يعتبر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الذي اغتيل اليوم الأربعاء 31 يوليو 2024، أحد قادة الحركة البارزين والفاعلين في تاريخ القضية الفلسطينية على مدار العقود السابقة، حيث كان له دور بارز في العديد من الأصعدة الخارجية والداخلية. 

ويعد العديد من الدبلوماسيين والمراقبين، أن هنية أحد السياسيين الفلسطينيين المعتدلين في خطابهم، والداعين باستمرار إلى الوحدة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال.

طالب نجيب

منذ نعومة أظفاره، كان هنية ناشطا طلابيا في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة، فقد انضم إلى حماس منذ بداية تأسيسها خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987. 

تعرض هنية لعدة ملاحقات منذ انضمامه لحركة حماس، فقد تعرض للاعتقال والترحيل لفترة وجيزة.

كان هنية أحد تلامذة الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة وزعيمها الروحي، والذي كان أيضا لاجئا مثل عائلة هنية من قرية الجورة القريبة من عسقلان. 

يعتبر هنية الشيخ أحمد ياسين نموذجا يحتذى به بالنسبة للشباب الفلسطيني وأنه تعلم منه حب الإسلام والتضحية من أجله وعدم الركوع للطغاة والمستبدين.

أول رئيس للوزراء من حماس

بحلول عام 2003، أصبح هنية أحد المساعدين الذين يثق بهم ياسين، والتُقطت صورة له في منزل الشيخ في غزة وهو يحمل هاتفا بجانب أذن مؤسس الحركة الذي كان مصابا بشلل شبه كامل حتى يتمكن من المشاركة في حديث. 

كان هنية من أوائل المدافعين عن دخول حماس معترك السياسة، ففي عام 1994 قال إن تشكيل حزب سياسي سيمكن حماس من التعامل مع التطورات الناشئة.

رفض قادة حماس الدخول في ميدان السياسة في البداية، ثم وافقوا عليه لاحقا وأصبح هنية أول رئيس للوزراء للشعب الفلسطيني يتسلم المنصب ضمن عملية انتخابية ديمقراطية، وذلك بعد فوز الحركة في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية عام 2006، وكان ذلك بعد عام من انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.

وفي عام 2017، تقلد هنية منصب رئيس المكتب السياسي لحماس، فقد كان يتنقل بين تركيا والعاصمة القطرية الدوحة هربا من قيود السفر المفروضة على قطاع غزة المحاصر، وهو ما ساعده على التفاوض في محادثات وقف إطلاق النار وإجراء مباحثات مع إيران، حليفة حماس.

عائلته دفعت الثمن قبله

لم يكن هنية وعائلته منعزلا عن معاناة الشعب الفلسطيني، فقد استهدف الاحتلال 3 من أبنائه في العاشر من أبريل الماضي، وهم حازم وأمير ومحمد، وذلك عندما استهدفت غارة جوية إسرائيلية السيارة التي كانوا يستقلونها. وقالت حماس إن هنية فقد أيضا أربعة من أحفاده، ثلاث فتيات وفتى، في الغارة.

ونفى هنية تأكيدات إسرائيلية بأن أولاده كانوا يقاتلون في صفوف الحركة وقال “مصالح شعبنا الفلسطيني مقدمة على أي شيء وأبناؤنا وأولادنا هم جزء من هذا الشعب”، وذلك عند سؤاله عما إذا كان مقتل أولاده وأحفاده سيؤثر على محادثات الهدنة.

وعلى الرغم من اللهجة الصارمة التي يستخدمها في تصريحاته، فإن الدبلوماسيين والمسؤولين العرب يعتبرونه براجماتيا نسبيا.

توعد الاحتلال مرارا

توعد هنية جنود الجيش الإسرائيلي بأنهم سيجدون أنفسهم “غرقوا في رمال غزة”، لكنه قام هو وسلفه خالد مشعل بجولات مكوكية في المنطقة لإجراء محادثات بغية التوصل لاتفاق بوساطة قطرية مع إسرائيل يفضي إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن مقابل الإفراج عن فلسطينيين محتجزين في السجون الإسرائيلية، فضلا عن إدخال مزيد من المساعدات لغزة.

ولا يفرق الاحتلال بين قادة حماس، وتضعهم جميعا ضمن دائرة الاستهداف، حيث تتهم هنية ومشعل وآخرين بمواصلة “التحكم في منظمة حماس”.

وخلال العقد الذي كان فيه هنية رئيسا لحركة حماس في غزة، اتهمت إسرائيل فريقه بالمساعدة في تحويل المساعدات الإنسانية إلى الجناح العسكري للحركة، وهو ما نفته حماس.

سياسي محنّك

عندما غادر هنية غزة في 2017، خلفه يحيى السنوار الذي قضى أكثر من عقدين في السجون الإسرائيلية والذي رحب به هنية مجددا في غزة في 2011 بعد عملية لتبادل المحتجزين.

وقال أديب زيادة، المتخصص في الشؤون الفلسطينية بجامعة قطر “هنية يقود المعركة السياسية لحماس مع الحكومات العربية”، مضيفا أن هنية يرتبط بعلاقات وثيقة مع قيادات الحركة وجناحها العسكري. 

وتابع “إنه الواجهة السياسية والدبلوماسية لحماس”.

والتقى هنية ومشعل بمسؤولين في مصر، التي تتوسط أيضا في محادثات وقف إطلاق النار. وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن هنية سافر في أوائل نوفمبر تشرين الثاني إلى طهران للقاء الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.