في ظل توقعه انهيار حكومة الطوارئ الإسرائيلية، اعتبر محلل سياسي أنه لم يعد السؤال ما إذا كانت الانتخابات ستجرى في العام الجاري أم لا، بل متى ستجرى فيه، معتبرًا "حكومة الطوارئ على وشك الانهيار".

وقال يائير كوزين، المحلل في إذاعة الجيش الإسرائيلي في مقال نشره في صحيفة "جروزاليم بوست" الإسرائيلية، الجمعة، إن "حكومة الطوارئ على وشك الانهيار".

وتتصاعد الدعوات في إسرائيل لإجراء انتخابات مبكرة، ولكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والأحزاب اليمينية الشريكة له تعارض هذه الدعوات.

ورجح كوزين، "انسحاب حزب الوحدة الوطنية، برئاسة بيني غانتس، قريبًا من حكومة الطوارئ، التي تشكلت في 11 أكتوبر الماضي، بعد بدء الحرب على غزة".

ولكنه لفت إلى أنه "حتى لو انهارت حكومة الطوارئ مع حزب الوحدة الوطنية، فإن كتلة نتنياهو، المكونة من 64 عضوًا، ستظل قادرة على البقاء في السلطة".

 

المعارضة الداخلية تؤدي لتفكيك حكومة نتنياهو

واعتبر كوزين، أنه "فقط معارضة داخلية قوية في حزب الليكود، الذي يقوده نتنياهو، التي يمكن أن تؤدي إلى تفكيك الحكومة اليمينية الضيقة، وتؤدي إلى انتخابات أو تشكيل حكومة بديلة مع زعيم مختلف من داخل الليكود، والذي يمكنه الحصول على الدعم من داخل حزبه وأحزاب المعارضة".

واستدرك "في الوقت الحاضر، يبدو السيناريو الأخير غير مرجح، ويتحدث الجميع تقريبًا عن انتخابات".

وقال كوزين، "لم تعد المسألة ما إذا كانت الانتخابات ستُجرى في عام 2024، بل متى ستُجرى في 2024، ولا يرغب أغلب أعضاء الحكومة في إجراء انتخابات في أي وقت قريب".

وأضاف "الجميع (في الحكومة)، ربما باستثناء وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي على الرغم من فشله الذريع في كبح الجريمة في إسرائيل يواصل الصعود في استطلاعات الرأي، يعارضون الانتخابات".

وتُوجه بشكل مستمر انتقادات عدة إلى نتنياهو، بشأن عدم تحقيق أي من أهداف الحرب رغم مرور 106 أيام على اندلاعها، والتي كان في مقدمتها القضاء على حكم "حماس" بغزة.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت في الأيام الماضية عن خلافات داخل الحكومة، بشأن سبل إعادة المحتجزين من قطاع غزة، ورفض نتنياهو للمقترحات والصفقات التي تعرض من جهات مختلفة، لتمسكه بعدم وقف إطلاق النار في غزة، وهو الشرط الرئيس لحركة "حماس".

 

احتدام التوتر بين نتنياهو وغالانت

 

ويؤكد قرب انهيار حكومة الطوارئ، ما كشفه تقرير إسرائيلي، الجمعة، عن احتدام التوتر بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.

وتحت عنوان "هكذا تبدو المعركة بين نتنياهو وغالانت"، قالت القناة 12 الإسرائيلية: "منذ أسابيع، حاول رئيس الوزراء ووزير الدفاع إخفاء التوتر بينهما، ولكن الآن لا جدوى من ذلك".

وأضافت: "الجبهة الأخرى وغير الضرورية في الحرب هي تلك القائمة بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع، وكجميع الجبهات النشطة الآن، فهي أيضًا تغلي تحت السطح منذ فترة طويلة".

وتابعت: "يمكن القول إنه بين نتنياهو وغالانت تسود علاقة خيبة أمل متبادلة لفترة طويلة، فنتنياهو عين غالانت في أهم منصب في حكومته، وزير الدفاع، بعد أن رأى فيه جنديًا مخلصًا، ليس للجيش طبعًا بل لرئيس الوزراء نفسه. نعم رجل يمكن التلاعب به بسهولة".

ولفتت الى أنه "منذ اللحظة الأولى كان على غالانت أن يتعامل مع إملاءات سخيفة، إذ اكتشف أن جزءًا من مكتبه نُقل كمروحية إلى (زعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف ووزير المالية بتسلئيل) سموتريتش، وهذا ما أرهقه لفترة من الزمن في المعارك التي دارت حول موضوع البؤر الاستيطانية".

وقالت: "كما وجد غالانت نفسه في خلاف مستمر مع (زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف ووزير الأمن القومي إيتمار) بن غفير، على سبيل المثال حول قضية الحرس الوطني".

