لم يكن إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، بأن إسرائيل لن تقوم بأي أنشطة عسكرية في قطاع غزة خلال شهر رمضان، وأن هناك اتفاقًا، من حيث المبدأ، على وقف إطلاق النار بين أطراف القتال في غزة، ليخدع قادة حماس ومكتبها السياسي، الذين فهموا منذ البداية الأهداف الخفية للتفاهمات الأمريكية الإسرائيلية.

وقال بايدن: "رمضان يقترب، وكان هناك اتفاق بين الإسرائيليين على عدم القيام بأي أنشطة خلاله لكي نمنح أنفسنا وقتًا لإخراج جميع الرهائن"، الأمر الذي فتح باب التساؤلات حول إمكانية إعلان إسرائيل وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار من جانب واحد في رمضان

وتباينت الآراء بشأن إمكانية لجوء إسرائيل لإعلان وقف مؤقت لإطلاق النار من جانب واحد، خاصة مع تأكيد قادتها العسكريين والسياسيين استمرار الحرب لحين إطلاق جميع الرهائن والمحتجزين.

 

تفاهمات أمريكية إسرائيلية

وقال المحلل السياسي، طلال عوكل، إن "تصريح بايدن يأتي في إطار تفاهمات أمريكية إسرائيلية بشأن الحرب على غزة، ويمكن اعتبارها بمثابة مؤشر إلى إمكانية إعلان حكومة بنيامين نتنياهو وقفًا أحادي الجانب لإطلاق النار في القطاع خلال رمضان".

وأوضح عوكل، "مثل هذه الخطوة الإسرائيلية تأتي لتخفيف الضغط الدولي والإقليمي على تل أبيب بشأن الحرب، والعدد الهائل من الضحايا، والأوضاع المزرية للنازحين وسط وجنوب القطاع"، وفقًا لـ"إرم نيوز".

وأضاف: "إسرائيل تدرك خطورة استمرار عملياتها العسكرية في غزة خلال رمضان على المستويين الدولي والإقليمي، ولا ترغب في إثارة غضب عموم المسلمين، والأمر يدفعها للتفكير بجدية لإعلان وقف إطلاق النار".

واستدرك: "لكن هذا الإعلان لا يعني إنهاء الحرب؛ وإنما وقف مؤقت لها"، مبينًا أن إسرائيل بهذه الحالة ستستأنف القتال في أي وقت، كما أنها ستوجه ضربات جوية لأي هدف تعتبره خطيرًا، ما يعني الإبقاء على حالة الحرب.

وأكد المحلل السياسي، أن "إدارة بايدن تعتبر أن إسرائيل استنفدت وقتًا طويلًا بحربها في غزة، وأن الوقت قد حان للتوصل إلى اتفاق نهائي برعاية إقليمية ودولية مع طرفي القتال"، مؤكدًا أن الوقف المؤقت للحرب سيكون خطوة نحو الاتفاق النهائي، وفق تقديره.

 

نتنياهو: لا نضمن نجاح صفقة الإفراج عن الأسرى

ومما يؤكد هذه التفاهمات الأمريكية الإسرائيلية، أنه لم يصدر عن أحد من المسئولين الإسرائيليين أي تصريحات يمكن أن تدفع للمضي قدمًا تجاه وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة، وإنما كانت معظم التصريحات تدور حول مواصلة الحرب والمضي قدمًا في اقتحام رفح والقضاء على حماس وقادتها.

وهذا ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عندما قال إنه "لم يتضح بعد إذا كانت المحادثات الجارية ستتمخض عن اتفاق بشأن الرهائن". وأضاف، الأحد الماضي: "نعمل جميعًا على صفقة للإفراج عن الرهائن، لكن لا نضمن نجاحها".

ورفض نتناياهو في حديثه لشبكة "سي.بي.إس نيوز" الكشف عن تفاصيل، لكنه قال إن حركة حماس لا بد أن "تقبل بحل منطقي".

