بدأت محكمة العدل الدولية، اليوم الخميس، المداولات في طلب تقدمت به جمهورية جنوب إفريقيا لإقامة دعوى ضد إسرائيل بتهمة بارتكاب "جرائم إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على غزة، خلّفت حتى الثلاثاء 23 ألفا و357 شهيدا، و59 ألفًا و410 جرحى، معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقًا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

وخلال جلسات على مدى يومين ستستمع المحكمة لمبررات جنوب أفريقيا لرفع القضية، الخميس، ورد إسرائيل على ذلك، الجمعة.

ومن المتوقع أن يصدر حكم في وقت لاحق من هذا الشهر بشأن الإجراءات العاجلة لكن المحكمة لن تصدر حكمها فيما يتعلق باتهامات الإبادة الجماعية في نفس الوقت.

ونتناول عبر 8 محاور أبرز المعلومات بشأن هذا الملف، وفقًا لـ"الأناضول".

 

 محكمة العدل الدولية

هذه المحكمة، ومقرها في مدينة لاهاي بهولندا، هي الجهاز القضائي الرئيس للأمم المتحدة. وتتولى الفصل، طبقا لأحكام القانون الدولي، في النزاعات القانونية بين الدول، وتقديم آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي قد تحيلها إليها أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة.

ويُنتخب قضاة المحكمة الخمسة عشر لمدة تسع سنوات، ويجوز أن يُعاد انتخابهم.

وإسرائيل من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي تستمد منها المحكمة سلطتها في نظر طلب جنوب إفريقيا.

وبموجب حكم للمحكمة، يحق لأي دولة موقعة على الاتفاقية أن تتقدم بشكوى لديها ضد دولة أخرى، حتى لو لم تتضرر الدولة المشتكية نفسها من الدولة المعنية.

 

تفاصيل الطلب الذي قدمته جنوب إفريقيا ضد إسرائيل

قدمت جنوب إفريقيا طلبا لإقامة دعوى ضد إسرائيل أمام المحكمة فيما يتعلق بانتهاكات إسرائيل المزعومة لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فيما يتعلق بالفلسطينيين في قطاع غزة.

وبحسب الطلب، فإن "الأفعال والتقصيرات من جانب إسرائيل، تتسم بطابع الإبادة الجماعية؛ لأنها تُرتكب بقصد محدد، وهو تدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من المجموعة الوطنية والإثنية الفلسطينية الأوسع".

كما تشير إلى أن "سلوك إسرائيل- من خلال أجهزة الدولة التابعة لها وعملاء الدولة وغيرهم من الأشخاص والكيانات التي تعمل بناءً على تعليماتها أو تحت إشرافها- فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، يعد انتهاكا لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية".

وتذكر أن "إسرائيل، منذ 7 أكتوبر 2023 على وجه الخصوص، فشلت في منع الإبادة الجماعية وفشلت في مقاضاة التحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية"، وأنها "انخرطت، وتنخرط في، وتخاطر بالمزيد من الانخراط في أعمال الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة".

 

مطالب جنوب إفريقيا

تسعى جنوب إفريقيا إلى تأسيس اختصاص المحكمة على الفقرة 1 من المادة 36 من نظامها الأساسي والمادة التاسعة من اتفاقية منع الإبادة الجماعية.

كما تطالب باتخاذ "تدابير مؤقتة"، عملا بالمادة 41 من النظام الأساسي للمحكمة، والمواد 73 و74 و75 من لائحتها.

وتطلب من المحكمة الإشارة إلى "تدابير مؤقتة" لـ"الحماية من أي ضرر إضافي وشديد وغير قابل للإصلاح لحقوق الشعب الفلسطيني بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية".

جنوب إفريقيا تطلب أيضًا "ضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية بعدم المشاركة في أي أعمال إبادة جماعية، ومنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها".

 

تعريف التدابير المؤقتة

على سبيل الاستعجال الشديد، وإلى حين أن تبت المحكمة في القضية، تطلب جنوب إفريقيا من المحكمة الإشارة إلى "التدابير المؤقتة" فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني، باعتباره مجموعة محمية بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية.

وترتبط هذه "التدابير المؤقتة" بشكل مباشر بالحقوق التي تشكل موضوع نزاع جنوب إفريقيا مع إسرائيل:

(1)- يجب على إسرائيل أن تعلق فورا عملياتها العسكرية في غزة وضدها.

(2)- يجب أن تضمن إسرائيل أن أي وحدات مسلحة عسكرية أو غير نظامية قد يتم توجيهها أو دعمها أو التأثير عليها، وكذلك أي منظمات وأشخاص قد يخضعون لسيطرتها أو توجيهها أو نفوذها، لن تتخذ أي خطوات لمواصلة العمليات العسكرية المشار إليها في النقطة (1).

(3)- تتخذ كل من جنوب إفريقيا وإسرائيل، وفقا لالتزاماتهما بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، جميع التدابير المعقولة التي في حدود سلطتهما لمنع الإبادة الجماعية فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني.

(4)- فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني، يتعين على إسرائيل، وفقا لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها عدم:

(أ)- قتل أعضاء المجموعة.(ب)- التسبب في ضرر جسدي أو عقلي خطير.(ج)- فرض ظروف معيشية عمدا يقصد بها التدمير المادي كليا أو جزئيا.(د)- فرض تدابير تهدف إلى منع الولادات.