وأضافت: "عندما أعلن نتنياهو في نهاية مارس الماضي أنه قرر إقالة غالانت من منصبه، لم يفاجأ أحد في النظام السياسي، وكان واضحًا كالنهار أن إقالة وزير الدفاع هي مسألة وقت فقط، لكن الاحتجاج الذي انفجر في تلك الليلة كان له تأثيره، إذ بقي غالانت في منصبه".

وذكرت القناة أن الأحداث الكبيرة (هجوم حركة "حماس") على المستوطنات المحاذية لقطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي، "لم ترمم العلاقات بين نتنياهو وغالانت".

وقالت: "من كان يتوقع أن تؤدي أعظم كارثة في تاريخ البلاد إلى إعادة العلاقات بينهما (نتنياهو وغالانت) إلى سابق عهدها، فقد خدع، الوضع ازداد سوءًا".

وأضافت: "يتم التعبير عن انعدام الثقة بين الاثنين في حقيقة أن كل منهما يشتبه في الآخر بالإحاطات والتسريبات، ففي دائرة نتنياهو، غالانت متهم بالتسريبات المتواصلة حتى من المناقشات الأكثر حساسية".

وتابعت: "فما هي نتيجة كل هذه الشكوك والمواجهات؟ الجانبان يعزلان بعضهما البعض على وجه التحديد في الوقت الذي يجب أن تتدفق فيه المعلومات بأكثر الطرق فعالية".

ولفتت القناة إلى أن "نتنياهو، من جانبه، أصدر تعليماته لرؤساء المؤسسة الأمنية بعدم الاجتماع مع غالانت دون حضوره".

وقالت: "ومن ناحية أخرى، فإن برنامج غالانت لليوم التالي (لنهاية) للحرب، على سبيل المثال، عُرض لأول مرة على المراسلين، وسمع عنه نتنياهو بالصدفة الكاملة واضطر إلى مشاهدته في الثامنة مساء مع الشعب الإسرائيلي بأكمله".

وأضافت القناة 12 الإسرائيلية: "كلاهما يفضلان أيضًا الإدلاء بتصريح لوسائل الإعلام بمفردهما، ولا سمح الله أن يجتمعا معًا".

 

الغرق في مستنقع غزة

 

ومن جهته، انتقد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، سياسات نظيره الحالي بنيامين نتنياهو، محذرًا من أن مسار الحرب قد ينذر بـ"غرق إسرائيل في مستنقع غزة".

جاء ذلك في مقال لباراك نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أمس الجمعة، دعا خلاله إلى "ضرورة إجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل قبل فوات الأوان" علما ًبأن الانتخابات تجري في العام 2026.

وقال باراك: "الحرب تدخل أسبوعها الخامس عشر، وفي ساحة المعركة نرى عملًا ملهمًا وشجاعًا وتضحيات، لكن في إسرائيل نرى اليأس، والشعور بأنه رغم المكاسب التي حققها الجيش الإسرائيلي، فإن حماس لم تُهزم وعودة الرهائن آخذة في التراجع".

وأشار إلى أنه "منذ نحو ثلاثة أشهر يمنع نتنياهو مناقشة اليوم التالي (لانتهاء الحرب) في مجلس الوزراء المصغر، وهو أمر غير معقول".

وحذر من سياسات نتنياهو، موضحًا: "لا يستطيع الجيش الإسرائيلي تحسين احتمالات الفوز عندما لا يكون هناك هدف سياسي محدد، وفي غياب هدف واقعي سينتهي بنا الأمر إلى الغرق في مستنقع غزة".

كما نوه إلى مخاطر "القتال في وقت واحد في غزة ولبنان والضفة الغربية، مما يؤدي إلى تآكل الدعم الأمريكي وتعريض اتفاقات أبراهام واتفاقيات السلام مع مصر والأردن للخطر".

واعتبر الوزير الإسرائيلي الأسبق أن "هذا النوع من السلوك يجر أمن إسرائيل إلى الهاوية".

وفي السياق، كشف باراك "تقديم الولايات المتحدة قبل شهرين لإسرائيل مقترحًا يلبي المصالح المشتركة للبلدين"، مبينًا أن هذا العرض "ما زال مطروحًا على الطاولة".

وبيّن أن المقترح الأمريكي نص على أنه "بعد القضاء على قدرات حماس، يتم تشكيل قوة عربية من أعضاء محور الاستقرار الذي سينشأ لإدارة القطاع لفترة محدودة".

وأوضح أنه وفقًا للاقتراح فإنه "خلال هذه الفترة الانتقالية، ستعود غزة إلى سيطرة السلطة الفلسطينية، وستحظى بالاعتراف الدولي، مع مراعاة الترتيبات الأمنية المقبولة لدى إسرائيل".

