امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية بالعديد من الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في "ود مدني" بعد انسحاب الجيش السوداني منها في ظروف غامضة. ونقل نشطاء الكثير من وقائع الاغتصاب الجماعي لفتيات ونساء الولاية وانتشار نصائح استخدام أدوية منع الحمل؛ ما شكل صدمة كبيرة في الأوساط السودانية وغيرها نتيجة تلك الأفعال الشنيعة التي تتم وسط تعتيم إعلامي كامل نتيجة حظر قوات الدعم السريع التقاط أي صورة أو نقل أخبار مما يحدث وإلا فالقتل هو العقوبة السريعة على مخالفة تلك التعليمات.

وفي الأثناء قال الجيش السوداني، إنه فتح تحقيقاً بسبب انسحاب قواته من مواقعها في مدينة ود مدني، الاثنين، وذلك بعدما أعلنت قوات الدعم السريع، سيطرتها على اللواء الأول مشاة التابع في عاصمة ولاية الجزيرة وسط البلاد، داعية سكان الولاية إلى تشكيل لجان مدنية لإدارة ولايتهم.

 

أسباب الانسحاب

وذكرت القوات المسلحة، في بيان عبر فيسبوك، أن "قوات رئاسة الفرقة الأولى من مدني انسحبت، الاثنين.."، مشيرةً إلى أنه "يجري التحقيق في الأسباب والملابسات، التي أدت إلى انسحاب القوات من مواقعها شأن بقية المناطق العسكرية، وسيتم رفع نتائج التحقيق فور الانتهاء منها لجهات الاختصاص، ومن ثم تمليك الحقائق للرأي العام".

في المقابل، أفادت قوات الدعم السريع عبر منصة "X"، بأنها سيطرت على مقر اللواء في مدينة ود مدني، وأصدرت قراراً بتشكيل قوة "لمحاربة الظواهر السلبية في المدينة"، مشيرةً إلى أنها ستعمل مع أهالي ولاية الجزيرة على تأمين فتح الأسواق، والمؤسسات العامة، وتشغيل المستشفيات، والمراكز الصحية، ومحطات المياه والكهرباء.

كما دعت جميع النازحين من الولاية بالعودة إلى ديارهم، مؤكدةً أنها "ستعمل للحفاظ على حمايتهم بما يضمن استقرارهم وتأمين وصول المساعدات الإنسانية بتسهيل دخول المنظمات العاملة في الحقل الإنساني".

وأصدر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، الثلاثاء، قراراً بتكليف "أبو عاقلة كيكل"، بمهام قيادة الفرقة بود مدني بولاية الجزيرة.

وشهدت أحياء مدينة ود مدني مواجهات عنيفة بين الجيش والدعم السريع على مدى الخمسة أيام الماضية، إذ أعلنت الأخيرة أنها عززت وجودها في عدد من مناطق ولاية الجزيرة، وسيطرت على مقر الفرقة الأولى مشاة التابعة للجيش في ود مدني.

 

فرار ربع مليون شخص

وأجبر القتال في المدينة بعض النازحين الذين قدموا إلى مدينة ود مدني على النزوح مجدداً؛ إلى ولايتي سنار في الجنوب الشرقي والقضارف في الشرق.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة، الاثنين، إن ما لا يقل عن 250 إلى 300 ألف شخص فروا من ولاية الجزيرة السودانية منذ 15 ديسمبر، نتيجة الاشتباكات بين الدعم السريع والجيش.

وقال مصعب يسري الذي نزح من الخرطوم إلى ود مدني: "بعد أن هربت بعائلتي من القتال في الخرطوم، ظننت أننا نجونا، لكن الحرب تصر على ملاحقتنا، فهربنا مرة أخرى إلى سنار".

وأضاف لوكالة "أنباء العالم العربي"، أن الآلاف يلجؤون إلى شاحنات البضائع، ويحمل آخرون ما خف وزنه، ويعبرون الطرق مشياً على الأقدام، للتوجه إلى سنار، نظراً لندرة المواصلات وغلاء أسعار التذاكر.

في سياق متصل حذَر برنامج الأغذية العالمي، من أن ملايين السودانيين مهددون بالانزلاق إلى "كارثة جوع" ما لم يتم تقديم مساعدات غذائية منتظمة لهم.