يعد الملح ضروريًا للحياة، وجسم الإنسان يحتاج إلى الصوديوم بشكل خاص لأداء مهام مختلفة، مثل تنظيم توازن الماء بالجسم، وضمان عمل الأعصاب والعضلات، وتعزيز الهضم، لذا فإن تناول الملح باعتدال هو أمر صحي.

وكشفت دراسة طبية حديثة أن خفض الحصة اليومية من ملح الطعام (الصوديوم) بمقدار ملعقة صغيرة قد يخفض نسبة ضغط الدم بنفس القدر الذي يفعله تعاطي دواء ارتفاع ضغط الدم، كما يمكن خفضه أيضًا للأشخاص الذين لا يتعاطون أدوية.

 

الاستغناء عن دواء ارتفاع ضغط الدم

وأشارت الدراسة، التي أجراها باحثون في كلية فاينبرف للطب بجامعة نورث ويسترن، وجامعة ألاباما، ونشرت في مجلة "جاما" إلى أن هذا الانخفاض حدث بصرف النظر عن حالة ارتفاع ضغط الدم للمشاركين، أو استخدام الأدوية الخافضة للضغط.

وشارك في البحث 213 شخصًا، بعمر 50 إلى 75 عامًا، خضعوا لنظام غذائي منخفض في الصوديوم لمدة أسبوع.

وقال الباحث الرئيس المشارك في الدراسة، ديباك غوبتا، أستاذ الطب بكلية فاينبرف للطب إن المشاركين خفضوا حصة الملح بحوالي ملعقة صغيرة يوميًا مقارنة بنظامهم الغذائي المعتاد، وكانت النتيجة انخفاضًا في ضغط الدم الانقباضي بنحو 6 ملليمترات، وهو ما يشبه التأثير الناتج عن دواء ارتفاع ضغط الدم.

 

خفض ضغط الدم

وقالت الباحثة الرئيسة في الدراسة، نورينا ألين، أستاذة الطب الوقائي في كلية فاينبرف للطب: "هذه أول دراسة تظهر أن الأشخاص الذين يتناولون أدوية ضغط الدم بالفعل، يمكنهم خفض ضغط الدم لديهم بشكل أكبر عن طريق الحد من الصوديوم".

وأشارت الباحثة أيضًا إلى أن النتائج بينت أن ما بين 70 إلى 75 في المئة من المشاركين، بغض النظر عما إذا كانوا يتناولون أدوية ضغط الدم بالفعل أم لا، انخفض ضغط الدم لديهم مع خفض نسبة الصوديوم في نظامهم الغذائي".

وقال الدكتور أندرو فريمان، أستاذ أمراض القلب والأوعية الدموية في دنفر، الذي لم يشارك في الدراسة: "قد تبدو ملعقة صغيرة من الملح كمية صغيرة. ومع ذلك، يبدو أن الملح المضاف له تأثير على ضغط الدم بشكل كبير"، وفق تصريحاته لـ"سي إن إن".

وملعقة صغيرة من الملح تساوي 2300 ملليجرام وهو الحد الأعلى للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 14 عامًا الذي تنصح بها السلطات الصحية الأمريكية، ومع ذلك، توصي جمعية القلب الأمريكية باتباع نظام غذائي يحتوي على أقل من 1500 ملليجرام من الصوديوم يوميًا.

 

أمراض قاتلة

وتقول منظمة الصحة العالمية إن تناول كميات كبيرة من الملح أحد العوامل التي تؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بالمرض القلبي الوعائي والسكتة الدماغية.

وتُظهر بيانات أن متوسط استهلاك الملح في معظم بلدان الشرق الأوسط يبلغ حوالي 10 جرامات للفرد يوميًا، وهو أكثر من ضِعف الكمية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية.

والملح موجود في كل شيء نأكله تقريبًا، إما بسبب وجود مستويات عالية منه في معظم الأطعمة المصنعة والجاهزة، أو لأننا نضيفه عندما نحضر الطعام.

 

المرض القلبي الوعائي

ويمكن لتقليل استهلاك الملح إلى أقل من 5 جرامات للشخص الواحد في اليوم أن يقي من المرض القلبي الوعائي، الذي يعتبر القاتل رقم واحد في العالم، وفق المنظمة التابعة للأمم المتحدة، فهذا المرض مسؤول عن 17.3 مليون حالة وفاة مبكرة في العالم، ويتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 23 مليونا بحلول عام 2030.

وفي إقليم شرق المتوسط يعتبر المرض القلبي الوعائي، الذي يشمل مرض القلب والسكتة الدماغية، سببًا رئيسا للعجز والوفاة المبكرة.

وحذرت المنظمة في سبتمبر الماضي من أن نحو 4 من كل 5 أشخاص يعانون من ارتفاع ضغط الدم لا يتلقون علاجًا كافيًا، وإنه يمكن في المقابل تجنب حدوث 76 مليون حالة وفاة بين عامي 2023 و2050 إذا تسنى للبلدان توسيع نطاق التغطية بالعلاج.