خلصت دراسة لمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية إلى أن "الولايات المتحدة عاجزة ولا ينبغي لها في الوقت نفسه فرض حلول على منطقة الشرق الأوسط"، مشيرة إلى "محدودية القوة الأمريكية في توفير القيادة الحاسمة أو النفوذ اللازم للدفع نحو تسوية دائمة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

وأوضحت المجلة، في دراسة إطارية للشرق الأوسط، أن "ما يحتاجه الشرق الأوسط هو إيجاد طريقه الخاص نحو السلام والاستقرار، برئاسة قادته".

وأكدت دراسة المجلة، التي تصدر شهريًّا عن مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، أن "حرب غزة قدمت فرصة نادرة لأشكال جديدة من القيادة التعاونية للشرق الأوسط، على غرار ما حصل في العديد من الأقاليم الدولية، لتخلف القيادة الأمريكية المتراجعة".

ورسمت المجلة "طريقًا منهجيًّا نحو نظام إقليمي (منتدى) يصنعه قادة المنطقة"، الذين أشارت إليهم المجلة بـ"خمس دول عربية، هي: مصر، والإمارات، والسعودية، وقطر، والأردن، بالإضافة إلى تركيا".

ورأت الدراسة، التي شارك فيها مدير "برنامج الشرق الأوسط" في مركز "تشاتام هاوس"، سنام وكيل، أنه "من عجيب المفارقات أن واحدة من أقوى القوى التي تحافظ على تماسك منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قد تكون محنة غزة ذاتها والقضية الفلسطينية، حيث جلبت الحرب انتباه العالم إليها بشكل صارخ".

وقالت: "رغم الإستراتيجيات المتباينة تجاه إسرائيل والفلسطينيين في فترة ما قبل 7 أكتوبر، فإن الحكومات في جميع أنحاء الشرق الأوسط متحدة على نطاق واسع بشأن المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار".

وأشارت المجلة إلى أن الحكومات "معارِضة لنقل الفلسطينيين خارج غزة، والدعوة إلى وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وتوفير المساعدات العاجلة، ودعم المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن والأسرى".

وأردفت: "بذلك يُطرح السؤال الكبير الآن عما إذا كان من الممكن توجيه هذه الوحدة نحو بناء عملية سلام مشروعة؟".

ولفتت إلى أنه "رغم الصراعات الماضية، فإن الدول العربية، وإيران، وإسرائيل، تشارك في الحوار الدائر الآن، في الرؤى التي تدعو إلى تشكيل شراكات جديدة، مدفوعة بالمصالح الاقتصادية والرغبة في إدارة المخاوف الأمنية من دون الاعتماد فقط على الولايات المتحدة".

وبيّنت أن قراءة سجل سنوات العقد الماضي تفيد بأن العديد من دول المنطقة كانت فقدت ثقتها بالدور الأمريكي في الشرق الأوسط، وبدأت البحث عن بدائل لتشكيل ووضع الترتيبات الأمنية الذاتية.

واعتبرت دراسة "فورين أفيرز"، أنه "ابتداءً من عام 2019، بدأت الحكومات في جميع أنحاء المنطقة بإصلاح العلاقات المشحونة سابقًا".

وتابعت: "لم تكن عملية إعادة الضبط الإقليمية غير المعتادة هذه مدفوعة بالأولويات الاقتصادية فحسب، ولكن أيضًا بسبب التصور بأن اهتمام واشنطن بإدارة صراعات الشرق الأوسط آخذ بالتراجع".

وأوضحت أنه "مع تضاؤل النفوذ العسكري لواشنطن، ضعفت عضلاتها الدبلوماسية أيضًا. وبدلًا من إظهار العزم، أظهرت الزيارات المستمرة لكبار مسؤولي الإدارة إلى المنطقة مدى ضآلة النفوذ الذي تحتفظ به الولايات المتحدة - أو في حالة إسرائيل، عدم رغبة الإدارة في استخدامه".