وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وفاة الرضيع “جمال محمود جمال الكفارنة” من مواليد أغسطس 2023 من بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، جراء الجوع بسبب عدم توفر الغذاء اللازم له ولوالدته.

وقالت “سماح يوسف الكفارنة”، وهي جدة الرضيع الضحية لفريق الأورومتوسطي إنهم نزحوا منذ الأيام الأولى للهجمات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة إلى خيمة في ساحة مدرسة في بلدة جباليا، مشيرة إلى معاناتهم من نقص متزايد بأي إمدادات إنسانية، وفقًا لـ"المركز الفلسطيني للإعلام".

وذكرت أن والدة الرضيع “جمال” أصابها الجفاف بسبب قلة الطعام والغذاء واضطرت لشرب المياه المالحة وانقطع لديها الحليب مع الوقت، وهو ما أثر على قدرتها على ارضاع طفلها تدريجيًّا وأدى إلى إصابته بارتخاء وجفاف حاد، خاصة مع عدم توافر أية بدائل من حليب الأطفال الصناعي بسبب الحصار المفروض على القطاع، إلى أن “توفي جائعًا في أحضان والدته” في 18 من الشهر الجاري، بحسب جدته.

ويواجه قطاع غزة نقصًا حادًا في المواد الغذائية وخاصة الأساسية، بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، كما فرضت إسرائيل حصارًا مطبقًا على القطاع، تمنع بموجبه دخول الشاحنات المحملة بالمساعدات إلا بموافقة، وبعد فحصها والتأكد من محتوياتها، ما يؤثر سلبًا على كمية الشاحنات المدخلة.

وطالبت مؤسسات فلسطينية وأممية وإغاثية مرارًا، بضرورة إيجاد ممرات آمنة لتدفق المساعدات إلى قطاع غزة، وتوزيعها على الفلسطينيين لا سيما في شمال غزة، مؤكدين أن الكميات المدخلة لا تلبي الاحتياجات الحقيقية لـ 2.3 مليون فلسطيني في غزة.

وكان المرصد الأورومتوسطي قد تلقى إفادات بشأن حادثة أخرى حول وفاة الرضيع “براء الحداد” (عام ونصف) من سكان مدينة غزة، جراء الجوع والجفاف يوم 30 من ديسمبر الماضي.

وسبق للمرصد الأورومتوسطي أن وثق عدة حالات وفاة بفعل الجوع بينهم الطفلة “جنى ديب قديح” (14 عامًا) والمريضة بالشلل الدماغي، والتي توفيت يوم 8 ديسمبر الماضي في مدرسة “طيبة” في بلدة عبسان الكبيرة شرقي خانيونس جنوبي قطاع غزة بفعل الجوع ونقص الأوكسجين اللازم لحالتها.

 

كمية غير كافية

وواجه الأب الفلسطيني محمد الزعنون، صعوبات جمة في البحث عن الاحتياجات الأساسية لطفله أحمد، من حليب وغذاء وحفاضات وغيرها من مستلزمات، في ظل عدم توفرها في الأسواق أو الصيدليات.

ويخرج الزعنون النازح من شمال قطاع غزة إلى محافظة رفح جنوبًا، كل صباح إلى السوق المركزي، بحثًا عن ضالته، لعله يعود إلى منزله وطفله البكر المولود حديثًا بشيء من احتياجاته، وفقًا لــ"الأناضول".

وقال الزعنون، إن مراكز الإيواء في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، قامت بتسليمه 3 مرات حفاضات أطفال، بما مجموعه 39 قطعة فقط، لكن هذا العدد غير كافٍ، بحسب الزعنون.

وأكد أن إحدى المرات الثلاث التي استلم فيها حفاضات كان المقاس غير مناسب لطفله، فتبرع بها لإحدى العائلات التي تحتاجها، مشيرًا إلى الارتفاع الجنوني في أسعارها حال توفرها.

ويستغرب الزعنون من عدم توفر الحفاضات والحليب المخصص للأطفال ضمن المساعدات الإنسانية التي تصل قطاع غزة، مشددًا على أهمية وصولها وتوزيعها على الأسر، حفاظًا على سلامة الأطفال.

ويواجه الأطفال في غزة منذ 109 أيام تهديدًا ثلاثيًا قاتلًا، يتمثل في زيادة تفشي الأمراض، وسوء التغذية، وتصاعد الأعمال القتالية، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف".

 

بدائل غير مناسبة

وتعيش الفلسطينية ساجدة الشواف، أزمة شديدة مماثلة لتلك التي يعيشها الزعنون، لكنها أزمتها أكبر حسب ما تقول، نظرًا للنقص الشديد في المقاسات الكبيرة من الحفاضات.

وتقول الشواف: "طفلي يبلغ من العمر عام ونصف، ووزنه يبلغ 14 كيلو جرام، ويحتاج الى حفاضات مقاس 6، وهذا المقاس غير متوفر البتة في الأسواق أو الصيدليات".

وتضيف النازحة إلى دير البلح وسط قطاع غزة، أنها عانت كثيرًا بسبب نقص الحفاضات لفترة زمنية، حيث استخدمت بدائل من قطع القماش، إلا أنها لم تكن عملية في ظل شح المياه اللازم لغسلها من أجل إعادة استخدامها.

وتؤكد أن زوجها اضطر إلى شراء كمية محدودة من سوق رفح جنوب قطاع غزة وبأسعار مرتفعة، حيث بلغ سعر القطعة الواحدة 3.5 شيكل وهو ما يعادل دولارًا أمريكيًا، في حين أن سعرها كان سابقًا لا يتجاوز 0.5 شيقل.

وتواجه الشواف كذلك، مشكلة في توفير الحليب الخاص بطفلها، والذي وصفه الطبيب لاحتوائه على الفيتامينات والمواد الغذائية اللازمة.

وتقول: "حاولت استبدال الحليب المخصص للأطفال بنوعيات أخرى من حليب الكبار، ما سبب له مشكلة صحية، وأصابه بإسهال وتقيؤ شديد".

وتبين أن "سعر عبوة الحليب كانت قبل الحرب 35 شيكل، أما الآن فلم نستطع توفيرها حتى اللحظة".

 

أزمة حقيقية

أما الفلسطينية منى جاد الله، فتضطر في بعض المرات إلى الاعتماد على بعض الأطعمة أو المياه لتوفير الغذاء لأبنائها، في ظل عدم توفر الحليب وانعدام البدائل المناسبة.

وتقول "إن استمرار الحرب الإسرائيلية للشهر الرابع على التوالي، ومنع إسرائيل إدخال احتياجات سكان قطاع غزة الأساسية تسبب بأزمة حقيقة".

وتضيف أن الحليب ليس متوفرًا في الصيدليات أو المستشفيات أو عيادات "الأونروا"، وتضطر أحيانًا إلى خلط الماء مع القليل من الحليب إذا توفر.

وتطالب جاد الله العالم أجمع بـ"الضغط على إسرائيل لإدخال المواد الأساسية والمساعدات الإنسانية، وفي مقدمتها احتياجات الأطفال من حليب وحفاضات".

ولا تؤمن المساعدات الإنسانية المدخلة إلى قطاع غزة احتياجات الغزيين الأساسية، وخصوصًا الأطفال منهم، من حليب وحفاضات وغيرها.

ويعيش في غزة نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة للغاية، جراء حصار إسرائيلي مستمر منذ العام 2006.

كما كشف تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، في نوفمبر الماضي، أن الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 17 عامًا، جعل 80 بالمئة من سكانه يعتمدون على المساعدات الدولية.