مضيّ أحد عشر عامًا على ذكرى مذبحة رابعة العدوية في الرابع عشر من أغسطس/آب 2013، بات الحديث عنها خجولًا وهامشيًا وصامتًا، عدا نسبة ضئيلة لا تزال تذكّر بالمذبحة وضحاياها، خصوصاً من النساء. ففي الوقت الذي أغلقت فيه منافذ الحياة السياسية في مصر، وأحكمت أقفال الزنازين على المعارضين، وخنقت الرقابة أي حديث على منصات التواصل الاجتماعي، لم يعد بوسع الكثير ممن لا يزالون يحملون في قلوبهم غصة ومرارة تلك الذكرى، البوح عنها. مجزرة رابعة العدوية في الذاكرة أما المعارضون في الخارج، فلم يتوانوا عن إحياء الذكرى والمطالبة بالقصاص والتذكير بأسماء الضحايا. صفحة "نساء ضد الانقلاب"، على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، نشرت على مدار الأيام الأخيرة أسماء مجموعة من ضحايا المذبحة من النساء، كذلك ذكّرت بأسماء المعارضات في السجون. https://www.facebook.com/WomenAntiCoup/posts/821505506843808?ref=embed_post ونشرت صفحة "نساء ضد الانقلاب" التي تدار من خارج مصر، قصة هبة محمد فكري إبراهيم، التي قتلت يوم مذبحة رابعة العدوية وابنها هو الطفل صاحب مقطع الفيديو الشهير الذي كان يناديها فيه: "ماما اصحي يا ماما بالله عليكي". وطبقًا للصفحة، فإن هبة من قرية سمسطا في محافظة بني سويف، ولكنها كانت مقيمة في القاهرة بحيّ مدينة نصر حيث يقع ميدان رابعة العدوية، وكانت تحرص على الحضور يومياً إلى الاعتصام مبكراً، وعند عودتها كانت تأخذ بعض ملابس المعتصمات لغسلها ثم إحضارها في اليوم التالي، قائلة : "كفاية عليكم شغل المطبخ والأعمال التطوعية". كذلك نشرت الصفحة قصة إيمان أحمد متولي (19 عاماً) التي ماتت جراء إصابتها بخرطوش وطلق ناري أودى بحياتها، خلال فضّ الاعتصام، حسب الصفحة التي أشارت إلى أنها كانت طالبة بالفرقة الأولى بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر. وظلت في المشرحة لقرابة أربعة أيام متوالية، حيث كان ضابط يضغط على والدتها لأن تكتب في شهادة الوفاة أنها توفيت بسكتة قلبية. https://www.facebook.com/WomenAntiCoup/posts/821430996851259?ref=embed_post أما مركز الشهاب لحقوق الإنسان، فقد نشر قائمة بأسماء اثنين وعشرين اسمًا لضحايا مذبحة رابعة من النساء، وهنّ: "هند هشام كمال، وحبيبة أحمد عبد العزيز، وأسماء هشام صقر، ومريم محمد علي عبد العال، وأسماء محمد البلتاجي، هبة محمد فكر إبراهيم، وإنجي محمد تاج الدين، ووردة مصطفى محمد بيومي، ورزان محمد علي، وسارة السيار، وسعاد حسن رمزي، وسهام عبد الله متولي، وسوسن سعد حسن علي، ونادية سالم علي الرازق، ونهى أحمد عبد المعطي، وهدى أحمد سعيد، وهدى فرج سعيد، وهيام عبده إبراهيم، وميرفت سيد علي، وسوزان محمد علي، وإيمان محمود الحسيني، وسناء حمدي عبد العزيز". وتعتبر أسماء محمد البلتاجي (3 يناير/كانون الأول 1996 - 14 أغسطس/آب 2013) ابنة القيادي محمد البلتاجي، إحدى أشهر النساء اللاتي دفعن حياتهن ثمناً لمواقفهن الرافضة للانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، الرئيس الراحل محمد مرسي. https://www.facebook.com/elshehab.ngo/posts/890371269803988?ref=embed_post ولدت البلتاجي في 3 يناير 1996 وقُتلت في يوم الأربعاء 14 أغسطس 2013 في أثناء فضّ اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بمصر، وهي تبلغ من العمر 17 عاماً. وتعتبر البنت الوحيدة لمحمد البلتاجي ولها 4 من الأشقاء، كانت تدرس في الصف الثالث علمي لحظة وفاتها، وذكرت أنها تحلم بدخول كلية الطب والالتحاق بنشاطات الإغاثة العالمية. شاركت البلتاجي في ثورة 25 يناير، وشاركت أيضاً في أحداث شارع محمد محمود، رغم أن جماعة الإخوان لم تشارك تنظيمياً في تلك الأحداث واكتفت بشجب عنف الداخلية. لم تشارك أسماء في بداية اعتصام رابعة العدوية، لكنها شاركت فيه عقب عزل الرئيس محمد مرسي، وكان آخر ما كتبته عبر صفحتها على فيس بوك: "هم بَيَتونا بالوتير هجداً، وقتلونا ركعاً وسجداً، وهم أذل وأقل عدداً، فادع عباد الله يأتوا مدداً.. في فيلق كالبحر يجري مزيداً". وتروي إحدى المشاركات في اعتصام رابعة العدوية أنها شاهدت أسماء قبل ساعة من مقتلها، في أثناء فضّ الاعتصام في 14 أغسطس 2013، وأن أسماء كانت تقوم بمتابعة الجرحى وإسعاف المصابين. وروت مصادر مقربة منها أن آخر ما نطقت به كان "اثبتوا فإن النصر قريب، ولا تتركوا الثورة للعسكر"، وقد جرى قنصها برصاص حيّ في الصدر. صُلّيَ على أسماء البلتاجي في مسجد السلام بمدينة نصر بالقاهرة وسط مشاركة المئات في جنازتها، وأمَّ المصلين أخوها الأكبر عمار البلتاجي. ولم يتمكن أبوها من حضور الجنازة، لكن كتب في صفحته على موقع فيسبوك رسالة رثى فيها ابنته.