هيمن ارتفاع الأسعار في مصر على نقاشات المصريين وأحاديثهم على شبكات التواصل الاجتماعي، كما اندلعت موجة من الغضب بسبب ارتفاع أسعار اللحوم مع اقتراب عيد الأضحى المبارك الذي يُشكل موسماً لتناول اللحوم بالنسبة لكافة فئات المجتمع، فيما امتد الحديثُ عن ارتفاع الأسعار إلى العديد من السلع الأخرى وخاصة الخبز الذي قررت الحكومة رفع أسعاره بشكل كبير في السوق المصرية.

وسرعان ما تصدر الوسم «كيلو اللحمة» تدوينات المصريين على شبكات التواصل خلال الأيام الماضية، إضافة إلى الوسم «رغيف العيش» مستعرضين ارتفاع الأسعار، فيما ذهب بعض النشطاء إلى تداول مقاطع فيديو وصور لوزير التموين الأسبق والذي يقبع حالياً داخل السجن باسم عودة، حيث كان وزيراً خلال فترة رئاسة الرئيس الراحل محمد مرسي وكان يتفقد الأسعار ويعمل على خفضها، بما في ذلك اللحوم التي كانت أسعارها لا تتجاوز أربعين جنيهاً، بينما أصبحت تتراوح حالياً بين الـ450 جنيه والـ500 جنيه للكيلو الواحد.

وكتب الإعلامي والمذيع المصري السابق في قناة «الجزيرة» أحمد منصور تدوينة على شبكة «إكس» (تويتر سابقاً) يقول فيها: «بعد ارتفاع سعر رغيف الخبز في مصر أو رغيف العيش كما يقول المصريون 4 أضعاف، هل تذكرون رغيف الوزير باسم عودة وزير التموين الذي كان يلقب بوزير الغلابة والذي وصف بأنه أنجح وزير تموين في تاريخ مصر الحديث، كيف عالج أزمة رغيف العيش؟».

وكتب المحلل الاقتصادي عامر الشوبكي يقول: «غير طبيعي تماماً، في مصر قفزة في اسعار مواد أساسية، قد تجر البلاد إلى ثورة جياع واضطرابات اجتماعية.. تم رفع أسعار الأدوية بنسبة 25 في المئة، وتم رفع سعر الخبز 4 أضعاف مرة واحدة، ورغيف العيش من 5 إلى 20 قرشا، وتوقع في وقت قريب رفع سعر المحروقات بنسبة قد تصل إلى 300 في المئة.. لتر البنزين 92 اليوم 12.5 جنيه مصري، وسيصبح 33 جنيهاً، ولتر السولار اليوم بـ10 جنيه ويتوقع أن يصبح بـ30 جنيهاً».

وكتبت رانيا بدوي: «للمرة الأولى منذ الثمانينيات تجرؤ حكومة مصرية على الاقتراب من رغيف الخبز.. النظام الحالي رفع سعر الرغيف المدعم من 5 قروش إلى 20 قرشا، ما يعني أنه بدلا من حصول المواطن على 20 رغيفا بالجنيه سيحصل على 5 أرغفة فقط أي ربع الكمية!.. وإذا أراد شراء نفس الكمية 20 رغيفا فسيدفع في مقابلها 4 جنيهات بدلاً من جنيه واحد، يعني أربع أضعاف».

وأضافت بدوي: «هذا القرار جاء دون حوار مجتمعي ولا أخذ رأي الشعب ودون استشارة أي جهة تعبر عن مصالح هذه الطبقات.. المهم أن يرضي صندوق النقد ويوافق على منحهم دفعة جديدة من القرض المتفق عليه.. الناس دي مبقاش ليها كبير ولا بقت بتخاف من حاجة، وعمالة تضغط على المواطن بلا أي ذرة رحمة وكأنه كُتب على المواطن أن يدفع ثمن أخطائها وديونها وقروضها وإقامتها لمشروعات فاشلة، وسفهها في الإنفاق بلا أي عائد أو جدوى والتباهي بحمق شديد بكل ما هو أكبر، أطول، أوسع، أضخم.. حتى جعلونا أفقر».


افتقدناك يا أبو علاء

وتداول الكثير من النشطاء على شبكات التواصل، وعلى نطاق واسع، مقطع فيديو للإعلامي المقرب من الحكومة نشأت الديهي، حيث يقول في برنامجه، إن «رغيف الخبز في مصر بثمن سيجارة، وإن رفع سعر رغيف الخبز في صالح الوطن، والدولار يجيبلك 250 رغيفا، وهذا ليس موجوداً في أي دولة بالعالم».

وعلق عبد الرحمن النجار على تصريحات الديهي بالقول: «مفيش حاجة اسمها أقبضك بالجنيه وأقولك الدولار بيجيب كذا، ماهو كيلو اللحمة في أمريكا بأقل من شغل ساعة وفي مصر شغل أسبوع، فطالما الحسبة كدا بقى قبضوا الشعب بالدولار وبعدين تعالى قولي الدولار بيجيب 250 رغيفا يا نشأت».

