تتواصل الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ نحو 7 أشهر، ولا تكاد تمر جولة قصف دون أن تفتك بحياة طفل فلسطيني، بمن فيهم رضع لم يعرفوا معنى الحياة التي سلبت منهم.

وعلى مدار أكثر من 200 يوم من الحرب على قطاع غزة، يزداد عدد الأطفال الذين يفقدون أرواحهم بلا ذنب، ويصبحون شهودا على المأساة التي تعصف بمنازلهم وحياتهم بلا رحمة.

ومنذ فجر السبت، استشهد 15 فلسطينيًا، بينهم 8 أطفال، وأصيب عشرات آخرون بجراح متفاوتة، في غارات إسرائيلية على وسط وجنوب قطاع غزة.

وبين أنقاض أحد المنازل الذي استهدفه القصف في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة يسارع رجال الإنقاذ من الدفاع المدني لانتشال جثامين الضحايا التي لا تكاد تخلوا من وجود أطفال.

 

بأي ذنب قتلوا؟

والتقطت عدسة الأناضول أحد الفلسطينيين في سيارة إسعاف وهو ينقل رضيعًا فلسطينيًا لم يتجاوز عامًا من العمر، حيث يحمل الجثة الهامدة بين ذراعيه، في لقطة تجسد مأساة الحرب والقتل العشوائي للأبرياء في قطاع غزة.

وبحرقة كبيرة، يقول: "بينما نحن جالسون، سمعنا صوت القصف بشكل مفاجئ".

وأشار بيده إلى جثة الرضيع متسائلًا بألم منقطع النظير: "ما هو ذنب هذه الأطفال؟ وما الذي اقترفته حتى تقتل بهذه الطريقة الوحشية؟".

وفي مقطع آخر شوهد، مقطع مصور لطفل رضيع آخر وهو جثة هامدة على الأرض في مستشفى جنوب قطاع غزة، ليكون ضحية لغارة إسرائيلية.

 

14.800 طفل قتلوا

بدوره، قال مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة: "مازالت حرب الإبادة الجماعية مستمرة على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، حيث أن الاحتلال قتل حتى الآن أكثر من 34 ألف شهيد، بينهم 14.800 طفل".

وأضاف الثوابتة أن "هناك 7 آلاف مفقود في القطاع، 70 بالمئة منهم من الأطفال والنساء".

وأكد أن "نحو 17 ألف طفل في قطاع غزة بدون والديهم الاثنين أو أحدهما، فمنهم من استشهد أو اعتقل أبواه أو أحدهما، ومنهما لا يزال أبواه مفقودين تحت الأنقاض أو أحدهما".

ولفت إلى أنه "يوجد في قطاع غزة 120 ألف طفل رضيع بحاجة إلى الحليب والغذاء، ولكن هذا غير متوفر بسبب الحصار وبسبب سياسة التجويع التي يمارسها جيش الاحتلال بحق كل من يعيش في قطاع غزة".

وطالب المجتمع الدولي والمنظمات الأممية بـ"الوقوف عند مسؤوليتها وتوفير الحياة الكريمة للأطفال، وتوفير الغذاء بما يمنع تجويعهم".

من جانبه، قال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبدو إن "ما تمارسه إسرائيل لا يخرج عن جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها، والتي تستهدف الإبادة العرقية لمجموعة من الناس".

وأضاف عبدو أن "الأطفال مكونٌ أساسي من مكونات المجتمع، ولهذا تستهدفهم إسرائيل، ولا تقوم ببذل العناية اللازمة لتنفيذ القانون الإنساني الدولي، وبالتالي ترتكب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ضد الأطفال".

 

ماكينة قتل مستمرة

وفي 21 من إبريل الجاري، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إن "كل 10 دقائق يُقتل طفل في قطاع غزة، فيما أصيب عدد مؤسف منهم في هجمات (إسرائيلية) مكثفة وعشوائية".

وشددت الوكالة الأممية، في منشور على حسابها عبر منصة "إكس"، أن "وقف إطلاق النار الفوري هو الأمل الأخير المتبقي".

ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر الماضي، حربًا مدمرة على غزة بدعم أمريكي، خلفت نحو 112 ألفًا بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ما استدعى محاكمة تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بدعوى "إبادة جماعية".

وتواصل إسرائيل حربها المدمرة على غزة رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار فورًا، ورغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".

 

سوء تغذية

يشير تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، إلى المجاعة التي تفتك بقطاع غزة، والتي أودت حتى الآن بحياة 28 طفلاً "توفوا بسبب سوء التغذية والجفاف في المستشفيات" في وقت تضاعفت فيه معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال في شمال غزة ورفح بالمقارنة مع يناير 2024، حيث ارتفعت من 16% إلى 31% بين الأطفال تحت سن الثانية في شمال غزة، ومن 13% إلى %25 بين الأطفال تحت سن الثانية في رفح.

يقول جهاز الإحصاء إن أكثر من 816 ألف طفل بحاجة إلى مساعدة نفسية من آثار العدوان الإسرائيلي الذي "ترك آثاراً نفسية عميقة (…) والخوف والقلق والاكتئاب، والصدمة النفسية"، وفقًا لـ"الجزيرة".

وعن التعليم، ذكر التقرير، الذي صدر في بدايات شهر إبريل الجاري، أن 620 ألف طالب وطالبة في القطاع حُرموا من حقهم في التعليم المدرسي للعام الدراسي 2023/ 2024.

كما بلغ عدد الشهداء من الطلبة الملتحقين بالمدارس في فلسطين 6 آلاف و50، وعدد الجرحى 10 آلاف و219 غالبيتهم الساحقة في قطاع غزة. أما عدد المعتقلين من الطلبة فبلغ 105، جميعهم من الضفة الغربية.

 

الأكثر فظاعة

بدوره، قال مدير الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، خالد قزمار، إن ما يجري بحق الأطفال منذ السابع من أكتوبر "غير مسبوق في التاريخ الحديث، منذ النكبة عام 1948".

وأضاف "الاحتلال يرتكب بدم بارد الجرائم الأكثر فظاعة، فقصف في ضربة بناية سكنية كاملة راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد بينهم عدد كبير من الأطفال"، وفقًا لـ"الجزيرة".

وتابع أن كل ما تستطيعه منظمته في هذه المرحلة ومنذ بدء العدوان هو التواصل مع شبكة علاقاتها على مستوى العالم بما في ذلك مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الإنسان ومؤسسات حقوق الأطفال من أجل توصيل ما يجري على أرض الواقع من جريمة إبادة جماعية.

وأضاف "طالبنا بتدخل كل من يستطيع أن يوقف هذه الجريمة من جهة، ومن جهة ثانية طالبنا بأن يكون هناك مساءلة من قبل المجتمع الدولي والدول الأعضاء في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، لدولة الاحتلال عن هذه الجريمة؛ لضمان عدم تكرارها في أنحاء العالم".