من البديهي أن قادة كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، افترضوا غزوًا بريًا إسرائيليًا كاسحًا لقطاع غزة، عندما شرعوا في التخطيط لهجوم السابع من أكتوبر.

إذن، فماذا أعدّوا لمواجهته، وإلى أي مدى يمكن لإسرائيل تحقيق أهدافها من غزو القطاع؟

أبرز المخاطر التي تواجه الهجوم البري، تتمثل في:

المخاطرة الأولى، أن العملية قد تُدخل إسرائيل في أشهر من القتال الدامي في المناطق الحضرية، سواءً فوق الأرض أو في الأنفاق، وهو ما حاولت إسرائيل تجنّبه لفترة طويلة، وفقًا لـ"إرم نيوز".

أما المخاطرة الثانية، فتكمن في أن عشرات الآلاف من مسلّحي "حماس" قد تحصَّنوا داخل مئات الأميال من الأنفاق والمخابئ، تحت مدينة غزة والأجزاء المحيطة بها في الشمال، ويتوقع القادة العسكريون الإسرائيليون أن تحاول الحركة عرقلة تقدمهم من خلال تفجير بعض هذه الأنفاق مع تقدم الإسرائيليين فوقها، ومن خلال تفجير القنابل المزروعة على جوانب الطرق، وتفخيخ المباني.

كما أن هناك مخاطرة ثالثة، كشف عنها ضابط في "حماس" لصحيفة "نيويورك تايمز"، حيث تخطط الحركة لنصب كمين للقوات الإسرائيلية من الخلف عبر الخروج فجأة من فتحات الأنفاق المخفية المنتشرة في شمال غزة، وبالتالي ستكون القوات الإسرائيلية وكأنها محاصرة بين مسلّحي حماس من جهتين.

المخاطرة الأبرز، والتي تحاول إسرائيل التغلب عليها قبل شن الهجوم البري، تتمثل في الأسرى الإسرائيليين، والأجانب الموجودين لدى "حماس"، والمقدَّر عددهم بحوالي 250 أسيرًا، وهم من تعتبرهم "حماس" ورقة الضغط القوية بيدها، ومن ثم لن تفرّط فيها بسهولة.

مخاطرة خامسة، غير مأمونة العواقب، فالشواهد تؤكد أن قوات حزب الله، المتمركزة في الجنوب اللبناني، لن تقف صامتة أمام الغزو البري، خاصة وهي تمتلك مجموعة واسعة من الصواريخ الموجَّهة بدقة والقوات البرية، ووقتها سيكون على الجيش الإسرائيلي مواجهة هجوم ضارٍ من جبهة جديدة.

وأمام هذه التحديدات الصعبة، فقد بدأت إسرائيل التمهيد للغزو قبل انطلاقه، حيث تكثّف غاراتها على غزة، لإضعاف حماس أولًا، ولدفع السكان إلى النزوح من شمال القطاع باتجاه الجنوب، حتى تتمكن من استخدام القوة الجوية والمدفعية، بكفاءة لتدمير مواقع "حماس" الدفاعية وقدراتها الهجومية، وهو ما تسعى "حماس" إلى منع حدوثه، وإثناء السكان عن النزوح.

ورغم كل هذه الاستعدادات المكثفة تبقى الشكوك حاضرة حول مدى نجاح الجيش الصهيوني في تحقيق أهدافه كاملة، ومن بينها التخلص من القيادات العسكرية والسياسية التابعة لحماس، والذين يصفهم القادة الإسرائيليون ضمن حروب التصريحات الضارية، بـ "موتى يمشون على الأرض"، كما أنه وفقًا لما أظهرته الحركة من قوة وبأس، فمن المرجح أن تكون تكلفة الغزو البري في صفوف الجيش الصهيوني ضخمة، ووقتها، سيتساءل الجميع: من الذي فاز حقًا في هذه الحرب؟