استيقظ حوالي 1.1 مليون من سكان شمال قطاع غزة صباح الجمعة الماضية على تحذير من الجيش الإسرائيلي يأمرهم بمغادرة منازلهم والانتقال إلى الجزء الجنوبي من القطاع الساحلي المحاصر. وقد تسبب هذا الإعلان في حالة من الذعر وعدم اليقين بين السكان. واعتبر البعض ذلك أسلوبا من أساليب الحرب النفسية، بينما فر آخرون من منازلهم خوفًا على سلامتهم.

ونشر هذا التحذير المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية "أفيخاي أدرعي"، على موقع فيسبوك: " لن يسمح بالعودة الى مدينة غزة الّا بعد صدور بيانًا يسمح ذلك. ممنوع الاقتراب من منطقة السياج مع دولة إسرائيل". 

وانتشرت مقاطع فيديو لأفراد يهرعون جنوبًا سيرًا على الأقدام أو بالسيارة أو العربة على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي. وأعرب بعض سكان غزة عن إصرارهم على البقاء في منازلهم وتحدي التوجيهات الإسرائيلية.

 

مخاوف عام 1948

ونقل موقع "المونيتور" عن "نعمة حازم"، إن عائلتها ترددت في البداية في الإخلاء، لاعتقادهم أن الجيش الإسرائيلي ينوي إحداث تهجير آخر مثل الذي حدث في عام 1948: خلال تلك الحرب، تم توجيه تحذيرات للفلسطينيين لمغادرة بعض البلدات، مما سهل التقدم العسكري الإسرائيلي في تلك المدن والمناطق.

ومع ذلك، بعد تلقي العديد من المكالمات من أقاربهم لحثهم على إعطاء الأولوية لسلامتهم، قرروا المغادرة إلى منزل أحد أصدقاء والدها.

قالت "حازم" للمونيتور في مقابلة عبر الهاتف: "لا أستطيع أن أنقل بشكل كافٍ تجربة السفر المخيفة جنوبًا. إن رؤية عدد كبير من الأشخاص والأطفال يركضون للهرب من التهديد بالقتل كانت لحظة صعبة ومروعة للغاية".

عند وصولها إلى المنزل المخصص لها ولعائلتها، بدأت "حازم" تتساءل عما إذا كانوا قد اتخذوا القرار الصحيح. وقالت: "المنزل مزدحم بشكل لا يصدق، والعديد من الأطفال يذرفون الدموع. نحن ننام على الأرض. أشعر بالأسف لعدم بقائي في المنزل، حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة بحياتي. أشعر بالإهانة الشديدة هنا".

وفي الوقت نفسه، دعت حماس سكان غزة إلى البقاء في منازلهم وعدم الاستماع لأوامر إسرائيل. وقال "إياد البزم"، الناطق باسم وزارة الداخلية في حكومة حماس في غزة، في مؤتمر صحفي يوم الجمعة: "نقول لأهل شمال غزة ومدينة غزة: ابقوا في بيوتكم وأماكنكم. الاحتلال يريد من خلال تهجيرنا مرة أخرى من أرضنا بارتكابه مجازر بحق المدنيين".

وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي "دانييل هاجاري"، يوم الجمعة، أن الجيش الإسرائيلي شن غارات في مدينة غزة بحثا عن المفقودين الإسرائيليين. 

منذ أن بدأت المعركة عبر الحدود يوم السبت الماضي، قتلت الطائرات الحربية الإسرائيلية أكثر من 2200 فلسطيني، من بينهم 724 طفلا، وأصيب ما يقرب من 10 آلاف. وفي إسرائيل ارتفع عدد القتلى إلى 1300.

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي "يوآف جالانت" يوم الاثنين فرض حصار "كامل" على قطاع غزة في إطار جهود إسرائيل لمحاربة حركة حماس، قائلًا: "لقد أمرت بفرض حصار كامل على قطاع غزة. لن يكون هناك كهرباء ولا طعام ولا وقود. كل شيء مغلق".

وأفاد "المونيتورؤ توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة عن العمل بسبب الحظر على واردات الوقود. وقد تدهور الوضع الإنساني المتردي بالفعل في القطاع منذ ذلك الحين. وقد أدى القصف المستمر إلى الحد بشدة من إمكانية حصول الناس على المياه النظيفة التي يشترونها عادة من الأسواق، لأن مياه الصنبور غير صالحة للشرب.

وقد أدى انقطاع التيار الكهربائي إلى تعطيل عمل المستشفيات بشكل كبير، والتي تعتمد على المولدات التي تحتاج إلى الوقود لمواصلة عملها. وأكدت وزارة الصحة في غزة فقدان 10 من أفراد الطواقم الطبية التابعة لها، في حين تم استهداف 14 منشأة للرعاية الصحية، بما في ذلك سيارات الإسعاف.

 

 السلامة غير مضمونة

 وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود، الجمعة، أن إسرائيل منحت مستشفى العودة في شمال غزة ساعتين فقط للإخلاء، بينما كان لا يزال يعالج المرضى. 

ومع فرار سكان غزة من منازلهم يوم السبت باتجاه المدن الجنوبية، ورد أن إسرائيل قصفت قافلة. وقال المتحدث باسم حماس "سلامة معروف"، في بيان صحفي، إن “سبعين شخصا استشهدوا، وأصيب أكثر من 200 آخرين. ونفت إسرائيل ضرب المنطقة.

 لقد ألحق تدمير البنية التحتية ضررًا كبيرًا بقطاع الاتصالات في غزة. حذرت شركة بالتل، أكبر مشغل اتصالات في الأراضي الفلسطينية، من أنه في حالة تعرض المزيد من الخطوط للتلف، فقد يؤدي ذلك إلى انقطاع كامل للتيار الكهربائي.

وتعيش "منال العشي" في مدينة غزة، حيث تستضيف أكثر من 30 من أقاربها الذين لجأوا إلى منزلها في بداية الحرب. وقالت إن أياً من أفراد عائلتها لا يرغب في المغادرة. وأوضحت: "لا يمكننا المخاطرة بالخروج في مثل هذا الوضع الخطير. لدينا أطفال يقيمون معنا".

وقالت "العشي" للمونيتو، إنها حتى لو أرادت المغادرة، فليس لديها أي أقارب أو أصدقاء يعيشون في الجنوب.

وتابعت: "أفضل أن أموت دافئة في سريري محاطة بأطفالي، وألا أكون مشردة أو نازحة".

https://www.al-monitor.com/originals/2023/10/gaza-residents-tell-stories-pain-and-fear-they-flee-israeli-bombardment#ixzz8GKSDKZAR