كما تؤثر الكوارث والزلازل على اقتصاديات الدول، فإن حرب غزة التي يشنها الاحتلال الصهيوني منذ 7 من أكتوبر الماضي، ولمدة 33 يومًا على التوالي، تؤثر لا محالة على اقتصاديات القطاع في الزراعة والصناعة والتجارة وكل مناحي الحياة.

وللحروب آثار باقية لا تزول بزوال الحرب، وإنما تمتد آثارها كما تمتد آثار الهزات الارتدادية للزلازل، من تدميرٍ بالبنية التحتية وإزهاقٍ للأرواح، وتدميرٍ للاقتصاد؛ فتقصف البيوت والأسواق والمخازن بتنوعاتها، وتلحق ضررًا بالغًا بالطرق ومساراتها وتنوعاتها؛ فتكاد تتوقف الحركة، إضافة إلى تعطل عمل كافة المؤسسات الإنتاجية وخروج المؤسسات الخدمية وخاصةً الصحية منها عن العمل.

ورغم أن إسرائيل شنت الحرب على قطاع غزة، فإن الضفة الغربية المحتلة تعيش أيضًا توترًا واقتحامات ينفذها الجيش الإسرائيلي، أسفرت عن مقتل 153 فلسطينيًا وإصابة 2200 بجروح منذ 7 أكتوبر الجاري.

وحتى اليوم، لم تصدر أي من المؤسسات الرسمية أو البحثية أية خسائر أولية لقطاع غزة، بسبب صعوبة إحصائها مع استمرار القصف الإسرائيلي.

لكن قبل الحرب، كانت نسبة البطالة في غزة تبلغ 46%، بينما 80% من السكان يتلقون مساعدات إنسانية، فيما لم يتم إعادة بناء 80% من المباني التي دمرت في حرب عام 2014 حتى عشية الحرب الأخيرة قبل شهر من الآن.

وتناول تقرير وكالة "الأناضول" آثار الحرب الصهيونية على قطاع غزة والفاتورة الاقتصادية التي سيدفعها القطاع بجميع سكانه، وبالرغم من أنها فاتورة باهظة إلا أنها لا تساوي شيئًا في سبيل التحرر وهزيمة الكيان الصهيوني وطرده من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي التقرير التالي، نقدم أبرز التأثيرات التي تعرض لها الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة:

ارتفاع نسب البطالة في غزّة إلى أكثر من 50% ومعدلات الفقر تُسجل أرقاماً  قياسية - وكالة خبر الفلسطينية للصحافة

 

بورصة فلسطين

كانت بورصة فلسطين أول ما تأثر به الاقتصاد المحلي بسبب اندلاع الحرب، إذ سجلت تراجعات في معظم الجلسات من 7 أكتوبر، وهبط مؤشرها الرئيس "مؤشر القدس" لأدنى مستوى منذ سبتمبر 2021 في جلسة 17 أكتوبر.

ولاحقًا، بدأ المؤشر يصعد تدريجيًا، مع إعلان البورصة وهيئة سوق رأس المال الفلسطينية، عن تدابير جديدة تحافظ على الأسهم وقيمتها السوقية، وتحفيز السيولة في السوق المالية.

وفي 29 من أكتوبر الماضي، أصدر مجلس إدارة هيئة سوق رأس المال الفلسطينية قرارًا تنظيميًا ولمدة ثلاثة أشهر، يسمح للشركات المساهمة العامة المدرجة شراء أسهمها دون اشتراط عقد وموافقة الهيئة العامة غير العادية.

وتضمن القرار المذكور قيام الشركات المساهمة العامة المدرجة والتي ترغب في شراء أسهمها بشكل مباشر بتقديم طلب إلى هيئة سوق رأس المال الفلسطينية للحصول على موافقتها بعد التحقق من الالتزام بالمتطلبات القانونية.

ويهدف القرار إلى تعزيز واستقرار أسعار الأوراق المالية المدرجة في بورصة فلسطين، في ضوء الأحداث والتطورات الأخيرة التي طرأت على قطاع الأوراق المالية الفلسطيني.

