حذّرت 19 منظمة من مجاعة وشيكة في السودان مع استمرار طرفَي النزاع في منع الجهات الإنسانية من تقديم المساعدة الإغاثية إلى من يحتاجها، في حين أن الحرب ما زالت مشتعلة. وقد جاء ذلك في بيان وقّع عليه رؤساء 19 منظمة إنسانية عالمية، من بينها 12 وكالة تابعة للأمم المتحدة. 

في البيان الذي نقله موقع أخبار الأمم المتحدة أمس الجمعة، حذّرت المنظمات من أنّ "زيادة العقبات أمام تقديم المساعدات بصورة سريعة وواسعة النطاق تعني أن مزيداً من الناس سيموتون". ودعت المنظمات الإنسانية الجيش السوداني كما قوات الدعم السريع إلى "حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية واعتماد وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد".

وترتبط الأزمة الإنسانية التي قد تؤدّي إلى مجاعة وشيكة في السودان بنقص التمويل كذلك. فبعد مرور خمسة أشهر من عام 2024 الجاري، لم يُموَّل النداء الإنساني الخاص بالسودان البالغ 2.7 مليار دولار أميركي إلا بنسبة 16% فقط. وفي هذا الإطار، لم تخفِ المنظمات قلقها إزاء انخفاض مستوى تمويل الاستجابة الإنسانية للأزمة في السودان، وقد دعت الجهات المانحة إلى الوفاء بالالتزامات التي سبق أن تعهّدت بها في المؤتمر الإنساني الدولي للسودان الذي عُقد في العاصمة الفرنسية باريس، في 15 إبريل الماضي بصورة عاجلة.

تجدر الإشارة إلى أنّ هذا المؤتمر عُقد في الذكرى الأولى للحرب في السودان، التي انطلقت في منتصف إبريل 2023، بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، علماً أنّها خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من ثمانية ملايين نازح ولاجئ، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.

وفي مؤتمر صحفي عُقد في مدينة جنيف السويسرية، حذّر المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يانس لاركيه من مجاعة وشيكة في السودان بدوره، وقال إنّ "من المرجّح أن تترسّخ المجاعة في السودان في أجزاء كبيرة من البلاد". وأوضح أنّ "مزيداً من الناس سيفرّون إلى البلدان المجاورة، وسيتعرّض الأطفال للأمراض وسوء التغذية، وستواجه النساء والفتيات مزيداً من المعاناة والمخاطر

وأكد لاركيه أنّ "نحو 18 مليون شخص في السودان يعانون بالفعل من الجوع الشديد"، وأنّ "3.6 ملايين طفل يعانون من سوء التغذية الحاد". وحذّر من أنّ هؤلاء الأطفال معرّضون لخطر شديد، إذ إنّهم "أكثر عرضة للوفاة بنسبة تراوح ما بين 10 مرّات و11 مرّة" مقارنة بالصغار الذين يتلقّون ما يكفي من طعام.

وتابع المتحدث الأممي، في إشارة إلى قائدي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع: "نريد أن يجد هذان الجنرالان طريقة لحلّ خلافاتهما، إنّما ليس من طريق العنف الذي يقتل ويشوّه ويسبّب اغتصاب مئات آلاف الأشخاص في السودان"، مشدّداً على أنّه يجب عليهما القيام بذلك "بطريقة أخرى".


وقد حذّرت المنظمات، الموقّعة على البيان نفسه، من أنّ عمّال الإغاثة ما زالوا يواجهون "عوائق منهجية وحرماناً متعمّداً من الوصول (إلى من يحتاج إليهم) من قبل طرفَي النزاع"، على الرغم من الاحتياجات المتزايدة في السودان. وقد وصف المتحدّث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ظروف توصيل المساعدات بأنّها "سيئة وخطرة جداً"، مؤكداً أنّ عمّال الإغاثة يتعرّضون للقتل والإصابة والمضايقات، في حين يُصار إلى نهب الإمدادات الإنسانية.


وبيّن لاركيه، في مؤتمره الصحفي أمس، أنّ التنقلات عبر خطوط النزاع إلى مناطق من الخرطوم ودارفور والجزيرة وكردفان قد توقّفت منذ منتصف ديسمبر 2023، وأنّ في شهرَي مارس وإبريل 2024 حُرم نحو 860 ألف شخص المساعدات الإنسانية في هذه المناطق. وإلى جانب ذلك، أدّى إغلاق معبر أدري الحدودي من تشاد إلى غرب دارفور، في فبراير2024، إلى تخفيض إيصال المساعدات في دارفور ليبلغ "مستوى هزيلاً".

من جهة أخرى، أفادت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير أخير بأنّ 9.2 ملايين شخص هُجّروا في داخل السودان وكذلك إلى خارج البلاد، منذ بداية الحرب في منتصف إبريل 2023 وحتى 30 مايو 2024. وفصّلت أنّ 7.1 ملايين نزحوا داخلياً، فيما اجتاز 2.1 مليون حدود البلاد. وقد بيّنت المنظمة أنّها تمكّنت فقط من الوصول إلى 2.4 مليون شخص في داخل السودان وفي البلدان المجاورة، من أجل تقديم المساعدة الإنسانية. ورأت المنظمة الدولية للهجرة أنّ النزاع المستمرّ في البلاد منذ أكثر من عام أدّى إلى تدميرها.