وأضاف: "بمجرد أن نبدأ عملية رفح سنكون على بعد أسابيع من النصر التام"، مضيفًا "إذا لم يحصل اتفاق، فسنقوم بها على أي حال. يجب أن تتم، لأن النصر الكامل هو هدفنا، والنصر الكامل في متناول اليد - ليس بعد أشهر، بل بعد أسابيع، بمجرد أن نبدأ العملية".

 

هنية: مكائد السياسة ستلحق بفشل العدو في الميدان

ومن جهتها، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس على لسان رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، أن ما عجز الاحتلال والولايات المتحدة عن فرضه في الميدان لن يأخذوه بمكائد السياسة.

وقال هنية في كلمة له اليوم في مؤتمر إطلاق التقرير السنوي لمؤسسة القدس الدولية: نؤكد للصهاينة وللولايات المتحدة شريكتهم في العدوان بأن ما عجزوا عن فرضه في الميدان لن يأخذوه بمكائد السياسة، كائنًا ما كانت أشكال التحايل والضغوط التي يوظفونها.

وشدد على أن المقـاومة الفلسطينية قابلت العدوان الإسرائيلي ببسالة تاريخية رغم اختلال موازين القوى.

وقال: أي مرونة نبديها في التفاوض حرصًا على دماء شعبنا يوازيها استعداد للدفاع عنه، مشددًا على أن التهديد بارتكاب مجازر جديدة في رفح يجدد التأكيد على طبيعة هذا العدو وجيشه النازي.

وأضاف: المحتل من حيث يتوهم أنه بذلك يبالغ في نكايته فإنه يؤسس من جديد لمعارك قادمة يكون الأقصى عنوانها، ويحوّل المسجد الأقصى بيديه إلى عنوانٍ لاستنزاف قوته ولاستنهاض قوى التحرير في أمتنا وقوى العدالة والحرية في العالم أجمع.

وتحدث هنية عن توسيع المعركة مع الكيان الصهيوني لتشمل كل فلسطين؛ الضفة والقدس والداخل المحتل، داعيًا الفلسطينيين جميعًا "بأن يشدوا الرحال إلى الأقصى منذ اليوم الأول لشهر رمضان المبارك زرافاتٍ ووحدانًا، للصلاة فيه والاعتكاف والقيام، وأن يكسروا الحصار عنه".

وشدد على أن "حصار الأقصى وحصار غزة حصار واحد، والتحاق كل مكونات الشعب الفلسطيني بهذه المعركة يكسر حصار الأقصى ويكسر الاستفراد بغزة".

 

قرار خطير

ويرى المحلل السياسي، سهيل كيوان، أنه "من المستبعد أن تقدم إسرائيل على وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة بالرغم من الضغوط الأمريكية والدولية"، لافتًا إلى أن أي هدنة في غزة ستكون في إطار اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس.

وأوضح كيوان، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "إسرائيل تدرك مخاطر منح حماس والفصائل المسلحة في غزة فرصة ترميم ترساناتهم العسكرية، وأن ذلك قد يمكّن تلك الفصائل من استئناف إطلاقها للصواريخ تجاه المدن والبلدات الإسرائيلية".

وأضاف: "القرار خطير للغاية من الناحيتين الأمنية والعسكرية لإسرائيل، وبتقديري لا يمكن أن نشهد وقفًا أحادي الجانب لإطلاق النار خلال الحرب الدائرة حاليًا في غزة"، مستشهدًا بتصريحات المسؤولين الإسرائيليين حول إمكانية بدء العملية العسكرية برفح خلال رمضان.

وبين أن "الجيش الإسرائيلي يستعد لإمكانية تكثيف ضرباته العسكرية وعملياته البرية ضد غزة، خلال الأيام المقبلة، وذلك في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس بشأن صفقة تبادل أسرى"، لافتًا إلى أن هذه المرحلة ستكون الأصعب.

وأشار كيوان، إلى أن "الحل الوحيد لإنهاء حرب غزة هو اتفاق فلسطيني إسرائيلي إقليمي دولي، يؤدي لصفقة تبادل أسرى، ويغلق ملف المحتجزين في القطاع"، مبينًا أن الوسطاء يمارسون ضغوطًا لوقف حرب غزة قبل بدء شهر رمضان.