أشار إلى أن آلاف السيارات مكدسة في الموانئ، وذكر أن الغرامات اليومية على هذه السيارات تصل إلى 300 جنيه، مع تكاليف إضافية تصل إلى 180 دولارًا يوميًا للحاويات. ورغم مزاعم الحكومة بتشكيل لجان لمراجعة وفحص السيارات، إلا أنه لم يثبت أي مخالفات حتى الآن.
يذكر أن القانون المصري يعفي ذوي الإعاقة من الضريبة الجمركية على السيارات المخصصة لهم، مع شروط محددة بشأن استخدامها وعدم التصرف فيها خلال خمس سنوات. ومع ذلك، خرج رئيس الوزراء ووزيرة التنمية المحلية مؤخرًا بإجراءات جديدة تزيد من أزمات المعاقين، مبررين ذلك بوجود مخالفات، بينما يطالب ذوو الاحتياجات الخاصة بتطبيق القانون على المخالفين فقط بوسائل قانونية، دون الإضرار بالجميع.