في ظل ما يجري من عدوان إسرائيلي مدعوم أميركيًّا؟ بل إن من أسباب فشل الخطاب النهضوي الذي تزعم "تكوين" أنها حريصة على استعادته: الاستبداد والاستعمار.

الثالثة: توهم أن العودة إلى النص الأصلي ستحل مشكلات الحاضر
وهذا الوهم وقع فيه الإصلاحيون والسلفيون قديمًا، ويستخدمه – حاليًّا – سياسيو الأفكار لمحاربة مشروع "الإسلام السياسي"، ويقوم على افتراض أن قراءتهم لما يُسمى "إسلام القرآن" هي قراءة خالصة، وليست تأويلًا جديدًا يضاف إلى التأويل التاريخي المستمر للنص الذي واكبه ممارسة حية تَشَكل منها ما سمي "التقليد الإسلامي" الذي كان تقليدًا حيًّا تَزَاوج فيه النص والتاريخ.

فسياسيو الأفكار يتوسّلون بالنص لنزع الشرعية عن الموروث الإسلامي الذي يزعم الإسلاميون أنه مرجعيتهم، فتطمح سياسة الأفكار إلى سحب البساط الذي يقف عليه الإسلاميون بزعمهم. وافتراض غياب المسافة الفاصلة بيننا وبين النص، هو نزوع حديث تَوَافق عليه السلفيون والإصلاحيون معًا؛ لأن كليهما يعادي التقليد، ويريد أن يتجاوز التجربة التاريخية، ويزعم أنه يمكنه القبض على المعنى الصافي للنص، ولا يعي أنه غارق في ثقافة زمانه وسياساتها أيضًا.

الرابعة: القطيعة مع قيم الحداثة؛ رغم ادّعاء الوصل بها
ففي الوقت الذي تزعم فيه "تكوين" أنّها تريد أن تصل بين الفكر الديني و"مستجدات العصر"، وأنها تريد للفكر الديني أن يواكب "التقدم في كافة المجالات العلمية والفكرية والقيمية"، نجد أن المكوّنين أنفسهم لا يقدّمون أي إسهام يُذكر في نشر أفكار الحداثة والتقدم على المستوى السياسي والاجتماعي، فأين هم من أفكار الديمقراطية والعدالة والإصلاح الاقتصادي والتقدم العلمي والتقني وحقوق المواطنة والدولة المدنية والحريات الفردية إلى غير ذلك؟ أي أن المكوِّنين أنفسهم يفتقرون إلى مستجدات العصر، ولديهم قطيعة معها وهم أحوج الناس إلى التكوين والتنوير!

المصدر / الجزيرة مباشر