ومنذ جلسة 5 أكتوبر وحتى نهاية جلسة 5 نوفمبر الجاري، تراجع مؤشر القدس بنسبة 8.5% وفق مسح أجرته للأناضول للبيانات الرسمية.

بورصة فلسطين الماليّة تربح رغم الأوضاع الاقتصاديّة المتردّية - Al-Monitor:  Independent, trusted coverage of the Middle East

 

140 ألف عامل

تظهر بيانات الإحصاء الفلسطيني أن هناك قرابة 140 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية يعمل في إسرائيل، إلى جانب 18.500 عامل من قطاع غزة.

اليوم، يلتزم معظم هؤلاء العمال منازلهم، بسبب تعليق غالبية الأنشطة الاقتصادية في إسرائيل، باستثناء قطاعي الزراعة والأغذية.

وتبلغ فاتورة أجور هؤلاء العمال قرابة 1.5 مليار شيكل (397 مليون دولار) شهريًا، معظمها يتم ضخه في أسواق الضفة الغربية، على شكل قوة شرائية واستهلاكية.

وخلال شهر الحرب، فقدت السوق الفلسطينية هذه القوة الشرائية، بسبب تعطل العمال الفلسطينيين، بينما ينقسم عمال غزة بين جزء في قطاع غزة، والجزء الآخر وصل إلى الضفة الغربية في الأيام الأولى للحرب.

لكن بالمجمل، ورغم عدم إصدار أية إحصاءات رسمية، فإن القوة الشرائية في الضفة الغربية تأثرت بشكل عام، فيما أغلقت غالبية المطاعم أبوابها بسبب غياب الزبائن طيلة أيام الحرب القائمة.

حكومة إسرائيل تصوت قريبا لزيادة عدد العمال الفلسطينيين | سكاي نيوز عربية

 

القطاع المصرفي

وأصدرت سلطة النقد الفلسطينية، في 25 أكتوبر تعليمات للمصارف العاملة في السوق المحلية، للتعامل مع التبعات النقدية للحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة.

أهم ما ورد في التعليمات الجديدة، مرتبطة بالمقترضين من قطاع غزة، والتي نصت على تأجيل أقساط القروض إلى نهاية يناير 2024.

وقالت مصادر للأناضول، إن هناك مخاوف بشأن الإقراض المصرفي الموجه للعملاء في قطاع غزة، إذا بلغت قيمة القروض المقدمة للأفراد والشركات في القطاع 923 مليون دولار حتى نهاية سبتمبر الماضي.

 

أموال المقاصة

ودخلت أموال الضرائب الفلسطينية "المقاصة" إلى أجواء الحرب، مع خروج عدة تصريحات بشأنها.

ففي 30 أكتوبر الماضي، وجه وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بتجميد أموال المقاصة الفلسطينية، بسبب ما وصفه عدم إدانة السلطة عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة.

وتقوم إسرائيل بجمع الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية مقابل واردات الفلسطينيين على السلع المستوردة، وتحول الأموال إليها شهريًا، بمتوسط 750 مليون شيكل (190 مليون دولار).

إلا أن وزير الدفاع، يؤاف غالانت، أمر بتحويل الأموال منقوص منها ما تحوله الحكومة الفلسطينية إلى قطاع غزة، كعقاب لسكان القطاع.

إلا أن السلطة الفلسطينية رفضت، الأحد الماضي، تسلم أموال الضرائب (المقاصة) من الجانب الإسرائيلي، بعد إعلان تل أبيب تحويلها، بعد خصم مبالغ كانت توجه سابقًا لقطاع غزة، بحسب مصادر حكومية.

وذكرت المصادر أن "قرارًا رئاسيًا صدر بعدم تسلم أموال المقاصة منقوصة، لأن قرار خصم أموال تذهب لغزة يعني تعزيز فصل الضفة الغربية عن القطاع".