وكتب أحد المعلقين قائلاً: «كيلو اللحمة في مصر ثمنه يزيد عن 350 جنيها، كيلو اللحمة في ألمانيا ثمنه 11 يورو، الحد الأدنى للأجور في مصر 5000 جنيه يجيب 15 كيلو لحمة، الحد الأدنى للأجور في ألمانيا 2000 يورو يجيب 180 كيلو لحمة.. أي حد يقولك الحياة غالية برة زي مصر تف في بوقه.. والمهم الكهرباء مبتقطعش».


رايحين على فين؟

ونقل حساب «مجلة ميم» تصريحات للنائب في برلمان السيسي، ضياء الدين داود يُحمل فيها عبد الفتاح السيسي وحكومة الانقلاب، مسؤولية التدهور في البلاد، ويقول فيها: «سعر كيلو اللحمة وصل 350 جنيها.. لا صناعة نافعة، ولا تجارة، ولا زراعة، رايحين على فين؟».

وقال أحد المعلقين: «الصيف القادم ممكن تخفيف الأحمال يصل إلى 8 ساعات في اليوم، وممكن كيلو اللحمة يصل إلى 800 أو 900 جنيه، وممكن لتر البنزين يصل إلى 20 جنيها، وممكن ربنا يحقق أمل المصريين ويختفي الطاغوت، وممكن محمود يمسك مكانه، أو ممكن القيامة تقوم ويرتاح الشعب المصري من هذا الذل والهوان». وكتبت شيماء: «بلدي مسروقة ومنهوبة من عصابة العسكر على شوية مطبلاتية فنانين بينشروا الفواحش وبياخدوا بالملايين وانا مش عارفة اجيب رغيف العيش.. حسبنا الله ونعم الوكيل في كل ظالم وعند الله تجتمع الخصوم».
وعلق لؤي الخطيب: «قرار تحريك سعر رغيف العيش المدعم تم الإعلان عنه، وفي نفس الوقت كان السيسي وكتير من قيادات الدولة برا البلد، في الصين، على بُعد حوالي 12 ساعة بالطيارة.. هذا مؤشر مهم على مدى استقرار الدولة واطمئنانها لخطواتها، ومدى الاطمئنان كمان لتفهم المصريين لهذه الخطوات، رغم صعوبتها.. مع وجود حسابات دقيقة طبعاً لما يمكن أن يتحمله الناس، وما لا يُمكن احتماله، خاصة المواطن البسيط».

وأضاف الخطيب: «هناك تطور هائل حصل في وعي المصريين، وأظن أن شعوبا قليلة هي التي تستطيع أن تتحمل الألم الاقتصادي حفاظا على المصلحة العامة والمستقبل.. وبمناسبة الكلام عن الرئيس السيسي، فمن المهم أيضاً الأخذ بعين الاعتبار أننا نبدأ مشوار خفض الدعم بعد الأزمات التي حصلت، بعد ما كنا مشينا المشوار وشبه نهيناه قبل الأزمات.. هذه الجولة أصعب من التي مضت، والتي كانت قريبة زمنياً من نقطة 30 يونيو، لكن الرئيس للمرة التانية بيدفع من رصيد شعبيته في سبيل الحفاظ على مستقبل البلد».

وانتهى الخطيب إلى القول: «المصريون ليسوا أموات ولا منبطحين كما يقول المطاريد الجواسيس، وإنما المصريين شعب في أعلى نقطة نضج ووعي وصل لها على مدار التاريخ الحديث، وهذه المناعة التي تشكلت ضد كل محاولات التخريب والتحريض، ونسفت مخططات كبيرة جداً في المنطقة كلها».

يشار إلى أن حكومة الانقلاب بدأت تطبيق زيادة في سعر رغيف الخبز المدعوم بنسبة تصل إلى 300 في المئة، وهي الزيادة الأولى منذ أكثر من ثلاثة عقود.

وتقول الحكومة إن الهدف من تقليص الدعم هو تخفيف العبء عن الميزانية وتحقيق الاستدامة في توفير الخدمة، في المقابل، يشكو مواطنون من عدم قدرتهم على مواكبة الارتفاع المستمر في أسعار السلع الأساسية.

وقال رئيس وزراء الانقلاب، مصطفى مدبولي في مؤتمر صحافي وهي أكبر مستورد للقمح في العالم، سترفع سعر رغيف الخبز المدعوم، وإن رغيف الخبز سيبقى مدعوماً، لكن «يجب تحريك سعره بما يتناسب مع الزيادة الرهيبة في الأسعار».

ولم يتوقف الارتفاع الكبير في الأسعار عند الخبز الذي يشكل السلعة الأساسية في حياة المصريين، وإنما سجلت العديد من السلع الأخرى ارتفاعات متباينة، كما شكا الكثير من المصريين من الارتفاع الكبير في أسعار اللحوم مع اقتراب عيد الأضحى المبارك الذي يُشكل موسماً لتناول اللحوم على موائد المصريين، حيث تقوم الكثير من العائلات بشراء الأضاحي وذبحها خلال أيام العيد، ومن ثم يتناولون اللحوم الطازجة.