أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، اليوم الأربعاء، النتائج الرئيسية لاستطلاع الرأي العام العربي والفلسطيني بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة التي دخلت شهرها الرابع.

واستهدف الاستطلاع عينة قوامها ثمانية آلاف شخص، في 16 مجتمعًا عربيًا وهي موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر والسودان واليمن وعُمان وقطر والكويت والسعودية والعراق والأردن ولبنان والضفة الغربية في فلسطين.

وتضمّن الاستطلاع مجموعة من الأسئلة تهدف إلى الوقوف على آراء المواطنين في المنطقة العربية نحو موضوعات مهمة مرتبطة بالحرب الإسرائيلية على غزة.

 

ضغط نفسي بسبب الحرب على غزة

وأظهر الاستطلاع وهو الأول من نوعه في موضوع الحرب على غزة وقد أجري ميدانيًا في الفترة بين 12 ديسمبر 2023 و5 يناير 2024 أن 97% من المستطلعين، عبّروا عن شعورهم بضغط نفسي بدرجات متفاوتة، نتيجة الحرب، منهم 84% قالوا إنّهم يشعرون بضغطٍ نفسي كبير.

وحول التعامل مع أخبار الحرب، أفاد نحو 80% من المستجيبين أنهم يداومون على متابعة أخبار الحرب من مصادر متنوعة. وتشكل قنوات التلفزيون نسبة 54% من مصادر المتابعة بينما تشكل شبكة الإنترنت نسبة 43%.

 

طوفان الأقصى.. عملية مقاومة مشروعة؟

كما تشير نتائج الاستطلاع إلى أن الرأي العام العربي غير مقتنع بأن العملية العسكرية التي نفذتها حماس في 7 أكتوبر 2023 كانت تحقيقًا لأجندة خارجية.

ورأى 35% من المستجيبين أن السبب الأهم للعملية هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. في حين عزاها 24% إلى الدفاع عن المسجد الأقصى ضد استهدافه، ورأى 8% أنها نتيجة لاستمرار حصار قطاع غزة.

أما فيما يتعلق بالنقاش حول مشروعية تلك العملية؛ فقد تَوافق 67% من الرأي العام العربي على أن العملية هي "عملية مقاومة مشروعة"، في حين قيّمها 19% بأنها "عملية مقاومة مشروعة شابتها بعض الأخطاء"، واعتبرها 5% "عملية غير مشروعة".

 

إجماع عربي على التضامن مع الشعب الفلسطيني

وأظهرت نتائج استطلاع المركز العربي أيضًا، وجود إجماع عربي على التضامن مع الشعب الفلسطيني؛ حيث توافَق على ذلك 92% من المستجيبين.

فقد عبّر 69% منهم عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في غزة وحركة حماس، في حين أفاد 23% أنهم متضامنون مع الشعب الفلسطيني وإن اختلفوا مع حماس، وقال 1% فقط إنهم غير متضامنين.

وفي إطار ما تداوله الساسة الإسرائيليون وبعض المسؤولين الأمريكيين حول تشبيه حركة حماس بتنظيم الدولة، كشفت نتائج الاستطلاع أنّ ثلثي الرأي العام العربي يعتقدون أنها تختلف عنه كليًا، فيما قال 3% فقط إنها لا تختلف عن داعش.

 

موقف الولايات المتحدة.. "سيئ" و"سيئ جدًا"

وعلى مستوى تقييم الرأي العام العربي لسياسات القوى الإقليمية والدولية تجاه الحرب على غزة، فقد عكست النتائج أنّ الرأي العام العربي يعارض سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الحرب على غزة.

فقد قيّم 94% من المستجيبين موقفها بأنه "سيئ" و"سيئ جدًا"، وقال 82% بينهم إنه سيئ جدًا.

وفي السياق نفسه، توافق 79% و78% و75% على أن مواقف كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، على التوالي، سلبية. في حين انقسم الرأي العام العربي بخصوص مواقف إيران وتركيا وروسيا والصين؛ بين من رآها إيجابية (48%، 47%، 41%، 40%، على التوالي)، ومن عدَّها سلبية (37%، 40%، 42%، 38%، على التوالي).