ولفت إلى أنه بموجب المقترح الأمريكي "ستقوم السعودية والإمارات بدعم السلطة الفلسطينية وتعزيزها ماليًا، وضمان أعمال إعادة الإعمار والبنية التحتية".

ووصف باراك الاقتراح الأمريكي بأنه "المخطط العملي الوحيد"، مضيفًا: "في المقابل، سيتعين على إسرائيل أن تشارك في المحادثات المستقبلية نحو حل الدولتين".

واعتبر أن فرص نجاح هذا المقترح ستتضاءل "كلما زاد النظر إلى إسرائيل على أنها متعثرة".

واستدرك: "يمكن للمرء أن يجادل بأن الاقتراح الأمريكي سيئ؛ لكن لا يمكن للمرء أن يمنع مناقشة هذه المسألة أثناء الحرب عندما يُقتل المقاتلون".

ورأي أن "بين اسرائيل وبين الحل الممكن (في غزة) يقف نتنياهو نفسه ومبتزوه، الوزيران (الأمن القومي) إيتمار بن غفير و(المالية) بتسلئيل سموتريش".

وأضاف: "إنهما (الوزيران) يمنعان إسرائيل من التحرك من أجل أمنها بالتنسيق مع الولايات المتحدة، ويجرونها إلى الهاوية خدمة لمصالحهما الخاصة".

وقال: "يدرك نتنياهو أن السلطة الفلسطينية المعاد تنشيط عملها في غزة تعني خسارة بن غفير وسموتريتش وتسريع نهاية حكومته".

وأضاف: "يجب أن تكون هناك انتخابات مبكرة، وسيحدث هذا عندما يثور غضب عائلات الرهائن، ومجتمعات النازحين، وجنود الاحتياط، والأعداد الكبيرة من الإسرائيليين الذين يتذكرون 7 أكتوبر 2023 جيدًا".

ويأتي مقال باراك عقب إعلان نتنياهو، الخميس، أنه أبلغ واشنطن بمعارضته إقامة دولة فلسطينية "في إطار أي سيناريو لمرحلة ما بعد الحرب على غزة"، بخلاف الرغبة الأمريكية وإصراره على استمرار الحرب في غزة من أجل تحقيق "انتصار حاسم على حماس".

 

"استعدوا لحرب أهلية"

عائلات الرهائن الإسرائيليين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة واستعادة  أبنائهم - الجمهور الإخباري

أما وسائل إعلام إسرائيلية، فتحدثت عن التظاهرات الحاشدة التي تخرج في شوارع "تل أبيب" في ظل الأوضاع الأمنية الحاصلة، قائلةً: "استعِدّوا لحربٍ أهلية".

وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية: "تصوروا ما سيحدث عندما تخرج الحشود إلى الشوارع فيما في الخلفية حرب مشتعلة، ستكون الشوارع قابلة للاشتعال ومتفجرة".

وذكرت الصحيفة أنه "سيتم تصوير المتظاهرين على أنهم خونة ويطعنون الأمة وجنودها في الظهر، وسيتم التعامل معهم وفقًا لذلك، خصوصًا أن الساحة مغمورة بالأسلحة الآلية والمسدسات، والتي تم توزيعها وفق إقطاع سياسي".

ووصفت "هآرتس" في تقرير لها حكومة نتنياهو بـ"الكابوس" الذي يحكم، قائلةً إنها قدمت الكثير من الوعود، "وفي نهاية السنة، النتائج أمامنا".

وأضافت أن "الحكومة الإسرائيلية الآن منهمكة بضمان حرب دائمة في غزة والحدود الشمالية وإشعال الضفة الغربية"، مضيفةً أن "بقاءها يعتمد على استمرار الحرب إلى الأبد".

وفي تقريرها، قالت الصحيفة إن "سنة 2024 ستكون سنة سيئة وقاتمة"، معددةً الأزمات بدءًا من القتلى والمراوحة في مستنقع غزة وحدود لبنان، وصولًا إلى التضحية بالأسرى الإسرائيليين".

وذكرت أيضًا الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الاحتلال، مؤكدةً أنها "ستؤدي إلى غليان وتجدد الاحتجاج"، وأضافت أن "نسخة ما من حرب أهلية على وشك الاندلاع"، قائلةً: "لقد تمزقت وزارة الخارجية إلى أشلاء في تناوب ثلاثي".

ووفقًا للصحيفة، "تبين هذا الأسبوع أن الشرطة عادت إلى العمل كمليشيا بن غفير، كما كانت قبل 7 أكتوبر".

وفي الأيام الأخيرة، تظاهر عشرات آلاف المستوطنين الإسرائيليين في "تل أبيب"، في حركة احتجاجٍ ضخمة تمّت الدعوة إليها سابقًا، مطالبين بإعادة الأسرى الإسرائيليين وإسقاط حكومة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، والإسراع في إجراء انتخاباتٍ جديدة.