(5)- يجب على إسرائيل التوقف عن اتخاذ جميع التدابير، في حدود سلطتها، وإلغاء الأوامر ذات الصلة والقيود بشأن الشعب الفلسطيني مثل:

(أ)- الطرد والتشريد القسري من منازلهم.

(ب)- الحرمان من الحصول على الغذاء والماء الكافي والوصول إلى المساعدة الإنسانية، وبينها الوقود الكافي والمأوى والملابس والنظافة والصرف الصحي والإمدادات والمساعدة الطبية.

(ج) تدمير الحياة الفلسطينية في غزة.

(6)- تضمن إسرائيل أنها عبر جيشها، وكذلك أي وحدات مسلحة غير نظامية أو أفراد قد يتم توجيههم أو دعمهم أو التأثير عليهم بأي شكل آخر وكذلك أي منظمات وأشخاص قد يخضعون لسلطتها السيطرة أو التوجيه أو التأثير، ألا ترتكب أو تشارك في التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية.

كما تضمن عدم التآمر لارتكاب الإبادة الجماعية، أو محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية، أو التواطؤ في الإبادة الجماعية، وبقدر تورطهم فيها، يجب اتخاذ الخطوات اللازمة لمعاقبتهم عملا بالمواد الأولى والثانية والثالثة والرابعة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

(7)- تتخذ إسرائيل تدابير فعالة لمنع تدمير الأدلة المتعلقة بالادعاءات بارتكاب أفعال ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وضمان الحفاظ عليها.

ولذلك، لن تعمل إسرائيل على منع أو تقييد وصول بعثات تقصي الحقائق والتفويضات الدولية والهيئات الأخرى إلى غزة للمساعدة في ضمان الحفاظ على الأدلة والاحتفاظ بها.

(8)- يجب على إسرائيل أن تقدم تقريرا إلى المحكمة عن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ هذا الأمر (التدبير المؤقت) خلال أسبوع واحد، اعتبارا من تاريخ صدوره، وبعد ذلك على فترات منتظمة كما تأمر المحكمة، حتى إصدار المحكمة القرار النهائي في القضية.

(9)- تمتنع إسرائيل وتضمن عدم اتخاذ أي إجراء قد يؤدي إلى تفاقم النزاع المعروض على المحكمة أو إطالة أمده أو يجعل حله أكثر صعوبة.

 

هل يُتوقع صدور قرار فوري؟

يمكن أن تستمر الإجراءات القانونية لعدة سنوات، ولكن جنوب إفريقيا طلبت أن يتم النظر بشكل مستعجل في "التدابير المؤقتة" التي نصت عليها في طلبها.

وعلى الرغم من أن "التدابير المؤقتة" ملزمة قانونًا، إلا أن الدولة المعنية قد تختار عدم الامتثال لها، كما حدث حين رفضت روسيا في عام 2022 أمرا من محكمة العدل الدولية بوقف عملياتها العسكرية ضد أوكرانيا، التي اتهمت موسكو بارتكاب إبادة جماعية.

 

مَن سيمثل إسرائيل في المحكمة

سيكون الرئيس الأسبق للمحكمة العليا الإٍسرائيلية أهارون باراك ضمن هيئة قضاة المحكمة، فقانون المحكمة يمنح الدولة المدعية وهي جنوب إفريقيا والمدعى عليها وهي إسرائيل حق تعيين قاضٍ لها في المحكمة خلال المداولات.

وقد وكلت إسرائيل الباحث القانوني الدولي البريطاني مالكولم شو لتمثيلها في الدفاع أمام المحكمة.

 

اهتمام إسرائيل بالدفاع عن نفسها أمام المحكمة

أولا، تتمتع محكمة العدل بمكانة دولية، وثانيا، تم صياغة اتفاقية منع الإبادة الجماعية، والتي تستمد المحكمة منها سلطتها للتداول في طلب جنوب إفريقيا، في أعقاب المحرقة (الهولوكوست)، وإسرائيل من الدول الموقعة عليها، ولذلك، لا يمكنها أن تزعم أن المحكمة ليس لها سلطة، كما تردد بشأن المحكمة الجنائية الدولية (في لاهاي أيضًا)، بحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

الصحيفة أضافت أنه "إذا حكمت المحكمة بأن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية، فيكون هذا ذا أثر أخلاقي هائل، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تاريخ الشعب اليهودي، ولذلك، فإن إسرائيل مهتمة بإثبات أن الادعاءات الموجهة ضدها لا أساس لها من الصحة".

 

لا توجد دعاوى سابقة ضد إسرائيل

لم يسبق أن تم تقديم دعاوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.

وفي عام 2004، أصدرت المحكمة رأيا استشاريًا بشأن الجدار العازل، الذي أقامته إسرائيل على أراضي الضفة الغربية المحتلة، حيث قررت عدم قانونيته.

كما طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نهاية عام 2022، من المحكمة رأيًا استشاريًا حول التبعات القانونية "للاحتلال الإسرائيلي والاستيطان والضم"، بما في ذلك الإجراءات الهادفة إلى تغيير التركيبة الديموغرافية ووضع مدينة القدس المحتلة واعتماد تشريعات وإجراءات تمييزية لتكريس هذه السياسة.

ولم تصدر المحكمة بعد رأيها في هذا الطلب الأممي.