 

البلدان الأكثر تهديدًا لأمن المنطقة واستقرارها

وفي السياق نفسه، أفاد 76% أن نظرتهم إلى الولايات المتحدة أصبحت أكثر سلبية بناءً على مواقفها من الحرب، وتعكس النتائج أنها فقدت صدقيتها لدى الرأي العام العربي؛ إذ إن 81% من المستجيبين أفادوا أنها غير جادة في العمل على إقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلّة منذ عام 1967 (الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس).

وتَوافق نحو 77% من الرأي العام العربي على أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما الأكثر تهديدًا لأمن المنطقة واستقرارها؛ فقد رأى 51% أن الولايات المتحدة الأكثر تهديدًا، ورأى 26% أن إسرائيل تشكل التهديد الأكبر.

 

القضية الفلسطينية قضية جميع العرب

أجمعَ الشارع العربي على اعتبار أن القضية الفلسطينية "قضية جميع العرب وليست قضية الفلسطينيين وحدهم" بنسبة 92%. ومن الجدير بالذكر أن هذه النسبة غير مسبوقة عند مقارنتها بنتائج سنوات سابقة، فقد ارتفعت من 76% في نهاية عام 2022، إلى 92% في هذا الاستطلاع.

كما أنها ارتفعت ارتفاعًا ملحوظًا في بعض الدول؛ ففي المغرب ارتفعت من 59% في عام 2022 إلى 95%، وفي مصر من 75% إلى 94%، وفي السعودية من 69% إلى 95%، على نحوٍ يعكس ارتفاعًا جوهريًا من الناحية الإحصائية، وتحولًا جوهريًا في آراء مواطني هذه البلدان.

وبحسب نتائج الاستطلاع، رفض 89% من المستجيبين العرب أن تعترف بلدانهم بإسرائيل، مقابل 4% فقط يوافقون على ذلك. وقد ارتفعت نسبة الذين يرفضون الاعتراف من 84% في استطلاع 2022 إلى 89% في هذا الاستطلاع.

ومن المفيد الإشارة إلى أن نسبة الذين يعارضون الاعتراف بإسرائيل في الرأي العام السعودي ارتفعت، من 38% في 2022 إلى 68%، وكذلك الأمر في السودان من 72% في 2022 إلى 81%، وفي المغرب من 67% في 2022 إلى 78%، وهذا ارتفاع جوهري من الناحية الإحصائية.

 

دور الحكومات العربية في إيقاف حرب غزة

أما على صعيد ما يمكن أن تقوم به الحكومات العربية لإيقاف الحرب، فقد أظهرت نتائج الاستطلاع أن 36% من مواطني المنطقة العربية يعتقدون أن الإجراء الأهم يتمثل في قطع هذه الحكومات علاقاتها مع إسرائيل أو إلغاء عمليات التطبيع معها.

ورأى 14% من المستجيبين أنه يتمثل في إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من دون موافقة إسرائيل، وحبّذ 11% استخدام سلاح النفط من أجل الضغط على إسرائيل ومؤيديها. وقال 9% بضرورة إنشاء تحالف عالمي لمقاطعة إسرائيل.

 

كيف تأثرت الأوضاع في الضفة الغربية والقدس؟

أظهرت نتائج استطلاع المركز العربي أيضًا وجود شبه إجماع بين المستجيبين الفلسطينيين من الضفة الغربية والقدس، بنسبٍ تفوق 95% على تأثّر مستوى الأمان في الضفة وإمكانية التنقل بين محافظاتها ومدنها وشعورهم بالأمن والسلامة الشخصية ووضعهم الاقتصادي؛ نتيجة للحرب.

وأفاد 60% من المستجيبين الفلسطينيين في الضفة أنهم تعرضوا لاقتحامات قوات جيش الاحتلال في مناطقهم أو كانوا شهودًا عليها، وقال 44% إنهم تعرّضوا لتوقيف أو استجواب من الجيش الإسرائيلي، وأفاد 22% أنهم تعرضوا لهجمات المستوطنين أو مضايقاتهم.

يذكر أن هذا الاستطلاع، الأول من نوعه في موضوع الحرب على غزة، نُفّذ ميدانيًا في الفترة 12 ديسمبر 2023 و5 يناير 2024 في 16 مجتمعًا عربيًا. وكان حجم العينة في كل مجتمع من المجتمعات الآنفة الذكر 500 مستجيب ومستجيبة، وسُحبت العينة حسب منهجية العينة العنقودية والموزونة ذاتيًا، بحيث يكون لكل فرد في كل بلد احتمالية متساوية في الظهور في العينة.